«داعش» يستهدف مقراً حزبياً في الأنبار

نفذه انتحاريون وأوقع قتلى وجرحى

TT

«داعش» يستهدف مقراً حزبياً في الأنبار

أدى هجوم لتنظيم داعش على أحد مقرات حزب الحل الذي ينتمي إليه محافظ الأنبار محمد الحلبوسي إلى وقوع عشرات القتلى والجرحى فيما نجت إحدى المرشحات عن قائمة الحل بالمحافظة ورئيس البلدية. وقالت قيادة عمليات الجزيرة، في بيان لها أمس إن «قوة من لواء المشاة 29 الفرقة السابعة تمكنت من قتل ثلاثة إرهابيين انتحاريين حاولوا اقتحام مبنى حركة الحل في هيت». وأضافت القيادة أن «ذلك جاء بعد الاشتباك مع الانتحاريين»، مشيرة إلى أن «القوة تمكنت من إنقاذ رئيس مجلس هيت ومدير البلدية وإحدى المرشحات بعد أن كانوا محاصرين داخل المبنى».
من جهته أفاد مصدر أمني في الأنبار أن انتحاريا فجر نفسه في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس داخل مقر الحزب، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى. وفي هذا السياق أكد محافظ الأنبار محمد الحلبوسي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الهجوم من قبل تنظيم داعش الإرهابي يأتي بمثابة ردة فعل على ما قامت به القوات الأمنية خلال الفترة الماضية حيث نفذت ثلاث عمليات نوعية استهدفت مضافات (داعش) واحدة في الثرثار والثانية شمال هيت والثالثة في منطقة الرطبة».
وبشأن الخسائر التي وقعت في صفوف المدنيين خلال الهجوم الأخير، قال الحلبوسي إن «الهجوم أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص بينما جرح 9 أشخاص من بينهم المرشحة للانتخابات البرلمانية القادمة عن حزب الحل زينب عبد الحميد»، مبينا أن «هذه المحاولة تأتي بهدف زعزعة وتقويض الأمن والاستقرار في المحافظة». وجدد الحلبوسي اتهامه لمن وصفهم بمن «وقف إلى جانب الاعتصامات التي حدثت قبل سنوات في الأنبار والتي أدت بعد نحو عام من قيامها إلى قيام تنظيم داعش باحتلال عدد من المحافظات العراقية»، مضيفا أن «هؤلاء هم أنفسهم من يعملون اليوم على العبث بأمن الأنبار التي يعد استقرارها بمثابة المفتاح لاستقرار العراق كله».
واتهم الحلبوسي منافسين سياسيين لم يسمهم بأنهم «يحاولون عرقلة ما تقوم به الجهات التنفيذية بالمحافظة من جهود جبارة سواء لإعادة الأمن والاستقرار أو لإعادة الإعمار والبناء حيث إن ذلك لن يروق لهم لأنه كشفهم تماما».
بدوره، نفى الأمين العام لحزب الحل، محمد الكربولي، أن يكون هو من استهدفه الهجوم الذي وقع في أحد مقرات حزب الحل في مدينة هيت. وقال الكربولي في بيان له تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن «الاستهداف الذي تعرض له مقر حزب الحل ومرشحيه للانتخابات إنما هو محاولة من بقايا الإرهاب وداعميه لمنع أبناء الأنبار من اختيار ممثليهم وقادتهم الشباب بهدف الإبقاء على الوجوه القديمة وعرقلة عجلة التقدم والتغيير في المحافظة». وأضاف الكربولي أن «الإرهاب بأشكاله السياسية والطائفية لن يثنينا عن دورنا في تعزيز إرادة التغيير في محافظتنا الأنبار ودعم شبابها لاستكمال مشروع بناء أنبار الحضارة والمدنية رغما عن أنف الكارهين».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم