«فيتو» روسي يجهض مشروعاً أميركياً للتحقيق في «كيماوي دوما»

موسكو فشلت في تمرير اقتراحين مضادين في مجلس الأمن... واتهمت الغرب بالبحث عن «ذريعة للمواجهة»

TT

«فيتو» روسي يجهض مشروعاً أميركياً للتحقيق في «كيماوي دوما»

أخفق مجلس الأمن مرة أخرى، أمس، في تولي مسؤولياته حيال التقارير عن استخدام أسلحة كيماوية في دوما بالغوطة الشرقية لدمشق، إذ استخدمت روسيا حق النقض «الفيتو» للمرة الثانية عشرة منذ بدء الأزمة السورية قبل سبع سنوات، بهدف حماية نظام الرئيس بشار الأسد من أي عقاب، ما فتح الباب واسعاً أمام الخيارات العسكرية لمنع ما وصفه دبلوماسيون غربيون بأنه «محاولة تطبيع» لاستخدام الأسلحة المحرمة دولياً.
وكانت الولايات المتحدة قدمت مشروع قرار ينص على تشكيل «آلية دولية مستقلة لمدة عام واحد مع إمكان تمديدها وتحديثها من مجلس الأمن للتحقيق» في استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، انطلاقاً من «التنديد بأشد العبارات بالاستخدام المتواصل للأسلحة الكيماوية»، وخصوصاً أخيراً على دوما في 7 أبريل (نيسان) الجاري. وعبرت عن «السخط الشديد» من استمرار الهجمات بالأسلحة الكيماوية وعن «تصميم على محاسبة المسؤولين عن ذلك».
وطُرح المشروع للتصويت، مساء أمس، فحصل على 12 صوتاً، هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والسويد وبولندا والبيرو وهولندا والكويت وساحل العاج وكازاخستان وغينيا الاستوائية وإثيوبيا. وعارضته روسيا وبوليفيا، وامتنعت الصين عن التصويت. وسقط مشروع القرار بسبب استخدام روسيا حق النقض.
وفي مستهل الجلسة، تحدث المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة فرنسوا دولاتر، فقال إن بلاده «لن تسمح بعدم تحديد المسؤولية عن استمرار استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا». ورأى أن «هذا منعطف خطير يجب أن يتولى أعضاء مجلس الأمن المسؤولية حياله، وأن يعوا التبعات لعدم القيام بذلك».
وتبعته نظيرته الأميركية نيكي هايلي التي قالت إن واشنطن «حاولت قدر المستطاع تلبية طلبات موسكو المعقولة». وأكدت أن مشروع القرار الذي قدمته روسيا «لا يضمن استقلالية المحققين». وطلبت من أعضاء مجلس الأمن التصويت على مشروع القرار الأميركي وعدم التصويت للمشروع الروسي.
ورد المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا بأن واشنطن «اختارت طريق المواجهة»، مؤكداً أن «طلبات روسيا لم تلب» في المشروع الأميركي. واتهم العاملين في آلية التحقيق السابقة بأنهم «كانوا مجرد دمى» في أيدي الدول الغربية، مشككاً في نزاهتهم. واعتبر أن طرح مشروع القرار الأميركي «خطوة استفزازية». واتهم الدول الغربية بأنها «تبحث عن ذريعة... لتبرير استخدام القوة ضد سوريا. ونحن نستخدم الفيتو لحماية القانون الدولي». وحذر من «المغامرة» بعمل عسكري.
وبعد التصويت، قالت المندوبة البريطانية كارين بيرس إن «هذا يوم حزين» في مجلس الأمن ولنظام حظر أسلحة الدمار الشامل. واعتبرت أن «روسيا لم تضطلع بمسؤوليتها» باستخدامها حق النقض، مضيفة أن «روسيا ليست مخولة من مجلس الأمن» بالتحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا. واعتبرت أن «روسيا تقوّض المعايير الدولية التي ضمنت أمننا لعقود».
وأفاد نظيرها الصيني وو هياتاو أن بلاده «تشعر بالقلق الشديد من الأنباء عن استخدام الأسلحة الكيماوية». وأضاف أن الصين «تدعم القيام بتحقيقات مستقلة ونزيهة حول استخدام هذه الأسلحة في سوريا».
وبعد كلمتين لمندوبي ساحل العاج وبولندا، اعتبر المندوب البوليفي ساشا سيرجيو لورينتي سوليز أن مشروع القرار الأميركي «مجرد ذريعة للعدوان على سوريا».
وعند ذلك، طلب المندوب الروسي التصويت على مشروع القرار الذي أعدته بلاده، فحصل على ستة أصوات هي لكل من روسيا والصين وبوليفيا وكازاخستان وغينيا الاستوائية وإثيوبيا، بينما عارضته سبع دول هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والسويد وبولندا والبيرو وهولندا. وامتنعت الكويت وساحل العاج عن التصويت.
وبعدها، قالت المندوبة الأميركية إن روسيا «فضلت حماية الوحش على حياة الشعب السوري»، مضيفة أن الولايات المتحدة لن تقبل بمرور ما حصل في دوما مرور الكرام.
وبعد كلمات أعضاء المجلس، وضع رئيس الجلسة مشروع قرار روسي ثانٍ للتصويت، علما بأن المشروع هدفه دعم مهمة لجنة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية لمعرفة ما إذا كان وقع هجوم بالغازات السامة في مدينة دوما أو لم يقع. ولكنه لا يطلب تحديد المسؤولية أو الجهة الضالعة في هذه الهجمات في حال تأكد ذلك.
وبعدما طلب المندوب الروسي التصويت، رد نظيره السويدي أولوف سكوغ بطلب إرجاء التصويت والدخول إلى قاعة المشاورات المغلقة، قبل أن يرفض المجلس هذا المشروع أيضاً.
وهذه المرة السادسة التي تستخدم فيها موسكو حق «الفيتو» ضد مشاريع قرارات قدمت منذ عام 2011 في شأن التقارير عن استخدام الغازات السامة، ومنها الكلور والسارين والخردل، في مناطق مختلفة من سوريا. وتمكنت آلية التحقيق المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، المعروفة اختصاراً باسم «جيم»، من تحديد أن نظام الأسد كان مسؤولاً بالفعل عن استخدام هذه الأسلحة فيما لا يقل عن أربع هجمات، بينما ألقيت تبعات هجومين آخرين على تنظيم داعش. واستخدمت روسيا حق النقض مرتين في نهاية 2017 لمنع التجديد لآلية التحقيق هذه بعدما خلصت في تقريرها الأخير إلى أن القوات السورية مسؤولة عن هجوم خان شيخون بغاز السارين العام الماضي.
ومنذ ذلك الحين، حاولت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ودول أخرى في مجلس الأمن أكثر من مرة السعي إلى إعادة تشكيل لجنة التحقيق الدولية. غير أن روسيا أحبطت هذه المحاولات ووضعت مشروع قرار خاص بها يركز على «منع الجماعات الإرهابية من الحصول على غازات سامة ومحاسبتها على استخدامها»، متغاضية عن هجمات قوات النظام.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.