أستراليا تمنع مغادرة شحنة أغنام إلى الشرق الأوسط إثر فيديو صادم

إطلاق خط ساخن يحذر من السلوكيات السيئة ضد الماشية

TT

أستراليا تمنع مغادرة شحنة أغنام إلى الشرق الأوسط إثر فيديو صادم

منعت أستراليا مغادرة سفينة تصدير كان من المقرر أن تنقل شحنة تحمل 50 ألف رأس غنم إلى دول عربية في الشرق الأوسط، بعد انتشار مقطع فيديو لأغنام تنفق وتصارع للتنفس، في ظروف قذرة وبائسة على متن رحلات سابقة العام الفائت.
ويخضع تصدير أستراليا للماشية الحية الذي يدر على البلاد أكثر من 800 مليون دولار أسترالي (615 مليون دولار)، لتدقيق كبير في السنوات الأخيرة بعد انتشار مقاطع فيديو تظهر إساءة التعامل للماشية والأغنام في مسالخ خارج البلاد.
وأظهرت الصور الأخيرة التي التقطت على متن سفينة نقل الماشية الحية «أواسي إكسبرس»، عدداً كبيراً من رؤوس الغنم في حظائر خانقة تحيط بها أو تغطيها كميات كبيرة من الروث. وكان عدد كبير منها نافقا.
ونشرت مجموعة ناشطي الدفاع عن الحيوان «أنيمالز أستراليا» الصور التي التقطت خلال أكثر من خمس رحلات إلى قطر والكويت وسلطنة عمان العام الفائت.
وقال فيصل عبد الله الخريج من الأكاديمية البحرية في أستراليا الذي صوّر الفيديو للقناة التلفزيونية التاسعة: «لقد نفقت (الأغنام) أمامنا». وقد أفادت القناة التي بثت الفيديو الأحد الماضي، بأن الأغنام كدست على ارتفاع عشرة أدوار في السفينة وأجبرت على البقاء واقفة لثلاثة أسابيع في ظروف مناخية صيفية «تشبه الأفران». فيما أضاف عبد الله أنّ الحملان الصغيرة المولودة لأغنام حاملة والتي ليس من المفترض تصديرها، نفقت على متن السفينة وألقيت في البحر.
من جانبها، قالت هيئة السلامة البحرية الأسترالية الاثنين، إنّ آلاف الأغنام نفقت في ظروف مماثلة من دون أن تقدم أعداداً محددة أو فترة زمنية.
ومنعت الهيئة السفينة نفسها التي كان من المقرّر أن تبحر من ميناء فريمانتل على الساحل الغربي الأسترالي هذا الأسبوع، من التوجه إلى قطر والكويت، بعد تحقيق «أثار مخاوف بشأن تهوية بعض الحظائر».
وقال وزير الزراعة الأسترالي ديفيد ليتلبراود الاثنين إنه أجرى مباحثات «بناءة» مع قادة الصناعة ومؤسسات الرعاية المعنية بالملف لتعزيز معايير التجارة في الماشية الحية.
واستبعد ليتلبراود فرض حظر على تصدير الرؤوس الحية، لكنه أكد اتخاذ إجراءات أخرى، من بينها إطلاق خط ساخن بحلول نهاية الأسبوع الجاري يمكن بواسطته أن يقوم الناس «بالتحذير من السلوكيات السيئة» بحق الماشية.
وقالت شركة إيمانويل للصادرات التي تشغل «أواسي إكسبرس»، لهيئة الإذاعة الأسترالية إنها أدخلت تغييرات لمعايير الرعاية، من بينها تقليل أعداد الأغنام والماشية في الحظائر واصطحاب مراقب حكومي على متن سفنها العاملة في تصديرها.
وعلقت أستراليا شحنات الرؤوس الحية إلى مصر لعدة أشهر في عام 2013، بعد لقطات فيديو في مسالخ أظهرت سوء معاملة «بشعة» لأبقار. وعلق التصدير مؤقتا أيضا إلى إندونيسيا على خلفية التعامل الوحشي مع الحيوانات.
بدوره، قال جودة عزت مدير عام بالهيئة العامة للخدمات البيطرية لـ«الشرق الأوسط»: «بعد منع أستراليا تصدير المواشي والأغنام، أنشأت مصر مجازر آلية حديثة في المدن الساحلية مثل العين السخنة والإسماعيلية لذبح الحيوانات الحية المستوردة من الخارج، وقد دُعي الجانب الأسترالي لزيارتها والاطلاع عليها وتفقدها». موضحاً، أن الأستراليين أعادوا تصدير الرؤوس الحية إلى مصر مرة أخرى، بعد الاطمئنان إلى التعامل برفق مع الحيوانات، لكن المشكلة الأخيرة التي ثارت مجدداً لا تخص مصر، بل تخص دولاً أخرى كانت المواشي في طريقها إليها، ومصر ليست من ضمنها.
وتابع عزت الذي شغل منصب مدير مجزر المنيب الآلي بالجيزة قبل سنوات عدة: «يجرى حالياً رفع كفاءة معظم المجازر في مصر، حيث أسندت عمليات التطوير إلى القوات المسلحة والهيئة العربية للتصنيع، ومن المفترض أن تتسلمها الهيئة مرة أخرى بعد انتهاء رفع الكفاءة. وتابع قائلا: «المجازر المصرية تعرضت إلى حالة تدهور كبيرة في العقود الثلاثة الأخيرة بسبب تدهور البنية التحتية ومقاومة الجزارين لعمليات الذبح الآلية، بالإضافة إلى تبعيتها للإدارات المحلية في المدن والمراكز التي لم تقم بعمليات تطوير منذ فترات طويلة. ولفت إلى أهمية وجود صرف جيد وأحواض ترسيب جيدة ونظيفة، لأن هناك نحو 300 مرض مشترك بين الإنسان والحيوان، والأطباء البيطريون هم الأكثر عرضة للإصابة بتلك الأمراض». وطالب عزت بضرورة فرض نظام موحد على كل المجازر، والتصدي لمشاغبات الجزارين المقاومين لعمليات التطوير، والتعامل معهم بحسم، من خلال إنشاء نقاط شرطة داخل المجازر.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».