تركيا: الحرب بين أميركا وروسيا في سوريا «كلامية»

TT

تركيا: الحرب بين أميركا وروسيا في سوريا «كلامية»

اعتبرت تركيا أن الحرب بين الولايات المتحدة وروسيا بسبب استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية، هي «حرب كلامية» بالدرجة الأولى، وتشكل الجزء الناقص من الحرب الباردة التي تركت كثيراً من الملفات العالقة.
وأكدت أنقرة وجود أدلة قوية على مسؤولية نظام بشار الأسد عن الهجوم الكيماوي الذي استهدف مدينة دوما بالغوطة الشرقية في السابع من أبريل (نيسان) الحالي. وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن النظام السوري سبق أن استخدم ذلك النوع من الأسلحة في هجوم مماثل عام 2013، دون أن يتلقى رداً رادعاً. وأضاف كالين، في مقال بصحيفة «صباح» التركية، أمس، «هذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها النظام أسلحة كيماوية ضد شعبه، وعندما استخدمها قبل ذلك، وضع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما خطاً أحمر، لكن فعلياً لم يحرك ساكناً لمساءلة النظام وضمان عدم تكرار هذه الأعمال الوحشية».
ولفت كالين إلى أن إخفاق أوباما في هذا الجانب منح روسيا وإيران الفرصة لدخول خضم الفوضى في سوريا بكامل قوتهما، وإعطاء نظام الأسد شريان حياة جديداً عندما كان على وشك الانهيار. وشدد على ضرورة محاسبة نظام الأسد على الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب، وتدمير قدراته الكيماوية وغيرها من القدرات القاتلة، مشيراً إلى أن إدارة ترمب لم تتخذ قراراً بشأن كيفية الرد، وأن تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا لا يعني أن يدخل البلدان في حرب عالمية من أجل سوريا التي يستخدمها الطرفان من أجل مصالحهما الجيوسياسية، ومن غير المحتمل أن يتغير هذا الموقف في الوقت الراهن.
وقال كالين إن روسيا نفسها، التي خسرت جراء عدم توازن القوة في حقبة ما بعد الحرب الباردة، تريد أن تغير موازين القوى لصالحها، وليست سوريا سوى مجرد مسرح لهذه المعركة الأوسع.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد رحب بالضربات العسكرية ضد النظام السوري، معتبراً أنها «عملية صائبة».
وتبادل إردوغان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مساء أول من أمس، وجهات النظر حول الضربة العسكرية الأميركية البريطانية الفرنسية ضد النظام السوري. وقالت مصادر في الرئاسة التركية، إن إردوغان عبر عن إدانة بلاده بشدة لاستخدام الأسلحة الكيميائية، داعياً إلى عدم تصعيد التوتر في المنطقة أكثر. وأكد الرئيسان تصميمهما على مواصلة بذل الجهود المشتركة لخفض التوتر الميداني في سوريا، وإيجاد حل سياسي للأزمة.
كما بحث إردوغان ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون الضربة العسكرية الثلاثية خلال اتصال هاتفي بينهما أول من أمس.
في سياق متصل، اعتبر رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أن الضربة العسكرية الثلاثية ضدّ مواقع النظام السوري كانت إيجابية، رغم تأخرها. وانتقد يلدريم، في كلمة في تجمع لحزب العدالة والتنمية الحاكم في إسطنبول، أمس، الدول الثلاث التي نفذت الضربة العسكرية ضد مواقع النظام السوري (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا)، قائلاً إنها لم تحرك ساكناً حيال المجازر التي وقعت في سوريا، إلى حين استخدام السلاح الكيماوي الأخير.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.