حفتر يمهل رعايا قطر وتركيا 48 ساعة لمغادرة شرق ليبيا

البرلمان يقر ميزانية الدولة بمقدار 46 مليار دولار

سيف الإسلام القذافي ينتظر محاكمته وراء القضبان في الزنتان أمس (رويترز)
سيف الإسلام القذافي ينتظر محاكمته وراء القضبان في الزنتان أمس (رويترز)
TT

حفتر يمهل رعايا قطر وتركيا 48 ساعة لمغادرة شرق ليبيا

سيف الإسلام القذافي ينتظر محاكمته وراء القضبان في الزنتان أمس (رويترز)
سيف الإسلام القذافي ينتظر محاكمته وراء القضبان في الزنتان أمس (رويترز)

في تصعيد جديد في ليبيا، منح الجيش الوطني الذي يقوده اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الرعايا القطريين والأتراك مهلة 48 ساعة اعتبارا من لمنتصف ليلة أول من أمس، لمغادرة شرق ليبيا المضطرب، متهما الدولتين بدعم «الإرهاب». وهدد العقيد محمد حجازي، الناطق باسم الجيش الوطني، في تصريحات له أمس باعتقال أي من المواطنين الأتراك أو القطريين عقب انتهاء هذه المهلة، وقال إن «الجيش الوطني سيتخذ في حقهم الإجراءات اللازمة».
ولم يعلن حجازي تفسيرا رسميا لهذا القرار المفاجئ، لكنه كشف في المقابل لوسائل إعلام محلية النقاب عن تقارير تتحدث عن أن بعض من يحملون الجنسيتين، التركية والقطرية، يعملون كـ«عناصر مخابراتية» على الأراضي الليبية. وقال حجازي إنه يجب على كل مواطني تركيا وقطر مغادرة ليبيا في غضون 48 ساعة، موضحا أنه ينبغي على القطريين والأتراك مغادرة المنطقة الممتدة من بلدة مساعد على الحدود مع مصر إلى مدينة سرت في وسط ليبيا، مهددا أن قوات حفتر «غير مسؤولة عمن يحملون هاتين الجنسيتين على الأراضي الليبية».
وجاءت هذه الخطوة عقب اتهام حفتر لقطر قبل نحو أسبوعين بدعم الميليشيات المسلحة في ليبيا وبالتورط في محاولة اغتياله الأخيرة. وتقول عدة أطراف ليبية وعربية، إن تركيا وقطر تدعمان جماعة الإخوان المسلمين، التي أعلنتها مصر ودول خليجية عربية مثل السعودية منظمة «إرهابية».
وكانت وزارة الخارجية التركية أعلنت في الرابع عشر من الشهر الحالي، أن أنقرة سحبت دبلوماسييها بشكل مؤقت من قنصليتها بمدينة بنغازي ونصحت رعاياها بالرحيل، بعد انفجار انتحاري استهدف نقطة تفتيش تتبع الجيش في برسس، على بعد 50 كيلومترا شرق بنغازي، مما أسفر عن مقتل المهاجم وإصابة ستة آخرين. وتركيا من آخر الدول التي أبقت على تمثيل دبلوماسي في بنغازي، في حين ما زالت بعثة دبلوماسية محدودة تمثلها في العاصمة الليبية طرابلس.
من جهة أخرى، عاد الهدوء مجددا إلى وسط مدينة بنغازي، حيث انتشرت قوة عسكرية تابعة للكتيبة 21 صاعقة، وعناصر من جهاز الإسناد الأمني، في محيط ميناء بنغازي البحري عقب هجوم مسلح شنه مسلحون على عناصر الغرفة الأمنية المشتركة المتمركزة أمام بوابة الميناء، مما أسفر عن سقوط أربعة قتلى و15 جريحا، بحسب مصادر طبية ليبية.
وقالت الغرفة الأمنية في بيان لها، إن عصابات مسلحة هاجمت قوات تابعة لها متمركزة بميناء بنغازي الرئيس أثناء قيامها بحرق كمية من مخدر الحشيش جرى ضبطها بالميناء أول من أمس بحضور النيابة العامة، مؤكدة أن هذه الأعمال الإجرامية لن تثنيها عن قيامها بواجبها تجاه مدينة بنغازي وأهلها.
من جهته، قال العقيد ونيس بو خمادة، آمر القوات الخاصة، إن الهجوم المسلح ضد ميناء بنغازي كان بهدف الاستحواذ على سبعة أطنان من الحشيش، مشيرا في تصريحات لقناة تلفزيونية مساء أول من أمس إلى أن قواته لم تشارك بقوة حفاظا على حياة المدنيين، كون المسلحين كانوا يوجدون وسط السكان.
وكان محمد العمامي، مدير ميناء بنغازي، أعلن وفقا لوكالة الأنباء المحلية، أن مكتب مكافحة التهريب والمخدرات بالتعاون مع الجهات الأمنية، ضبط نحو ستة أطنان من مخدر الحشيش مخبأة في صناديق فواكه في ثلاث حاويات مبردة بطول أربعين قدما على متن سفينة قادمة من مالطا.
