مساع أوروبية لتوحيد أسواق المال

TT

مساع أوروبية لتوحيد أسواق المال

تواصل المفوضية الأوروبية مساعيها لبناء أسواق مالية أوروبية موحدة. ويسعى مجلسها التنفيذي إلى طرح عدة مسودات تشريعية وتنظيمية وقانونية تمكنه من تقليص التشرذم الحاصل في أسواق أوروبا، لا سيما داخل قطاعها المالي الحساس، وعليه، يتوقع خبراء المال الألمان إقراره حزمة من القوانين المالية هذا العام، خصوصا فيما يتعلق بالسندات المضمونة وصناديق الاستثمار إضافة إلى حماية تحويل الاعتمادات من مستثمر إلى آخر ضمن الأراضي الأوروبية.
ويقول فالديس دومبروفسكيس، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، إن توحيد أسواق رؤوس الأموال الأوروبية أضحى أولوية للجميع، والتي تسير في ثلاث وجهات: توحيد العلامات التجارية المالية الأوروبية وتنظيم قواعد متناغمة مع بعضها البعض وضمان الرقابة المالية الآمنة والشفافة.
ويضيف أن السندات المضمونة «covered bonds» ستخضع لقوانين تنظيمية أوروبية جديدة من شأنها توحيد آلية إصدارها على الصعيد الأوروبي. علما بأن هذا النوع من السندات يتم استعماله من المصارف الألمانية والفرنسية والإيطالية. وهي تمثل حوالي 6 في المائة من إجمالي قيمة السندات المصرفية الأوروبية.
في سياق متصل تقول آريان دروس، الخبيرة المالية الألمانية، إن السندات المضمونة تتمتع بدرجة أمان عالية جدا بما أنه يجري تغطية مخاطرها المالية عن طريق سندات أخرى، وهذا حل مريح ومناسب للغاية للمستثمرين. واللافت أن الإقبال على شرائها توسع منذ العام الفائت ليشمل مستثمرين خاصين أميركيين وآسيويين.
وتضيف دروس: «يرسو إجمالي السندات المضمونة في الأسواق الأوروبية على 2.1 تريليون يورو حاليا. ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى إعطائها تعريفا تجاريا موحدا ومزايا موحدة بهدف ترويجها سوقيا تحت علامة تجارية موحدة. بالطبع يكمن هدف تحديث هذه القوانين في التخفيف من تكاليف إصدار هذه السندات لما إجماليه 1.5 إلى 1.9 مليار يورو، وهذه خطوة هامة ستجعل من السندات الأوروبية منافسة مباشرة لنظيرتها الأميركية التي تغرق الأسواق المالية الدولية بحوالي 6.4 تريليون دولار من هذه السندات المتمركزة في بورصات لندن وهونغ كونغ وبورصة وول ستريت.
وتتابع: «علاوة على تحديث ملف تنظيم وبيع السندات المضمونة تتحرك المفوضية الأوروبية في بروكسل نحو إقرار إجازة بيع صناديق الاستثمار على كافة الأراضي الأوروبية. في الوقت الحاضر تم تسجيل ما معدله 37 في المائة من هذه الصناديق للبيع لدى 3 من أصل 28 دولة في الاتحاد الأوروبي. وللآن لا يوجد أي صندوق استثماري معروض للبيع في ألمانيا. ولا شك في أن هدف المفوضية الأوروبية يحوم حول إزاحة جميع العوائق والعقبات لأجل إتاحة فرصة بيع وشراء هذه الصناديق من المستثمرين في كافة أنحاء العالم على نحو أسهل وأسرع وأقل تكلفة. ويبدو أن المفوضية الأوروبية تنوي استحداث قوانين تشريعية أكثر تطورا من تلك المتداول بها أميركيا وآسيويا».
وحسب قولها أيضا: «اعتمادا على معطيات مالية حديثة التأريخ يستوطن 70 في المائة من رؤوس الأموال الأوروبية داخل صناديق استثمارية مسجلة حصرا في بلدانها، لذا فإن توحيد أسواق المال الأوروبية من شأنه إحداث موجة من الفرص الاستثمارية الجديدة في القارة الأوروبية من جهة وإنعاش المنافسة من جهة الأخرى. كما أن عملية تسريع ولادة سوق مالية أوروبية موحدة تجلب معها منافع متعددة أهمها ادخار ما إجماليه 550 مليون يورو لصالح المُشغّلين وصناديق الاستثمار كل عام».
وتختم الخبيرة آريان دروس بالقول إن حماية رؤوس الأموال التي تنتقل من مستثمر إلى آخر مسألة حساسة تسعى المفوضية الأوروبية إلى ضمانها وحمايتها من كافة الجوانب. كما توجد عدة شركات مالية تتحرك داخل الأسواق المالية، من دون قواعد تنظيمية واضحة، لجمع السيولة من مستثمرين مقيمين في دول بعيدة جغرافيا عنها، وهذه ثغرة ينبغي على بروكسل التحرك لردمها بأسرع وقت ممكن.



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.