مصادر إسرائيلية تعتبر الغارات رداً على «تسليم سوريا لإيران»

TT

مصادر إسرائيلية تعتبر الغارات رداً على «تسليم سوريا لإيران»

رغم تمسك إسرائيل الرسمية بتقليدها القديم، بالامتناع عن التعليق على الأنباء التي نسبت إليها قصف المطار العسكري «T4» قرب حمص في سوريا، لكن الكثير من المسؤولين السابقين في الحكومة والجيش تبرعوا بالتلميح إلى دورها. وكان في مقدمتهم وزير الأمن السابق ورئيس أركان الجيش الأسبق، موشيه يعالون، وعدد من كبار الضباط الإسرائيليين السابقين، الذين أكثروا من التلميحات القوية، الاثنين، إلى أن إسرائيل هي التي قصفت. ووجهوا الرسائل إلى عدة عناوين موضحين أن لديها الكثير من الدوافع وليس فقط منع وجود أسلحة جديدة أو نقل أسلحة إلى حزب الله. وربط بعض العناصر الأمنية بين هذا القصف وبين الغارات على قطاع غزة، التي نفذت فجر أمس، معتبرين أنها «تغيير موقف»، و«إسرائيل لم تعد مشاهِدة تجلس جانبا، وإنما تأخذ على عاتقها جزءا فعالا من الأحداث الجارية في المنطقة».
وربطت أوساط سياسية وعسكرية بين هذا القصف وبين لقاء القمة في أنقرة، الذي جمع الرؤساء الروسي والإيراني والتركي. وقالت إن إسرائيل ترى أن «إيران حصلت في هذه القمة على دعم وتأييد لبقائها في سوريا»، وأن «الأمر يلحق ضررا بمصالح إسرائيل والولايات المتحدة وحلفائها». ولم تتردد في توجيه الانتقاد إلى إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب: «التي تتردد في البقاء في سوريا بل تميل إلى الانسحاب منها». وقالت إن إسرائيل تقول بهذا القصف لأنها لن تسكت على هذا الوضع ولن تسمح له بأن ينجح.
وفي تلميح قوي بأن إسرائيل تقف وراء القصف قرب حمص، قال يعالون لإذاعة الجيش الإسرائيلي، صباح أمس، إنه «عندما يكون هناك خط أحمر ينبغي تطبيقه، ولا حاجة لإبلاغ الأصدقاء أو تبني المسؤولية عن ذلك». واعترض يعالون على دعوة الوزير الإسرائيلي يوآف غالانت، باغتيال رئيس النظام السوري بشار الأسد. وقال إن «أفكاري ليست إيجابية تجاه الأسد، لكني لا أنصح بأن نتحدث بصورة تتدخل في الوضع الداخلي في الدولة».
ولمح الجنرال الإسرائيلي اللواء في جيش الاحتياط، عميرام ليفين، إلى أن إسرائيل نفذت الغارة في سوريا الليلة الماضية، قائلا إنه «يبدو أنه واضح جدا من الذي هاجم. هذا قليل جدا ومتأخر جدا. ومشكلة الولايات المتحدة وإسرائيل هي أنهما تردان (على أحداث) وحسب، وليس لديهما سياسة للأمد الطويل». وأضاف ليفين أنه «علينا التعاون مع الولايات المتحدة من أجل إسقاط الأسد. وردود الفعل رغم عددها تبقى ردود فعل، وهذا ليس كافيا. وتوجد لدى إسرائيل الطرق، ليست العسكرية فقط، للعمل مع الدولة العظمى الولايات المتحدة. علينا أن نتكاتف ونطيح بالأسد عن سدة الحكم في سوريا».
وقال عاموس يدلين، الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، والذي يترأس حاليا معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب: «الولايات المتحدة نفت أن تكون قد قصفت في سوريا، وأنا أعرف أن سياستها هي ضد «داعش» فقط. لذلك فإنني أعتقد أن احتمال أن تكون الولايات المتحدة قد نفذت القصف ليس كبيرا، ولهذا فإنه ربما سلاح جو آخر نفذ ذلك».
وقال الخبير العسكري المطلع عاموس هرئيل، إن «إسرائيل قصفت القاعدة العسكرية «T4» نفسها مرتين، في مارس (آذار) من العام الماضي وفي فبراير (شباط) الأخير، وأعلنت مسؤوليتها عن الغارتين، وكانت الأخيرة في أعقاب دخول طائرة مسيرة إيرانية إلى الأجواء الإسرائيلية قبل إسقاطها. فإذا كانت هي التي نفذت القصف هذه المرة، تكون إسرائيل قد استحدثت شيئا. فإلى جانب مسألة نقل السلاح من سوريا إلى حزب الله، تضيف إسرائيل الآن خطا أحمر آخر، يتعلق بإحباط الاستقرار (العسكري) الإيراني في سوريا».