لكن مصدرا مسؤولا قلل لوكالة الصحافة الفرنسية من دقة رواية الغرفة الأمنية، قائلا إن «خلفيات الاشتباكات راجعة للحساسيات المعلنة بين الجيش والثوار»، بينما قال متحدث باسم الثوار، إن «قوات من الجيش حاولت الدخول إلى معسكر للثوار يقع بالقرب من ساحة الحرية في المدينة وتعرضوا لمواجهة من قبل سكان المنطقة وثوارها». ويقع المعسكر المذكور بمقابل ميناء بنغازي البحري وتحديدا في الساحة التي شهدت اعتصامات الثورة طيلة عام 2011.
وكانت القوات الخاصة والصاعقة ومشاة البحرية وسلاح الجو والقوات البرية وعدد من وحدات مديرية الأمن أعلنت انشقاقها الشهر الماضي عن المؤسسات الرسمية للدولة وانضمت للقوة شبه العسكرية التي يقودها اللواء حفتر، في حين تتكون قوات درع ليبيا من الثوار السابقين الذين أسهموا في إسقاط نظام معمر القذافي في عام 2011 ويعد معظم أفرادها المنضوون تحت رئاسة الأركان العامة للجيش شكليا من الإسلاميين. في غضون ذلك، عدت الحكومة الانتقالية أن المشاركة في الانتخابات البرلمانية لاختيار مجلس النواب الجديد رسالة واضحة على عزم الشعب الليبي لبناء دولته الديمقراطية. وقال أحمد الأمين، الناطق الرسمي باسم الحكومة التي يترأسها عبد الله الثني، إن اللجنة الوزارية المشكلة لدى الحكومة اتخذت كل التدابير اللازمة لإنجاح هذا العمل الديمقراطي من خلال توفير الأمن في جميع مراكز الاقتراع بليبيا ونشر رجال الشرطة والجيش لهذا الغرض.
من جانبه، عد عماد السايح، رئيس مجلس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، الاحتكام إلى صناديق الاقتراع هو الخيار الوحيد أمام الليبيين جميعا في هذه المرحلة. وقال في كلمة لدى افتتاح المركز الإعلامي للمفوضية، إن «الانتخابات القادمة تؤسس لمبدأ التداول السلمي للسلطة، وتعزز مستقبلا بناء دولة ديمقراطية». وبعدما لفت إلى أن «المفوضية هي أداة لتحقيق آمال وتطلعات شعبنا نحو مستقبل أفضل يعمه الوئام والرخاء». أشاد السايح بالمؤتمر الوطني العام (البرلمان) وحكومة الثني، لتوفيرهما متطلبات العملية الانتخابية القادمة.
على صعيد آخر، أعلن متحدث باسم المؤسسة الوطنية للنفط الليبية الحكومية، إن ميناء مرسى الحريقة النفطي في شرق ليبيا أعيد فتحه واستقبل أول ناقلة لتحميل شحنة من النفط، بعدما دفعت الحكومة رواتب محتجين من حراس أمن حكوميين في الميناء. وقال متحدث باسم الشركة المشغلة للميناء، إن ناقلة ثانية مستعدة للرسو، لكن المحادثات لا تزال مستمرة مع محتجين يشتكون من أن حكومة طرابلس لم تلب جميع مطالبهم.
ونقلت وكالة «رويترز» عن محمد الحراري، المتحدث باسم المؤسسة الوطنية للنفط، أنه جرى تحميل الناقلة الأولى بشحنة قدرها 750 ألف برميل من النفط في ميناء مرسى الحريقة أول من أمس، وأنه كان من المتوقع تحميل الناقلة الثانية أمس بشحنة قدرها 600 ألف برميل. لكن المتحدث باسم شركة الخليج العربي للنفط (أجوكو) المشغلة للميناء عمر الزوي قال إن حرس المنشآت النفطية سمحوا أمس بدخول الناقلة الأولى كبادرة على حسن النيات بعدما تلقوا رواتبهم المتأخرة عن شهري مارس (آذار) وأبريل (نيسان) الماضيين. وأضاف الزوي، أن «هناك ناقلة أخرى تنتظر التحميل، لكن المفاوضات مستمرة مع حرس المنشآت النفطية للسماح ببدء تحميل الناقلة نظرا لأنهم لم يتلقوا بعد مرتبات شهر مايو (أيار)».
وقال الحراري، إن حقل الفيل النفطي في غرب ليبيا - الذي تديره المؤسسة الوطنية للنفط وإيني الإيطالية - يعمل بشكل طبيعي بعد انتهاء الاحتجاجات هناك منذ نحو أسبوع، وينتج 95 ألف برميل يوميا، مشيرا إلى أن ذلك سيرفع إجمالي إنتاج ليبيا من النفط إلى 270 ألف برميل يوميا. وأضاف أن هناك جهودا قائمة لإعادة فتح حقل الشرارة النفطي في جنوب غربي البلاد، والذي تبلغ طاقته 340 ألف برميل يوميا، علما بأن محتجين أغلقوا الميناء وخط الأنابيب الذي يمتد منه الإنتاج عدة مرات منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.