بابا الأقباط يطمئن الرئيس البرتغالي على أوضاعهم في مصر

دي سوازا زار الكنيسة البطرسية ووضع الزهور أمام مزار ضحايا «داعش»

البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية لدى استقباله الرئيس البرتغالي مارسيلو دي سوازا في الكاتدرائية المرقسية بضاحية العباسية (شرق القاهرة) أمس  (إ. ب. أ)
البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية لدى استقباله الرئيس البرتغالي مارسيلو دي سوازا في الكاتدرائية المرقسية بضاحية العباسية (شرق القاهرة) أمس (إ. ب. أ)
TT

بابا الأقباط يطمئن الرئيس البرتغالي على أوضاعهم في مصر

البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية لدى استقباله الرئيس البرتغالي مارسيلو دي سوازا في الكاتدرائية المرقسية بضاحية العباسية (شرق القاهرة) أمس  (إ. ب. أ)
البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية لدى استقباله الرئيس البرتغالي مارسيلو دي سوازا في الكاتدرائية المرقسية بضاحية العباسية (شرق القاهرة) أمس (إ. ب. أ)

طمأن البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الرئيس البرتغالي مارسيلو دي سوازا على أوضاع الأقباط في مصر، وقال أمس: «أكدت للرئيس البرتغالي تحسن أوضاع الأقباط تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي للبلاد، نظرا لاهتمام الرئيس بمبدأ المساواة وتطبيق الدستور»، مضيفاً: عددت له مظاهر ذلك عبر التواجد القبطي الكبير في مجلس النواب (البرلمان)، وافتتاح مقر كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة.
وزار الرئيس البرتغالي المقر البابوي بالكاتدرائية المرقسية بضاحية العباسية (شرق القاهرة) أمس، كما زار الكنيسة البطرسية الملاصقة للكاتدرائية، ووضع أكاليل من الزهور أمام مزار ضحايا تنظيم داعش بالبطرسية.
وتبنى تنظيم داعش الإرهابي تفجير الكنيسة البطرسية، الملحقة بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس في ديسمبر (كانون الأول) 2016. في حادث أوقع 28 قتيلا. أعقبه نشر فيديو هدد فيه التنظيم باستهداف المسيحيين.
وقبل الرئيس البرتغالي الطفلة سوزانا القمص بولس، نجلة كاهن الكنيسة البطرسية الناجية من حادث تفجير «داعش»... وشهد المقر البابوي أمس تشديدات أمنية كبيرة، وفرضت قوات الأمن طوقا في محيط الكاتدرائية، ووضعت الحواجز الحديدية، واستعانت بأجهزة كشف المعادن في مسح الكاتدرائية ومحيطها، ومنعت دخول السيارات أو الوقوف بجوارها، مع التأكد من هوية كل الأشخاص الداخلين للكاتدرائية.
من جهته، أكد البابا تواضروس في تصريحات للصحافيين أمس، أنه شرح للرئيس البرتغالي أسرار الكنيسة السبعة، والنظام الكنسي في مصر، نظرا لاطلاع الرئيس على التاريخ بشكل جيد، لافتا إلى أنه محب للحضارة المصرية. موضحا أن الرئيس البرتغالي وجه إليه الدعوة لزيارة البرتغال.... وبدوري دعوته لتكرار زيارة مصر والأديرة المسيحية، للتعرف على الحياة الرهبانية عن قرب.
شارك في استقبال رئيس البرتغال أمس، الأنبا مكاري الأسقف العام لكنائس شبرا الجنوبية، والأنبا يوليوس الأسقف العام لكنائس مصر القديمة، وأسقفية الخدمات العامة والاجتماعية، والأنبا أكليمندس الأسقف العام لكنائس ألماظة والهجانة وشرق مدينة نصر، والقمص سرجيوس وكيل عام البطريركية بالقاهرة، والقس أنجيلوس إسحاق، والقس أمونيوس عادل من سكرتارية البابا، والدكتور هاني كميل مدير الديوان البابوي، وبربارة سليمان مدير المكتب البابوي للمشروعات.
وشهد العام الماضي أسوأ اعتداءات ضد الأقباط منذ سنوات، عقب وقوع اعتداءين داميين استهدفا كنيسة «مار جرجس» في مدينة طنطا الواقعة في وسط دلتا النيل، والكنيسة «المرقسية» في الإسكندرية، وأسفرا عن مقتل ما لا يقل عن 45 شخصا وإصابة 112 بجروح، وتبنى «داعش» الهجومين.... كما قتل 7 في هجوم إرهابي نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي أمام كنيسة بحلوان جنوب القاهرة.
وفي يناير (كانون الثاني) 2017 ذبح مسلحٌ متشدد صاحب متجر مسيحي في مدينة الإسكندرية الساحلية. وفي فبراير (شباط) 2017 فرّ مئات المسيحيين من منازلهم في مدينة العريش، بعدما أطلق مسلحون النار على 6 أقباط في أقل من شهر. وفي مايو (أيار) الماضي، قُتل نحو 28 شخصاً بينهم عدد من الأطفال في هجوم على حافلة كانت تقلّ مسيحيين في طريقهم إلى أحد الأديرة بالمنيا (على بعد 200 كيلومتر جنوب القاهرة).
وتواصل قوات الجيش والشرطة جهودها للقضاء على العناصر الإرهابية في شبه جزيرة سيناء، خاصة عناصر تنظيم «أنصار بيت المقدس» الذي بايع «داعش» الإرهابي عام 2014 وغيّر اسمه إلى «ولاية سيناء».
ويشكل الأقباط قرابة 10 في المائة من عدد السكان بمصر. ورفضت القاهرة من قبل ما زعمه قانون بالكونغرس الأميركي بشأن تعرض أقباط مصر لانتهاكات، ومعاملتهم معاملة مواطن من الدرجة الثانية. ويؤكد بابا الأقباط دائماً أن «أي محاولة للعبث بالرباط القوي الذي يجمعنا بالمسلمين سوف تنتهي بالفشل».
في غضون ذلك، غادر الرئيس البرتغالي مطار القاهرة الدولي، أمس، عقب انتهاء زيارته الرسمية للقاهرة، التي استغرقت 3 أيام، التقى خلالها الرئيس السيسي، حيث بحثا سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.
وتناولت مباحثات السيسي مع نظيره البرتغالي عددا من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المتبادل، وتبادلا الرؤى حول تطورات الأوضاع في سوريا وليبيا، فضلا عن سبل تعزيز مكافحة الإرهاب، والعمل على تجفيف منابع تمويله، والتحذير من مخاطر الجماعات المتطرفة.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.