ألمانيا ترتب للقاء تشاوري بين الحركات المسلحة وحكومة السودان

TT

ألمانيا ترتب للقاء تشاوري بين الحركات المسلحة وحكومة السودان

في الوقت الذي أكدت فيه الخرطوم جاهزيتها للدخول في مفاوضات مع الحركات المسلحة، التي تحارب في دارفور، عبر لقاء تخطط برلين لعقده منتصف هذا الشهر، عاد الرئيس عمر البشير إلى لغته العنيفة تجاه الدول الغربية، عبر هجومه على سفيرة بريطانيا سابقا لدى السودان، واتهمها بالوقوف وراء جمع قادة تحالف «نداء السودان» في باريس، الذي عقد مؤخراً، والذي اختار رئيس حزب الأمة الصادق المهدي رئيسا للتحالف المعارض.
ودعت ألمانيا حركتي العدل والمساواة، وتحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، إلى برلين لاجتماع تشاوري مع وفد الحكومة السودانية يومي 16 و17 من أبريل (نيسان) الحالي، بحضور رئيس البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في دارفور (يوناميد)، وممثلين عن الاتحاد الأوروبي، ودول الترويكا (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج)، بالإضافة إلى الاتحاد الأفريقي، وذلك بهدف الوصول إلى اتفاق يمهد لإجراء مفاوضات تتعلق بوقف العدائيات.
وقال جبريل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة، إن الاجتماع الذي دعت له الحكومة الألمانية في برلين هو لقاء تمهيدي، يجمع إلى جانب تنظيمه حركة تحرير السودان، ووفدا من الحكومة السودانية، مبرزاً أن هدف الاجتماع هو التفاوض حول وقف العدائيات، ومن ثم الانتقال إلى التفاوض حول القضايا السياسية.
من جانبه، أكد مني أركو مناوي، رئيس حركة تحرير السودان التي تقاتل في دارفور، أنه سيتم تحديد موقف حركته من وثيقة «الدوحة لسلام دارفور 2011»، بناء على نتائج المشاورات خلال الاجتماع المرتقب منتصف هذا الشهر.
وكانت الحركات المسلحة غير الموقعة على اتفاق السلام مع الحكومة السودانية قد رفضت وثيقة «الدوحة لسلام دارفور»، وكررت في أكثر من مناسبة أن هذه الوثيقة ماتت، ولم تحقق السلام في الإقليم المضطرب منذ عام 2003، كما أنها لم تلب مطالب أهل المنطقة.
من جهتها، جددت الحكومة السودانية استعدادها للدخول في مفاوضات مباشرة مع متمردي دارفور، حال تسلمها الدعوة لاستئناف المفاوضات، وأكدت أن مسار العملية السلمية سيكون وفق وثيقة «الدوحة»، باعتبارها الأساس لأي اتفاق يمكن أن يوقع في الإقليم.
في غضون ذلك، شن الرئيس عمر البشير هجوما عنيفا على سفيرة سابقة في الخارجية البريطانية، دون أن يسميها، ليعود بذلك إلى لهجته السابقة في مواجهة الدول الغربية، بعد أن توقف عنها بفضل الحوار الذي بدأ بين حكومته والولايات المتحدة، وعدد من الدول الأوروبية، من بينها المملكة المتحدة، حيث اتهم سفيرة بريطانيا السابقة لدى السودان بأنها قامت بجمع قادة تحالف «نداء السودان» المعارض، وقال إنهم خضعوا لها خلال اجتماع باريس مؤخرا، موضحا أن هذه الدبلوماسية فشلت في وقت سابق في فرض إملاءات عليه، وأن حكومته سبق لها أن طردت سفير المملكة المتحدة مرتين من قبل، وممثل الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان، السفير يان برونك سنة 2006.
وكرر البشير هجومه على تحالف قوى «نداء السودان»، مجددا وعده «بتأديب العملاء والمرتزقة»، وقال إنه لم يعد هناك مبرر لبقاء قادة المعارضة خارج البلاد، بعد أن أعلنت حكومته مبادرة الحوار الوطني، الذي خرج بتوصيات تتعلق بتعديل الدستور والقوانين، واستيعاب القوى السياسية في الحكومة.
وكان جهاز الأمن قد قام بتحريك إجراءات قانونية ضد رئيس الوزراء السابق رئيس قوى «نداء السودان» الصادق المهدي، بعد تهديدات الرئيس البشير لمن يتحالف مع الحركات المسلحة. ويضم تحالف المعارضة أحزاباً سياسية، وعلى رأسها حزب الأمة، والمؤتمر السوداني، إلى جانب حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان بقيادة مني أركو، والحركة الشعبية بقيادة مالك عقار.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».