السعودية تحمي نفسها سيبرانياً

310 آلاف هجمة خبيثة على المملكة في 3 أشهر

السعودية وقعت اتفافية لتعزيز الأمن السيبراني (رويترز)
السعودية وقعت اتفافية لتعزيز الأمن السيبراني (رويترز)
TT

السعودية تحمي نفسها سيبرانياً

السعودية وقعت اتفافية لتعزيز الأمن السيبراني (رويترز)
السعودية وقعت اتفافية لتعزيز الأمن السيبراني (رويترز)

وقع الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة عبر الإنترنت مذكرة تفاهم مع شركة «فيرتشو بورت» المتخصصة في الأمن السيبراني، لتعزيز الجهود التعاونية بين الطرفين والخدمات ذات الصلة المتعلقة بالمشاورات، والتدريب، والمنتجات الدراسية.
ووقع مذكرة التفاهم بالنيابة عن المستشار بالديوان الملكي رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة سعود بن عبد الله القحطاني، نائب رئيس مجلس إدارة الاتحاد الدكتور عبد الله بن شرف الغامدي، ومن الشركة الرئيس التنفيذي لـ«فيرتشو بورت» المهندس سامر عمر.
وقال المستشار سعود القحطاني إن «مثل هذه الاتفاقيات توفر فرصاً تدريبية وتطويرية لأعضاء الاتحاد تسهم في زيادة الوعي والمعرفة، وتقييم القدرات البشرية في مجال الأمن السيبراني».

- دعم المواهب المحلية:
وتقضي مذكرة التفاهم الموقعة بين الطرفين، مشاركة «فيرتشو بورت» في أنشطة الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة عبر الإنترنت بما في ذلك المؤتمرات، وورش العمل، والمسابقات، وتوفير المناهج الدراسية المتعلقة بالأمن السيبراني.
ومن بنود مذكرة التفاهم تسهيل «فيرتشو بورت» لوصول المتدربين السعوديين للمواد التدريبية عبر الإنترنت، ومنتجاتها المحددة وتراخيص البرامج والأدوات والموارد الأخرى بغرض الاستخدام الأكاديمي، وتوفير بيئة تدريبية ملائمة لجذب وتطوير المواهب المحلية في مجالات خبرة الطرفين، وتشجيعهم للحصول على الشهادات المهنية، بالإضافة إلى دعم وتوجيه المتخصصين والمطورين والمبتكرين في مجال تكنولوجيا المعلومات الذين لديهم اهتمام بمجالات خبرة الطرفين.
الجدير بالذكر، أن الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة عبر الإنترنت مؤسسة وطنية تحت مظلة اللجنة الأولمبية السعودية، ويسعى إلى بناء قدرات عملية واحترافية في مجال الأمن السيبراني وتطوير البرمجيات وفق أفضل الممارسات والمعايير العالمية، للوصول بالمملكة العربية السعودية إلى مصاف الدول المتقدمة في صناعة المعرفة التقنية الحديثة.
وفيما تعمل شركة «فيرتشو بورت» للأمن السيبراني وفق ثلاثة خطوط رئيسية، من خلال أحداث وأنشطة الأمن السيبراني كمؤتمر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا السنوي لأمن وحلول المعلومات، وفعاليات «الهاكاثون» المصاحبة لها، والأمن المعلوماتي الرقمي (Cyber) والخدمات والحلول الاستشارية الأمنية المعلوماتية.

