عشائر تتفاوض على تسليم «داعش» معبر طريبيل مع الأردن

سقوط تلعفر بيد المسلحين.. ومتحدث عسكري يتهم التنظيم بارتكاب «مجازر» بحق جنود ومدنيين

مدفعية الجيش العراقي تقصف مواقع لمسلحي «داعش» في ناحية العظيم بمحافظة ديالى أول من أمس (رويترز)
مدفعية الجيش العراقي تقصف مواقع لمسلحي «داعش» في ناحية العظيم بمحافظة ديالى أول من أمس (رويترز)
TT

عشائر تتفاوض على تسليم «داعش» معبر طريبيل مع الأردن

مدفعية الجيش العراقي تقصف مواقع لمسلحي «داعش» في ناحية العظيم بمحافظة ديالى أول من أمس (رويترز)
مدفعية الجيش العراقي تقصف مواقع لمسلحي «داعش» في ناحية العظيم بمحافظة ديالى أول من أمس (رويترز)

قالت مصادر استخباراتية عراقية وأردنية بأن عشائر عراقية سيطرت على معبر حدودي بين العراق والأردن الليلة قبل الماضية بعد انسحاب الجيش العراقي من المنطقة عقب اشتباكات مع متشددين مسلحين.
وذكرت المصادر لوكالة رويترز أن المسؤولين عن إدارة معبر طريبيل تولوا إدارته استجابة لأوامر مقاتلي عشائر سنية في محافظة الأنبار بغرب العراق. وورد أن زعماء العشائر يتفاوضون على تسليم المعبر لمقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) الذي استولى على معبرين رئيسيين مع سوريا في مطلع الأسبوع، هما القائم والوليد، ويتقدم نحو بغداد. وتسيطر القوات الكردية على معبر ثالث مع سوريا في الشمال ليختفي أي وجود للقوات الحكومية على الحدود الغربية الممتدة لمسافة 800 كيلومتر والتي تضم بعضا من أهم طرق التجارة في الشرق الأوسط. وبالنسبة للمسلحين فإن السيطرة على الحدود تعد خطوة مهمة نحو هدف إزالة حدود الحديثة كلية وإقامة خلافة على جانبي الحدود السورية.
من جهته، أعلن قائمقام حديثة في محافظة الأنبار عن نشر أكثر من 500 مقاتل من أبناء العشائر لمساندة القوات الأمنية في القضاء. وفي هذا السياق أكد الشيخ عبد الله الحديثي أحد شيوخ حديثة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الوضع في حديثة لا يزال مثلما هو عليه حيث لم يتمكن المسلحون من دخول القضاء برغم تهديدات المسلحين باقتحامه»، مبينا أن «العشائر سواء داخل حديثة أو المحيطة بها وأبرزها الجغايفة داخل المدينة والبو نمر في ناحية بروانة على الجانب الأيسر من الفرات لن تسلم المدينة للغرباء مهما كانت الأسباب وأيا كان خلافنا مع الحكومة المركزية التي كان لتجاهلها المطالب المشروعة للناس في هذه المناطق بل وكل المحافظات الغربية سببا رئيسيا في توغل هذه الجماعات والعناصر إلى هذه المناطق». وكشف الحديثي عن أن «المباحثات بين الطرفين فشلت، لكن المسلحين أمهلوا العشائر يومين لتسليم المدينة أو دخولها عنوة الأمر الذي أدى بالعشائر إلى التأهب ومساندة القوات الأمنية في صد المسلحين فيما لو حاولوا اقتحام المدينة».
في غضون ذلك، أرسلت الحكومة المزيد من التعزيزات العسكرية باتجاه سد حديثة للحيلولة دون وقوعه تحت سيطرة المسلحين. وحديثة هي المدينة الثالثة من مدن أعالي الفرات التي تحاصرها داعش والتي في حال تمكنت من اقتحامها فإنه لم يعد يفصلها عن ربط كامل حلقات السلسلة في محافظة الأنبار وصولا إلى مدينة الرمادي (مركز المحافظة) سوى قاعدة البغدادي (عين الأسد) ومدينة هيت. لكن الشيخ غسان العيثاوي أحد الشيوخ ورجال الدين في محافظة الأنبار استبعد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» حصول ذلك قائلا إن «الرمادي مسيطر عليها حتى الآن من قبل القوات الأمنية ومساندة العشائر ومن غير المتوقع حصول ما يخالف ذلك لأن (داعش) حاولوا طوال الشهور الستة الماضية عمل اختراق باتجاه الرمادي ولم يتمكنوا باستثناء أطرافها التي لا تزال مسرحا لعمليات كر وفر» مبينا أن «مسلحي (داعش) لن يتمكنوا من اجتياز حاجز حديثة وذلك لقوة الموقف العشائري هناك فضلا عن الاستعدادات في المناطق التالية لا سيما أن ما حصل في مناطق راوة وعانة لم يكن سيطرة لداعش بالكامل بل إنه بانسحاب الجيش تم التفاهم مع أبناء العشائر حول إدارة هذه المدن وبخاصة راوة التي تحكم العشائر سيطرتها عليها حتى الآن». وفي الشمال، أعلن مسؤول عراقي في قضاء تلعفر وشهود عيان أن المسلحين سيطروا أمس على القضاء الاستراتيجي، فيما أكدت السلطات الأمنية أن القوات العراقية صامدة و«تقاتل بشجاعة». وقال المسؤول في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية بأن «تلعفر (...) أصبح تحت سيطرة المسلحين»، مضيفا أن غالبية السكان وعددهم نحو 400 ألف شخص معظمهم من التركمان الشيعة غادروا القضاء نحو مناطق مجاورة. وأكد شهود عيان أن المسلحين يفرضون سيطرتهم على قضاء تلعفر (380 كلم شمال بغداد) الاستراتيجي القريب من الحدود العراقية مع تركيا وسوريا.
بدوره، أكد الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية الفريق قاسم عطا أن عمليات الانسحاب التي تنفذها القطعات العسكرية في بعض قواطع العمليات إنما هي لأغراض إعادة الانتشار، مبينا في مؤتمر صحافي عقده أمس في بغداد أن القوات العراقية هي «في معركة يكون فيها كر وفر». وبينما عد عطا أن «قضاء تلعفر تشن عليه هجمات من مختلف الجهات وهي منطقة ضعيفة ومحاطة بدرجة 360 من العدو، والخيارات بهذا الموقف مفتوحة للقيادات العسكرية، وحتى لو كان هناك انسحاب فإنه لا يعد هزيمة بل هي خطط عسكرية كما أن انسحاب أي قطعات يأتي بأوامر» فإن العمليات في الجبهة الشمالية الغربية وبالذات في محافظتي صلاح الدين والأنبار بدأت تشهد تطورات إيجابية. فمن جهة تمكنت القوات العراقية من إعادة السيطرة على ناحية العظيم وفتح الطريق المؤدي بين بغداد من جهة وكركوك وديالى من جهة أخرى. كما أن القوات الأمنية المكلفة بحماية مصفى بيجي، وطبقا لما أعلنه عطا : «أحبطت هجوما لعصابات (داعش)».
كما أعلن عطا الاثنين أن تنظيم «داعش» قام بذبح وشنق «مئات الجنود» العراقيين خلال الهجوم الذي يشنه في مناطق مختلفة في العراق. وأضاف أن «مئات الجنود ذبحوا وشنقوا ومثل بجثثهم في صلاح الدين ونينوى وديالى وكركوك والمناطق التي يتواجد فيها الإرهابيون». وقال: إن «المجازر» التي ارتكبها هذا التنظيم شملت أيضا مئات المدنيين.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.