الاتحاد الاجتماعي المسيحي... سمة نادرة في ألمانيا

يعتبر حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي من السمات النادرة للسياسة الألمانية. فهو حزب محلي مقره مدينة ميونيخ عاصمة ولاية بافاريا. وهذا يعني أنه لا يخوض الانتخابات البرلمانية الاتحادية إلا في ولاية واحدة من أصل ولايات ألمانيا الـ16.
إلا أنه مع ذلك يتمثل في البرلمان الاتحادي أو الفيدرالي (البوندستاغ)، ويدخل الحكومة الاتحادية إلى جانب «شقيقه» الآيديولوجي حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، وهذا الأخير لا يترشح بدوره في بافاريا كي لا ينافس «الاجتماعيين المسيحيين».
أسس الحزب بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945، وهو حزب يميني محافظ، يحكم ولاية بافاريا منذ تأسيسه باستثناء بين العامين 1954 و1957. ومنذ عام 1966 يحكم بشكل منفرد باستثناء الفترة بين العام 2008 والعام 2013 عندما شكل ائتلافاً حكومياً مع حزب آخر. وتضم الحكومة الألمانية الاتحادية الحالية، برئاسة المستشارة أنجيلا ميركل، 3 وزراء من هذا الحزب البافاري، بينهم وزير الداخلية وزعيم الحزب هورست زيهوفر.
من أشهر زعماء الحزب فرانتس جوزيف شتراوس، الذي قاده من العام 1961 حتى مماته عام 1988. وخدم شتراوس في 3 حكومات فيدرالية بين 1953 و1968، ثم بين 1979 وحتى وفاته. كذلك كان شتراوس - الذي يحمل مطار ميونيخ الدولي اسمه - أول رئيس لحكومة بافاريا يترشح لمنصب المستشارية الاتحادية، ويومذاك عام 1980 واجه الزعيم الاشتراكي والمستشار السابق هيلموت شميدت، لكنه خسر. وبعد ذلك، في العام 2002 ترشح أيضاً زعيم الحزب - حينذاك - إدوار شتويبر لمنصب المستشارية، وخسر أيضاً في وجه الزعيم الاشتراكي والمستشار الاشتراكي غيرهارد شرودر.
وبسبب حجم ولاية بافاريا، وهي إحدى الولايات الأكبر في ألمانيا، فإن ناخبي هذا الحزب يشكلون 7 إلى 10 في المائة من مجموع الناخبين في أنحاء البلاد، وهي نسبة مرتفعة، نظراً إلى أن الحزب لا وجود له خارج بافاريا. ومن جهة أخرى، يعد هذا الاتحاد الاجتماعي المسيحي أكثر يمينية و«محافظة» من «شقيقه» الاتحاد الديمقراطي المسيحي، غير أنه يعتمد سياسة أكثر يسارية فيما يخص المساعدات الاجتماعية. ويختلف الحزبان كذلك في القضايا المتعلقة بالأجانب. لكن يُنظر إلى الحزبين على أنهما حزب واحد في «البوندستاغ».
تعاقب على زعامة الحزب 8 سياسيين، كان أشهرهم وأكثرهم تأثيراً فرانتس جوزيف شتراوس.
وكان شتراوس، الذي لقب بـ«الرجل القوي في أوروبا»، قد نجح في تحويل بافاريا من ولاية تعتمد على الزراعة إلى أهم مركز للتكنولوجيا في ألمانيا. كذلك يُعد شتراوس من مؤسسي «كونسورتيوم إيرباص» الأوروبي لصناعة الطيران.
ويشغل هذا الحزب حالياً 46 مقعداً من أصل 709 مقاعد في «البوندستاغ». وهو، بالتالي، بمفرده يُعدّ أصغر حزب ممثلاً بالمجلس الاتحادي من بين الأحزاب السبعة الأخرى. أما في ولاية بافاريا فلديه 101 مقعد من أصل 180 مقعداً منذ انتخابات العام 2013.
هذا، وستجرى في الولاية انتخابات محلية جديدة في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الحالي. ويتخوّف الحزب من خسارة الكثير من الأصوات لصالح حزب «البديل لألمانيا» الذي يصعد بشكل مفاجئ في أنحاء البلاد، ودخل «البوندستاغ» للمرة الأولى في انتخابات سبتمبر (أيلول) العام الماضي. ويعزو كثيرون سبب صعود «البديل لألمانيا» إلى سياسة الحكومة الاتحادية الحالية بالسماح بدخول مئات الآلاف من اللاجئين من سوريا عام 2015. ويعتمد «الاجتماعيون المسيحيون» سياسة متشددة تجاه اللاجئين منذ ذلك الحين.