- التأهل النموذجي:
الجدير بالذكر أن «فيرتشو بورت» تخطط لعقد مسابقة «هاكاثون» في مؤتمر أمن المعلومات 2018 على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هذا العام، بالإضافة إلى إطلاق عدد من الفعاليات والمسابقات المتخصصة في الأمن السيبراني في المملكة العربية السعودية.
كما تخطط لاستضافة مسابقة «هاكاثون» إقليمية مع الفرق الإقليمية المنافسة بحلول عام 2020، وسيقدم المؤتمر و«هاكاثون» أمن المعلومات على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بيئة نموذجية لمدينة ذكية للمساعدة في التعرف على مواهب الأمن السيبراني وتعزيزها، وتكمن أهميته أنه يسمح لكل المنافسين والمراقبين بالتعرف البصري على الآثار المترتبة على الانتهاك الإلكتروني على مختلف التطبيقات والشبكات مثل ICS / SCADA وأجهزة الـIoT، وسيساعد ذلك في التشديد على خطورة الانتهاك السيبراني من خلال إظهار تحطم الطائرات النموذجية، وتوقف الخدمات العامة.
وأشار سامر عمر إلى أن الكثير من الدراسات الاستقصائية الدولية تؤكد أن العجز في مجال الأمن السيبراني سيصل بين 2.5 و3.5 مليون وظيفة شاغرة في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2021.

- البرمجيات الخبيثة:
وأشارت شركة «تريند مايكرو»، المؤسسة المتخصصة عالمياً في مجال أمن البرمجيات والمدرجة في بورصة طوكيو، إلى أن قطاع التعليم في المملكة العربية السعودية، كان الأكثر تأثراً بالبرمجيات الخبيثة خلال عام 2017، وتلته القطاعات الحكومية وقطاعات الاتصالات. وشملت قائمة القطاعات المتأثرة بتلك البرمجيات أيضاً كلاً من الرعاية الصحية والتصنيع والنفط والغاز. ووصل عدد فيروسات الفدية الخبيثة حول العالم إلى 1.6 مليار فيروس في عام 2017، بلغت حصة المملكة العربية السعودية منها 0.55 في المائة.
وتبدي شركة «تريند مايكرو» حرصاً بالغاً على تسليط الضوء على أهمية اتباع الشركات السعودية منهجية متعددة المستويات فيما يتعلق بالأمن الرقمي، حيث تشير ترجيحات الشركة الرائدة في تقديم حلول الأمن الرقمي إلى إمكانية حدوث زيادة كبيرة في حجم التهديدات السيبرانية التي تطال المملكة خلال العام الحالي.
وكانت «تريند مايكرو» قد نجحت خلال الربع الأخير من عام 2017 في التصدي إلى أكثر من 310 آلاف هجمة خبيثة لعناوين URL التي يتم الوصول إليها من قبل المستخدمين السعوديين، كما وصل عدد ملفات البرامج الخبيثة التي تصدت لها الشركة خلال تلك الفترة في المملكة إلى 1.6 مليون ملف. وخلال الربع الأخير من العام الماضي أيضاً، وصل عدد التهديدات التي تطال البريد الإلكتروني والتي تم التصدي لها عبر بروتوكول الإنترنت الخاص بالمرسل في المملكة إلى أكثر من 93.5 مليون تهديد.
وفي هذا السياق، قال الدكتور معتز بن علي، نائب رئيس شركة «تريند مايكرو» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «تشير هذه الإحصائيات بشكل واضح إلى أن المملكة العربية السعودية تشكل هدفاً مفضلاً بالنسبة لمجرمي الإنترنت. ومن هنا، فإنه يتعين على الشركات والجهات الحكومية أخذ موضوع الأمن السيبراني على محمل الجد، وإلا فإنها ستواجه عواقب وخيمة. ويمتاز هؤلاء المجرمون بمستويات عالية من التنظيم والمعرفة تتيح لهم إمكانية اغتنام جميع نقاط الضعف المتاحة. وبالمقابل، يشكل الجيل الجديد من حلول الأمن السيبراني المستندة إلى تقنيات تعلم الآلة من «تريند مايكرو» الحل الأمثل لتوفير المنهجيات اللازمة ومتعددة المستويات من الأمن السيبراني إلى الشركات السعودية التي تتطلع للحفاظ على قدراتها التنافسية على المستوى العالمي.
ويعني التطور المستمر لتقنيات إنترنت الأشياء بأن الأجهزة المتطورة ستسهم فعلياً في دفع نمو قيمة سوق إنترنت الأشياء من 157 مليار دولار أميركي في عام 2016، إلى 457 مليار دولار بحلول عام 2020. وبحسب إحصائيات شركة «آي إتش إس ماركت»، سيتم استخدام ما يزيد على 5 مليارات من أجهزة المستهلكين التي تدعم تقنيات المساعد الرقمي خلال عام 2018، مع ترجيحات بإضافة نحو 3 مليارات جهاز آخر بحلول عام 2020. وتشير إحصائيات «تريند مايكرو» إلى أن 2 في المائة من إجمالي تطبيقات الأجهزة المتنقلة التي تم تحمليها في عام 2017 كانت برمجيات خبيثة.
وأضاف الدكتور معتز بن علي: «يتحمل خبراء الأمن السيبراني - إلى جانب موظفي الإدارة العليا - في المؤسسات مسؤولية كبيرة في جعل الأمن السيبراني إحدى الأولويات الرئيسية في مؤسساتهم. ونشهد يومياً ظهور تهديدات إلكترونية جديدة، ومن شأن إرساء الاستراتيجيات الأمنية الملائمة أن يسهم بشكل فاعل في الحفاظ على أمن البيانات ذات المهام الحساسة، وبالتالي ضمان استمرارية العمل».


