«الفيدرالي» متفائل حيال التضخم... ومتخوف من سياسات ترمب

كودلو: نمو الاقتصاد في الربع الأول ربما كان ضعيفاً

رئيس {الفيدرالي الأميركي} جيرومي باول (أ.ف.ب)
رئيس {الفيدرالي الأميركي} جيرومي باول (أ.ف.ب)
TT

«الفيدرالي» متفائل حيال التضخم... ومتخوف من سياسات ترمب

رئيس {الفيدرالي الأميركي} جيرومي باول (أ.ف.ب)
رئيس {الفيدرالي الأميركي} جيرومي باول (أ.ف.ب)

بينما حث بعض أعضاء الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي على التفكير في رفع سعر الفائدة بسرعة أكبر، بدلا من سياسة الرفع التدريجي التي انتهجها في السنوات الماضية. قال لاري كودلو المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض إن نمو اقتصاد الولايات المتحدة في الربع الأول ربما كان «رخوا»، لكن من المنتظر أن ينتعش في باقي العام، مضيفا أن مجلس الفيدرالي «شريك جيد للنمو» ويتصرف بروح المسؤولية.
وأبلغ كودلو محطة تلفزيون «سي إن بي سي» قائلا: «ربما كان لدينا نمو رخو في الربع الأول، لكن في الفترة الباقية من العام سترون نموا بنسبة 3 أو 4 في المائة».
وأظهر محضر اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي الأميركي الذي عقد في مارس (آذار) الماضي، أن جميع صانعي السياسة النقدية بمجلس الفيدرالي يتوقعون أن اقتصاد الولايات المتحدة سيكتسب المزيد من القوة وأن التضخم سيرتفع في الأشهر المقبلة... لكن المحضر أظهر أيضا قلقهم من تأثير السياسات التجارية والمالية لإدارة الرئيس دونالد ترمب.
وقال المحضر: «اتفق جميع المشاركين على أن آفاق الاقتصاد بعد الربع الحالي اكتسبت قوة في الأشهر القليلة الماضية. وبالإضافة إلى ذلك، توقع جميع صانعي السياسة أن التضخم على أساس 12 شهرا سيسير في اتجاه صعودي في الأشهر المقبلة».
وسعر الفائدة الأساسي للمركزي الأميركي حاليا في نطاق 1.50 - 1.75 في المائة. والزيادة التي أجراها في مارس هي السادسة لأسعار الفائدة الأساسية منذ بدأ دورة لتشديد السياسة النقدية في ديسمبر (كانون الأول) 2015.
ومع تحسن الاقتصاد، سرّع المركزي الأميركي من وتيرة الزيادات. ويتوقع زيادتين أخريين للفائدة هذا العام رغم أن التوقعات الفصلية في الاجتماع السابق أظهرت أن عدد المسؤولين المؤيدين لرفع الفائدة ثلاث مرات أخرى في 2018 أكبر مما كان في ديسمبر (كانون الأول).
ويبلغ مؤشر التضخم، المفضل لدى المركزي، حاليا 1.6 في المائة، لكنه لا يزال دون المستوى الذي يستهدفه مجلس الاحتياطي منذ ست سنوات والبالغ 2.0 في المائة، إلا أن عدة مؤشرات أشارت مؤخرا إلى زيادة في ضغوط الأسعار.
ويرى صانع السياسة النقدية أيضا قوة دافعة إضافية من اقتصاد يتحسن فيه سوق العمل ويضعف فيه الدولار، ولم تظهر عليه بعد التأثيرات التحفيزية لحزمة من التخفيضات في ضريبة الدخل قيمتها نحو 1.5 تريليون دولار، وزيادة في الإنفاق الحكومي.
وفي وقت سابق يوم الأربعاء، ارتفع أحد المؤشرات الرئيسية للمركزي لأسعار المستهلكين، الذي يطلق عليه المؤشر الأساسي لأسعار المستهلك، بمقدار 2.1 في المائة على أساس سنوي في مارس، مسجلا أعلى قراءة منذ فبراير (شباط) 2017. بعدما صعد 1.8 في المائة في الشهر السابق.
* مخاوف بشأن سياسة التجارة الأميركية:
وقال جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي يوم الجمعة الماضي إن المركزي الأميركي من المرجح أن يحتاج إلى مواصلة زيادة أسعار الفائدة للإبقاء على التضخم تحت السيطرة، لكنه تعهد أيضا بالتمسك بمسار تدريجي.
غير أن محضر اجتماع الفيدرالي أظهر أن بعض مسؤولي مجلس الاحتياطي قلقون بالفعل من أن البنك المركزي سيتعين عليه أن يسير بخطى أسرع مما كان معتقدا في السابق.
وقال عدد منهم إن آفاق الاقتصاد والتضخم قد تؤدي إلى مسار أكثر حدة بشكل طفيف لزيادات الفائدة على مدى الأعوام القليلة القادمة، وأشار البعض إلى أنه في مرحلة ما ربما يضطر المجلس إلى تغيير لغة بياناته للإقرار بأن السياسة النقدية سيتعين أن تتحول إلى محايدة أو «عامل تقييد» للنشاط الاقتصادي. وعبر بضعة أعضاء عن اعتقاد بأنه سيكون من المناسب على الأرجح في مرحلة ما أن ترتفع أسعار الفائدة لبعض الوقت فوق تقديرات مجلس الاحتياطي للأجل الطويل.
ويتمثل أحد بواعث القلق المحتملة لمسؤولي مجلس الاحتياطي في التهديدات المتبادلة برسوم جمركية بعشرات المليارات من الدولارات بين إدارة ترمب والصين، والتي إذا جرى تنفيذها قد تلحق ضررا بالنمو في الولايات المتحدة وترفع أسعار المستهلكين. وهزت تلك التوترات الأسواق المالية بسبب الضرر المحتمل على النمو العالمي.
وفي محضر الاجتماع، أظهر صانعو السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي قلقا بشأن هذا، وأيضا الضبابية التي تحيط بتأثيرات إجراءات التحفيز التي اتخذها ترمب على استمرارية السياسة المالية وأسعار الفائدة الحقيقية.
وقال المحضر: «اعتبرت غالبية كبيرة بين المشاركين أن احتمالات إجراءات تجارية انتقامية من دول أخرى، بالإضافة إلى مشاكل أخرى والشكوك المرتبطة بسياسات التجارة، تشكل مخاطر لتراجع الاقتصاد الأميركي».
ومنذ اجتماع مارس، تبنى مسؤولو المجلس إلى حد كبير موقف الترقب والانتظار تجاه سياسة التجارة، مشيرين إلى أنه من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت الرسوم الجمركية سيجري سريانها، وحجمها المحتمل إذا جرى تنفيذها.
ومن المتوقع أن يبقي المجلس أسعار الفائدة مستقرة في اجتماعه القادم في الأول والثاني من مايو (أيار)، لكن غالبية المستثمرين يتوقعون زيادة أخرى للفائدة في الاجتماع التالي في منتصف يونيو (حزيران) المقبل.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه يوم الأربعاء المقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)

ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يبدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب اهتماماً بالغاً بخصخصة خدمة البريد الأميركية في الأسابيع الأخيرة، وهي خطوة قد تُحْدث تغييرات جذرية في سلاسل الشحن الاستهلاكي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة في تقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ شعار شركة ديلويت المسؤولة عن البوابة الإلكترونية للولاية (وسائل إعلام محلية)

اختراق معلومات شخصية ومصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية أميركية

اخترقت مجموعة دولية من المجرمين المعلومات الشخصية والمصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية رود آيلاند الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»