قرار السنيورة العزوف... هل هو إنهاءللمسيرة السياسية؟
- في الخامس من شهر مارس (آذار) الحالي أعلن فؤاد السنيورة عزوفه عن الترشح للانتخابات النيابية اللبنانية.
تعمد رئيس «كتلة المستقبل» النيابية في مؤتمره الصحافي الذي أعلن فيه عزوفه، التذكير بكل المراحل السياسية التي مرّ بها، كأنه يخاطب بذلك المقربين منه والحلفاء قبل الخصوم، مع تأكيده أن هذا القرار «لا يعني أبداً الانفصال عن تيار المستقبل».
قرار السنيورة الذي أكد أنه جاء انطلاقاً من عدم رضاه عن قانون الانتخابات رأى فيه البعض أن «مرحلة التسويات الحالية ليست مرحلته»، وهو الذي لطالما رفع شعار مواجهة «حزب الله» وما زال. ولقد أكده في مؤتمره الصحافي الأخير، ليجعله الخصم الأول للحزب وفريق «8 آذار» الذي يضم أنصار محور دمشق – طهران.
رفض ترشيح عون
ويُجمع الحلفاء والخصوم على أن الاختلاف الذي شاب العلاقة بين السنيورة والحريري في السنوات الأخيرة هو الذي أدى إلى ابتعاده عن المشهد السياسي وصولاً إلى عزوفه عن الترشح. وهو ما يشير إليه مصدر في «14 آذار»، مذكّراً بالاختلافات في وجهات النظر بين السنيورة ورئيس الحكومة سعد الحريري منذ التسوية الرئاسية التي أدت إلى انتخاب ميشال عون رئيساً، مروراً بقانون الانتخابات الذي يهدف –في رأيه– إلى سيطرة «حزب الله» على البرلمان.
من ناحية، ثانية، ترشُّح السنيورة عن المقعد السنّي في صيدا كان سيتحوّل إلى معركة خاسرة بناءً على قانون «التمثيل النسبي» الجديد الذي لن يسمح لـ«تيار المستقبل» بالفوز بأكثر من مقعد في عاصمة الجنوب، حيث ترشّحت النائبة بهية الحريري. وهنا تلفت المصادر إلى أن الحريري، الذي كان قد زار السنيورة عشية إعلانه قرار عزوفه، وتمنى عليه الترشّح في صيدا، كان قد عرض عليه الترشح أيضاً في بيروت أو زحلة أو طرابلس، لكنه لم يلقَ تجاوباً منه.
في المقابل، ترفض مصادر «المستقبل» رفضاً قاطعاً وضع قرار السنيورة في خانة الإقصاء، معتبرةً أنه لا الحريري ولا غيره ممكن أن يقوم بخطوة كهذه، لأنها ستكون كمن يطلق النار على نفسه. وهي في هذا السياق تشدد على أن «عدم ترشح السنيورة لم يكن إلا لأسباب مرتبطة بالقانون الانتخابي بحيث إنه لم ولن يرضى أن يكون في موقع (البدل عن ضائع)، وعلى العكس فإن انسحابه من الانتخابات منحه قيمة أكبر من خوضها في هذه الظروف»، واصفة الاختلافات بين «الرئيسين» بـ«الطبيعية».
لا ينفي أحد من السياسيين المقربين من السنيورة «تراكم التباينات في وجهات النظر بين الأخير والحريري». ويشيرون إلى أن رئيس «كتلة المستقبل» الذي يرفض المهادنة مع «حزب الله»، «افترق» عن الحريري بشكل أساسي منذ دعم الأخير انتخاب عون، وكان واضحاً اعتراض السنيورة عليه ورفض انتخابه. وبهذا خالف قرار «كتلة المستقبل»، وهو الأمر الذي انسحب على قانون الانتخابات وصولاً إلى قانون سلسلة الرتب والرواتب و«ملف الكهرباء».
هذه الملفات التي نتجت عن التسوية الكبرى وما يلحق بها من «تسويات صغيرة» قام بها الحريري، الذي ترأس حكومة إلى جانب «حزب الله» تحت عنوان «ربط النزاع» أسهمت في «ابتعاد» السنيورة عن الحريري.
لكن الافتراق الانتخابي الذي يرى فيه معظم الأطراف أنه أدى إلى إنهاء حياة السنيورة السياسية بعدما حمل «إرث» رفيق الحريري السياسي لسنوات، يرفضه «المستقبليون»، خصوصاً الشخصيات التي رافقت السنيورة منذ عام 2005. وهؤلاء، وإنْ بحسرة وأسى، يبدون كأنهم يرفضون الإقرار به. وهنا يقول أحدهم: «السنيورة قدوة ومثال لرجل الدولة والصلابة والوفاء للشهيد الحريري. السياسة في لبنان لن تفتقد السنيورة الذي سيبقى أحد أبرز أعمدة (المستقبل) ولا يمكن إلا أن يبقى كما كان قائداً لمسيرة وثورة (14 آذار)، ولا بدّ للحريري أن يكتشف خطأه في وقت لاحق»، حسب تعبيره.
لكن وفي كلام أكثر واقعية خصوصاً لجهة دوره في السياسة الداخلية، يقول أحد السياسيين المقربين منه: «عمل السنيورة، العضو في مجلس العلاقات العربية والدولية، لا يقتصر على السياسة اللبنانية بل هو عروبي بالدرجة الأولى... وسيبقى كذلك عبر عمله الوطني والقومي، أما في تيار المستقبل فسيكون له الدور السياسي وليس التنظيمي».