مقالات ذات صلة

الخريف: قطاع إعادة التصدير السعودي ينمو ويسجل 16.2 مليار دولار عام 2024

الاقتصاد وزير الصناعة والثروة المعدنية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

الخريف: قطاع إعادة التصدير السعودي ينمو ويسجل 16.2 مليار دولار عام 2024

كشف وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، عن تسجيل بلاده صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير خلال العام الحالي.

زينب علي (الرياض)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية بالسعودية (الشرق الأوسط)

الأقل في مجموعة العشرين... التضخم في السعودية يسجل 2 %

بلغ معدل التضخم السنوي في السعودية 2 في المائة، خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الجاسر متحدثاً للحضور في النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية (الشرق الأوسط)

السعودية: توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية بـ2.6 مليار دولار

قال وزير النقل والخدمات اللوجيستية، المهندس صالح الجاسر، إن السعودية نجحت في جذب الاستثمارات من الشركات العالمية الكبرى في القطاع اللوجيستي.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد الجولة الأولى من المفاوضات التي قادتها السعودية بين دول الخليج واليابان (واس)

اختتام الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول الخليج واليابان

ناقشت الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي واليابان عدداً من المواضيع في مجالات السلع، والخدمات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
TT

هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)

تواجه فرنسا في الوقت الراهن تحديات اقتصادية وسياسية معقدة، تتمثل في ارتفاع معدلات الدين العام وتزايد عدم الاستقرار السياسي، مما يهدد استقرارها الداخلي ويثير القلق بشأن انعكاسات هذه الأوضاع على منطقة اليورو بشكل عام. تأتي هذه الأزمات في وقت بالغ الأهمية، حيث يمر الاتحاد الأوروبي بفترة تحول حاسمة بعد تبعات الأزمة المالية العالمية، مما يطرح تساؤلات حقيقية حول قدرة الدول الأعضاء على مواجهة الأزمات الاقتصادية المقبلة. في خضم هذه التطورات، تظل فرنسا محط الأنظار، إذ يتعرض نظامها السياسي للشلل بينما يتصاعد العجز المالي. فهل ستتمكن باريس من تجنب مصير الدول التي شهدت أزمات مالية مدمرة؟ وما الدروس التي يمكن لفرنسا الاستفادة منها لضمان استدامة الاستقرار الاقتصادي في المستقبل؟

