تعثر اتفاق إجلاء معارضين يشعل دمشق وريفها

TT

تعثر اتفاق إجلاء معارضين يشعل دمشق وريفها

مع تعثر تطبيق اتفاق إجلاء المقاتلين من مدينة دوما آخر معاقل المعارضة في غوطة دمشق الشرقية، واستئناف النظام لغاراته «الهستيرية» على المدينة، تبددت حالة الهدوء في أحياء وسط العاصمة الواقعة تحت سيطرته، وأصيبت الحركة فيها بالشلل بسبب تساقط عشرات القذائف عليها، وعاد الخوف والرعب ليخيم على أوساط الأهالي.
وكان لافتاً، منذ مساء الجمعة، في أحياء أطراف العاصمة الشرقية، عودة الطيران الحربي للتحليق، وتجديد قصفه لمدينة دوما التي يسيطر عليها فصيل «جيش الإسلام» بمئات الغارات والبراميل المتفجرة والصواريخ، ذلك بعد توقف استمر منذ الإعلان عن اتفاق إجلاء المقاتلين والمدنيين من المدينة قبل أكثر من عشرة أيام.
كما عادت القذائف لتتساقط بغزارة على أحياء وسط العاصمة وأطرافها ويُسمَع دوي انفجارات قوية فيها.
وبحسب مصادر مقربة من عناصر جيش النظام على جبهة دوما، فإن أوامر من «قيادات عليا» وصلت إليهم باستئناف الهجوم على مدينة دوما «بجميع أنواع الأسلحة»، من دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.
في المقابل، تحدثت مصادر أهلية في دوما عن «قصف جنوني وهستيري» تتعرض له المدينة، منذ مساء الجمعة، ومقتل نحو 50 شخصاً غالبيتهم من الأطفال والنساء، وإصابة العشرات من جراء تلك الغارات والقصف، وتوغل جيش النظام في مزارع دوما من جهة بساتين الريحان ومسرابا، الأمر الذي نفاه «جيش الإسلام».
وبعد أن استعادت قوات النظام خلال الأسابيع الماضية السيطرة على كامل الغوطة الشرقية، باستثناء جيب دوما، أعلن الإعلام الرسمي السوري قبل أيام التوصل إلى اتفاق لإجلاء المقاتلين والمدنيين من دوما، كما حصل مع المقاتلين في الجيوب الأخرى في الغوطة الشرقية، لكن «جيش الإسلام» امتنع عن التعليق على الموضوع.
وخرج بالفعل نحو أربعة آلاف شخص من دوما قيل إنهم مقاتلون وأفراد عائلاتهم، وتوجَّهوا إلى ريف حلب في شمال البلاد، لكن العملية توقفت، أول من أمس (الخميس)، فقد دخلت نحو عشرين حافلةً إلى دوما، لتعود أدراجها فارغة، وتحدثت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن «خلافات داخلية» بين عناصر «جيش الإسلام».
وفي وقت لا يزال الغموض يكتنف مضمون اتفاق الإجلاء الذي تم بين الروس و«جيش الإسلام»، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان: «تمّ تعليق الاتفاق القديم، وهناك مباحثات بين الروس و(جيش الإسلام) من أجل التوصل إلى تسوية جديدة».
وأضاف: «تبيّن أنه من أصل العشرة آلاف مقاتل لدى (جيش الإسلام) أكثر من أربعة آلاف يرفضون الخروج بتاتاً». وأوضح أن المفاوضات تجري بين «جيش الإسلام» من جانب، وسلطات النظام والروس من جانب آخر، للتوصل إلى اتفاق جديد، يفضي إلى «تسوية جديدة»، حول دوما والقلمون الشرقي وريف دمشق الجنوبي وجنوب دمشق.
ولوحظ منذ ساعات، صباح يوم أمس، ندرة وسائل النقل العامة من باصات و«سرافيس» صغيرة في أحياء أطراف العاصمة ووسطها، بينما كانت حركة المارَّة والسيارات السياحية الخاصة خفيفة للغاية في الطرق الرئيسية.
ونفى «جيش الإسلام»، أن يكون استهدف أحياء العاصمة الواقعة تحت سيطرة النظام، بعد أن ادعت وسائل إعلام النظام، أن «جيش الإسلام» قصف بقذائف الهاون المدنيين في أحياء «المزة 86» و«مساكن برزة» و«أبو رمانة» و«جسر الرئيس» ومحيط ساحة الأمويين وسط العاصمة و«ضاحية الأسد» وممر «مخيم الوافدين» و«ضاحية الأسد» ومنطقة الربوة بريف العاصمة ما أدى إلى مقتل 13 شخص وإصابة العشرات.
وأطبقت قوات النظام الحصار على مخيم اليرموك الفلسطيني جنوب دمشق، الذي يقع بغالبيته تحت سيطرة تنظيم «داعش». وأغلقت السبت المداخل الجنوبية لمخيم اليرموك (حاجز ببيلا - سيدي مقداد) الفاصل بين مخيم اليرموك ومدينة دمشق استعداداً لشن هجوم كبير وإنهاء ملف تنظيم «داعش» والفصائل المعارضة الموجودة هناك. ويُعدّ هذا المنفذ الوحيد للمخيم المؤدي إلى بلدات جنوب دمشق ببيلا ويلدا وبيت سحم، ويعبر منه مدنيون



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.