وكان لافتا أن وزير الإسكان الإسرائيلي، الجنرال في جيش الاحتياط يوآف غالانت، استبق القصف، ليعلن الأحد، ضرورة التخلص من الرئيس السوري بشار الأسد، الذي سماه «ملاك الموت» استخدامه مرة أخرى الأسلحة الكيماوية ضد شعبه. وأضاف غالانت: «الأسد هو ملاك الموت السوري، ولا شك في أن العالم سيكون مكاناً جيداً من دونه. قبل خمسة أيام من ذكرى محرقة اليهود، حظي العالم مرة أخرى بتذكير رهيب من سوريا. القاتل من دمشق لا يزال هنا ويستخدم الغاز لقتل النساء والأطفال من دون رحمة. يجب على زعماء العالم التدخل وبسرعة».
وقال وزير الأمن أفيغدور ليبرمان: «تم اجتياز كل أنواع الخطوط الحمراء.... نحن نتابع كل الأحداث ولا نجلس مكتوفي الأيدي». وفق ليبرمان «من يحدد النغمة في سوريا هي إيران التي تستولي على سوريا». وقالت مصادر أمنية إن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تراقب عن كثب استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا.
والسؤال المثير للاهتمام هو ما إذا تم للمرة الثانية استخدام غاز الأعصاب «سارين»، الذي استخدمه الأسد في السابق ضد المتمردين، وفي المرة الأخيرة، قبل نحو عام، عندما رد الرئيس الأميركي ترمب على ذلك بهجوم صاروخي على قواعد القوات الجوية السورية. ونظراً للعدد الكبير من الوفيات، الذي يزيد عن 150. يجد الخبراء في إسرائيل صعوبة في تصديق أن المقصود غاز الكلور الذي يعتبر أقل فتكاً. وتقدر شعبة الاستخبارات العسكرية، في تقرير قدمته إلى المجلس الوزاري المصغر، أن الأسد استخدم 98 في المائة من ترسانته الكيميائية الضخمة، التي شملت غاز الأعصاب وغاز الخردل، التي كانت معدة في المقام الأول للجبهة الداخلية الإسرائيلية، في حالة تهديد الجيش الإسرائيلي لبقاء نظامه، لكنه ترك في حوزته «قدرات قليلة» من غازات الكلور والسارين، من أجل المحافظة على الإنجازات التي حققها أمام المتمردين.
وأضافت هذه المصادر نقلا عن «مسؤولين كبار في الجهاز الأمني الإسرائيلي» أن «إيران تعتبر نتائج قمة أنقرة بمثابة ضوء أخضر لمواصلة توطيد وجودها في سوريا، وهذا التطور مقلق بالنسبة لإسرائيل. وقد تعقبت إسرائيل في الأيام الأخيرة، نتائج القمة، التي هدفت إلى تقاسم الغنائم في سوريا ما بعد الحرب الأهلية. وحقيقة أن الرئيس الإيراني حسن روحاني دعي للمشاركة فيها، إلى جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب إردوغان، لم يكن مجرد إشادة بالإيرانيين لجهودهم لإنقاذ نظام الأسد، ولكن أيضا هو دليل على وضعهم المستقبلي في سوريا». وأضاف المسؤولون: «حقيقة أنهم يشاركون في مثل هذه القمة، تحت مظلة روسية، هي بمثابة سند داعم لهم حتى يستمروا في طريقهم. هذا يعد تعزيزا واضحا وخطيرا للعناصر السلبية في المنطقة». ويقولون إنه من المشكوك فيه ما إذا كانت لدى روسيا أي مصلحة حقيقية في تعزيز إيران بشكل كبير في سوريا، لكن المسألة هي أن «موسكو ليس فقط أنها لا تعمل على منع هذا الأمر، بل إنها في الواقع تسرعه».
وقال أحد هؤلاء المسؤولين: «الأسد هو مجرم حرب ووحش كيماوي مثابر. لقد دفعت القنابل الكيماوية، التي قتل بها ما يقارب ألف مدني، قبل خمس سنوات، الروس إلى التوسط في صفقة لإزالة جميع الأسلحة الكيميائية من سوريا. وكان من المريح لأوباما، الذي لم يرغب في القصف، خداع نفسه بأنه لم يتبق لدى الأسد سلاح كيماوي في ترسانته. لكنه منذ هذه الصفقة في عام 2014. سجلت منظمات المراقبة الدولية أكثر من 85 حالة من الهجمات الكيميائية في سوريا، معظمها من قبل قوات النظام. وقد وقعت أخطر الحالات قبل عام بالضبط، حين قُتل ما يقرب من 100 شخص بسبب غاز الأعصاب السارين».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.