تتجاوز ديون فرنسا اليوم 110 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت تكلفة اقتراضها مؤخراً مستويات تفوق تلك التي سجلتها اليونان. ويوم الجمعة، توقعت «موديز» أن تكون المالية العامة لفرنسا أضعف بشكل ملموس خلال السنوات الثلاث المقبلة، مقارنة بالسيناريو الأساسي الذي وضعته في أكتوبر (تشرين الأول) 2024. هذه المعطيات أثارت مخاوف متزايدة من أن تكون هذه الأوضاع الشرارة التي قد تؤدي إلى أزمة جديدة في منطقة اليورو. ومع ذلك، عند مقارنة حالة الاتحاد الأوروبي في ذروة الأزمة المالية العالمية، حين كان يواجه خطر التفكك الكامل، مع الوضع الراهن، تتضح الفروق الجوهرية، حيث يظهر الوضع الحالي قدرة الاتحاد على الصمود بشكل أكبر بكثير، مما يعكس قوة أكثر استقراراً وصلابة في مواجهة التحديات الاقتصادية، وفق «رويترز».

وبعد انهيار حكومتها الهشة في أوائل ديسمبر (كانون الأول)، توجد فرنسا حالياً في دائرة الضوء. فقد أدت الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت في يوليو (تموز) إلى انقسام الجمعية الوطنية، مما أدى إلى تعميق الأزمة السياسية في البلاد. وفي مسعى لتشكيل حكومة قادرة على استعادة الاستقرار، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السياسي المخضرم ميشيل بارنييه رئيساً للوزراء بعد الانتخابات، على أمل بناء إدارة مستدامة. لكن التوترات بين الحكومة والبرلمان اندلعت عندما دعا بارنييه إلى خفض الموازنة للحد من العجز المتوقع، والذي قد يصل إلى 6.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. وقد أدى هذا إلى تجمع أعضاء البرلمان من مختلف الأطياف السياسية لرفض الموازنة، وكان التصويت بحجب الثقة الذي أدى إلى إقالة بارنييه هو الأول من نوعه منذ عام 1962.

وأثناء تطور هذه الأحداث، ارتفعت عوائد السندات الفرنسية لأجل عشر سنوات بشكل مؤقت إلى مستويات أعلى من نظيرتها اليونانية، مما أثار المخاوف من أن فرنسا قد تصبح «اليونان الجديدة». ومع ذلك، إذا تم النظر إلى ما حدث في اليونان في عام 2012، عندما وصلت عوائد سنداتها لأجل عشر سنوات إلى أكثر من 35 في المائة، يلاحظ أن الوضع اليوم مختلف بشكل جذري. ففي الوقت الراهن، تقل عوائد السندات اليونانية عن 3 في المائة، مما يعني أن العوائد الفرنسية قد ارتفعت بأقل من 60 نقطة أساس خلال العام الماضي لتصل إلى مستويات مماثلة.

ومن خلال تحليل التغييرات في عوائد السندات في منطقة اليورو خلال السنوات الأخيرة، يتضح أن اليونان قد نجحت في تحسين وضعها المالي بشكل ملحوظ، في حين أن فرنسا شهدت تدهوراً طفيفاً نسبياً.

قصة التحول: اليونان

بعد أن اجتاحت الأزمة المالية العالمية أوروبا في أواخر العقد الأول من الألفية، تعرضت اليونان لمحنة مالية شديدة، حيث تكشفت حقيقة الوضع المالي للبلاد، وارتفعت تكاليف ديونها بشكل كبير. وفي إطار استجابة لهذه الأزمة، حصلت اليونان على حزم إنقاذ من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل تنفيذ حزمة من الإجراءات التقشفية القاسية. ونتيجة لذلك، دخلت اليونان في ركود اقتصادي طويل دام لعقد من الزمن، بينما تعرضت لعدة فترات من عدم الاستقرار السياسي.

لكن الحكومة الحالية التي تنتمي إلى التيار الوسطي - اليميني نجحت في استعادة بعض الاستقرار الاقتصادي، حيث تمكنت من تحقيق فائض أولي في الموازنة، وهو ما مكنها من تقليص عبء الديون الضخم. كما شهد الاقتصاد اليوناني نمواً بنسبة 2 في المائة العام الماضي، وهو ما يعد تحسناً ملموساً.

ورغم أن فرنسا قد تحتاج إلى جرعة من العلاج المالي ذاته، فإنها تبدأ من نقطة انطلاق أقوى بكثير من اليونان. فاقتصاد فرنسا أكثر تطوراً وتنوعاً، ويبلغ حجمه أكثر من عشرة أضعاف الاقتصاد اليوناني. كما أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتنغ» قبل أسبوعين تصنيف فرنسا الائتماني، مع التوقعات بأن تواصل البلاد جهودها في تقليص العجز في الموازنة. وأشارت الوكالة إلى أن «فرنسا تظل اقتصاداً متوازناً، منفتحاً، غنياً، ومتنوعاً، مع تجمع محلي عميق من المدخرات الخاصة»، وهو ما يعزز موقفها المالي.

الأمر الأكثر أهمية هنا هو أنه حتى في حال قرر المستثمرون الدوليون سحب أموالهم - وهو ما لا يوجد أي مؤشر على حدوثه - فإن فرنسا تملك إمداداً كبيراً من الأموال المحلية، يُمكِّنها من سد الفجوة المالية المتزايدة.

فعل كل ما يلزم

على الرغم من أن منطقة اليورو لا تزال تشهد تطوراً غير مكتمل، فإنه من المهم الإشارة إلى كيفية تعزيز النظام المصرفي في المنطقة منذ الأزمة المالية العالمية. كما ينبغي تذكر كيف أثبت البنك المركزي الأوروبي مراراً استعداده وقدرته على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الأزمات المالية في المنطقة. إلا أن ذلك لا يعني أن صانعي السياسات في باريس أو العواصم الأوروبية الأخرى يشعرون بتفاؤل مطلق بشأن التوقعات الاقتصادية للاتحاد.

ففي العديد من الجوانب، تبدو التحديات الاقتصادية التي تواجه فرنسا أقل حدة، مقارنة بتلك التي تواجهها ألمانيا، التي تعرضت حكومتها هي الأخرى لهزة قوية مؤخراً. ويعاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو من تداعيات سنوات طويلة من نقص الاستثمارات، حيث يواجه قطاعها الصناعي القوي سابقاً صعوبات حقيقية في التعافي. كما أن منطقة اليورو، التي شهدت تباطؤاً ملحوظاً في نمو إنتاجيتها، مقارنة بالولايات المتحدة على مدار السنوات الماضية، تواجه الآن تهديدات كبيرة بسبب الرسوم الجمركية التي قد تفرضها إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب.

لكن هذه التهديدات التجارية قد تكون هي التي تدفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوة كبيرة أخرى في تطوره الاقتصادي. فالتاريخ يثبت أن الاتحاد يتخذ خطوات حاسمة عندما يُدفع إلى الزاوية. وفي وقت سابق، قدم ماريو دراغي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، خطة لإصلاحات اقتصادية طال انتظارها، داعياً إلى استثمار إضافي قدره 800 مليار يورو سنوياً من قبل الاتحاد الأوروبي.

وقد لاقت هذه الخطة دعماً واسعاً من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، حتى أن رئيس البنك المركزي الألماني، المعروف بتوجهاته المتشددة، دعا إلى تخفيف القيود على الإنفاق في ألمانيا. وإذا أسفرت الانتخابات في ألمانيا وفرنسا عن حكومات أقوى العام المقبل، فقد يُتذكر عام 2025 ليس بوصفه بداية لأزمة جديدة في منطقة اليورو، بل بوصفه عاماً شهدت فيه المنطقة اتخاذ خطوة كبيرة نحو تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.