مرحلان جزائريان من غوانتانامو يخضعان للتحقيق لدى المخابرات العسكرية تحسبا لإحالتهما إلى القضاء

رئيس هيئة حقوقية حكومية: مخاوف امزيان وبن سايح من التعذيب لا مبرر لها

مرحلان جزائريان من غوانتانامو يخضعان للتحقيق لدى المخابرات العسكرية تحسبا لإحالتهما إلى القضاء
TT

مرحلان جزائريان من غوانتانامو يخضعان للتحقيق لدى المخابرات العسكرية تحسبا لإحالتهما إلى القضاء

مرحلان جزائريان من غوانتانامو يخضعان للتحقيق لدى المخابرات العسكرية تحسبا لإحالتهما إلى القضاء

أفاد مصدر أمني جزائري على صلة بأجهزة محاربة الإرهاب بأن السجينين الجزائريين المفرج عنهما من غوانتانامو أخيرا ضد رغبتهما وصلا إلى الجزائر صباح أول من أمس (الخميس)، وأنهما يوجدان حاليا في مركز تابع لجهاز المخابرات العسكرية بأعالي العاصمة، حيث يجري التحقيق معهما بخصوص صلاتهما المفترضة بالإرهاب.
وقال المصدر، الذي رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن فترة التحقيق مع جمال سعيد علي امزيان وبلقاسم بن سايح «لن تطول». وعد وجودهما لدى المخابرات «إجراء عاديا جرى تطبيقه على كل المساجين المرحلين من غوانتانامو، وعلى كثير من الضالعين في قضايا الإرهاب، ويندرج ذلك في إطار التدابير القانونية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب»، مشيرا إلى أن امزيان وبن سايح سيحالان إلى القضاء بعد إعداد تقرير عن كل واحد منهما، يحمل تفاصيل مسارهما منذ مغادرتهما الجزائر، منتصف عقد التسعينات من القرن الماضي. وأضاف المصدر «القضاء سيكون حرا في تحديد مصيرهما، فإما أن يأمر قاضي التحقيق بإسقاط شبهة الإرهاب عنهما، وعندها لن تكون هناك حاجة لمحاكمتهما. وإما يوجه لهما تهمة الإرهاب، وحينها سيقفان أمام هيئة محكمة الجنايات للرد على التهمة».
ورحلت الحكومة الأميركية أكثر من 15 سجينا جزائريا، من المعتقل الموجود في خليج كوبا، في السنوات الأربع الماضية. وأغلبهم رفضوا الترحيل خوفا من التعذيب، وأغلبهم أيضا وجهت لهم تهمة «الانتماء إلى جماعة إرهابية تنشط بالخارج». ولكن لانعدام الأدلة المادية التي تدينهم، استفادوا من البراءة أثناء المحاكمة والتحقوا ببيوتهم التي غادروها منذ سنوات طويلة. ويسعى البعض منهم إلى العودة إلى البلدان التي اعتقلوا فيها، مثل البوسنة وباكستان، حيث تزوجوا بأجنبيات ولهم أطفال. غير أن السلطات ترفض منحهم جوازات سفر.
وقال فاروق قسنطيني، رئيس «لجنة حماية حقوق الإنسان» المرتبطة برئاسة الجمهورية، لوكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، إن امزيان وبن سايح «لا ينبغي أن يخشيا شيئا في الجزائر، لأنهما لا يقعان تحت طائلة أي تهمة». وأوضح أن السلطات «استقبلتهما من دون أي مشكلة لأنهما يحملان الجنسية الجزائرية»، مشيرا إلى أن ترحيلهما «أمر طبيعي، فقد جرى ترحيل آخرين من قبل ولم توجه لهما أي تهمة». وأضاف «لقد نظر القضاء الجزائري في حالات عدة مساجين عادوا من غوانتانامو، وبرأهم بكل سيادة».
وطلب امزيان، الذي أقام في النمسا وكندا، العودة إلى كندا منذ أن أعلنت إدارة الرئيس السابق جورج بوش في 2007 أنه سيفرج عنه. وطالب بن سايح، من جانبه، بالعودة إلى البوسنة حيث اعتقل في 2002، وحيث تقيم زوجته وبناته.
وعن رفضهما الرجوع إلى بلدهما الأصلي خوفا من التعذيب، قال قسنطيني، الذي غالبا ما يتحدث باسم الحكومة، في قضايا حقوق الإنسان عندما تحمل أبعادا دولية «مخاوفهما غير مبررة وفي غير محلها، فهما لن يتعرضا لأي خطر لأنهما كانا منقطعين عن بلدهما وعن الواقع في الجزائر، منذ وقت طويل. كما أنهما يجهلان أن بلدهما يعيش في كنف المصالحة الوطنية منذ سنة 2005»، في إشارة إلى تدابير اتخذها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، تمنح العفو لكل شخص متورط في الإرهاب إذا سلم نفسه طواعية.
وتحمل هذه الإجراءات قادة «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» مسؤولية الدماء التي سالت، خلال الحرب الأهلية في عقد التسعينات من القرن الماضي.
ونقلت الوكالة الرسمية أن حكومة الولايات المتحدة «عبرت عن امتنانها للحكومة الجزائرية على رغبتها في دعم جهود الولايات المتحدة الرامية إلى إغلاق مركز الاحتجاز بغوانتانامو باي». يشار إلى أن البيت الأبيض أكد الشهر الماضي أن إدارة الرئيس باراك أوباما ستواصل «في إطار المعقول» ترحيل السجناء الذين جرى الترخيص بإعادتهم إلى دولهم الأصلية، والذين بلغ عددهم 162 سجينا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم