رحيل مؤسس أكبر شركة منتجة للذهب في العالم

بدأ حياته بتنظيف الحدائق

الراحل رجل الأعمال بيتر مونك
الراحل رجل الأعمال بيتر مونك
TT

رحيل مؤسس أكبر شركة منتجة للذهب في العالم

الراحل رجل الأعمال بيتر مونك
الراحل رجل الأعمال بيتر مونك

توفي رجل الأعمال بيتر مونك، المهاجر الكندي الذي أنشأ مؤسسة «باريك غولد كورب» في بداية الثمانينات وحوّلها من شركة للمشروعات الصغيرة إلى إمبراطورية عالمية، عن عمر ناهز 90 عاماً، الأربعاء الماضي، بمدينة تورونتو الكندية.
تنوعت مشروعات مونك بين التكنولوجيا المتطورة والعقارات. ونظراً إلى كونه مؤسس شركة «باريك» بمدينة تورونتو، التي تعد أكبر منتج للذهب في العالم، فقد نجح في جمع ثروة هائلة سيذهب أغلبها بعد وفاته إلى الجمعيات الخيرية، حسبما أوصى.
وُلد رجل الأعمال الكندي بمدينة بودابست في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) 1927 لأبوين مجريين، لاغوس مانك وكاترينا أدلر، ثم فر من الاحتلال النازي عام 1944 برفقة عائلة والده.
وفي عام 1948، أرسل مونك ابنه بيتر من معسكر الاعتقال في سويسرا ليعيش مع عمه في كندا. وفي مقابلة شخصية جرت عام 1998، أفاد بيتر مونك بأنه في البداية كان يخشى تلك الخطوة لكنه صمم على النجاح. وأضاف: «ربما كنت أعاني من اهتزاز ثقتي بنفسي وقدرتي على النجاح في كندا، خصوصاً أنني لم أكن أتحدث الإنجليزية ولم يكن لي أي اتصالات في هذا البلد».
- السنوات الأولى
ووصف بيتر سنواته الأولى في كندا كمن يسترجع قصة حب. فبعدما انتهت فترة الحرمان التي عاشتها أوروبا بعد انتهاء الحرب، بات الغذاء وفيراً وأصبح يجد الترحاب من زملائه الذين باتوا يستقبلونه في منازلهم ويقدمون له الطعام «رغم أنه لم يكن قد بدأ يتحدث الإنجليزية ولم يكن يعرف أحداً في هذا البلد قَط».
عمل بيتر في عدد من الأعمال الغريبة مثل بيع أشجار الكريسماس، وحصد أوراق التبغ، وتنظيف الحدائق. وبالتزامن مع تلك الأعمال، تخرج بيتر في جامعة تورونتو وحصل على بكالوريوس هندسة الكهرباء عام 1952.
وقد عكست حكايات بيتر عن سنوات طفولته المبكرة في كندا قدراً من التفاؤل الذي لازمه طيلة حياته، حسب ابنته نينا مونك، الصحافية المقيمة في نيويورك، خلال مقابلة أُجريت معها في يوليو (تموز) 2017، والتي أضافت: «أبي ينظر دائماً إلى نصف الكوب الملآن». كانت تلك هي سمة الرجل التي لم تفارقه رغم التحولات الكبيرة التي طرأت على أعماله كمقاول.
وُلدت نينا عام 1967، وهو العام الذي بدأ فيه بيتر أعماله تحت اسم «كليرتون ساوند كورب»، لكن المشروع تعرض للانهيار. وحسب كتاب نينا الذي صدر عام 2008 تحت عنوان «فن كليرتون»، يذكر والدها ذلك العام دوماً على أنه «الأسوأ في حياته». وعلى مدى عقد كامل، كان المشاهير مثل فرانك سيناترا، ووهوغ هافنر، وعازف الجاز أوسكار بيترسون، يبتاعون أشرطة الكاسيت التي تنتجها شركة «كليرتون». لكن حدث أن تجاوزت الكلفة أي مكاسب أخرى بعد أن حوّل مونك عمله إلى البث التلفزيوني والذي جاء نذير شؤم بعدما نقل مشروعاته إلى منطقة «نوفا سكوتيا» ليتكبد بعدها خسائر فادحة في نهاية ستينات القرن الماضي.
وبسبب تلك الخسائر، تعرض مونك للفصل من إدارة الشركة عام 1968، وبعد ذلك واجه دعوى قضائية بزعم عمله في التجارة الداخلية غير الشرعية. وتزامن ذلك مع فشل ذريع آخر، إذ انهار زواجه الأول من ليندا غودتسرون. وفي عام 1969، انتقلت زوجته إلى سويسرا برفقة ابنتهما نينا وشقيقها الأكبر أنطوني.
ولكن بغض النظر عن أحوال أنشطة الأعمال التي يقوم بها مونك، فقد كان دائماً يرتدي بدلات مصنوعة في إيطاليا، حسب الطلب، وقمصاناً ماركة «تشارفيت» مطبوعاً عليها الحروف الأولى من اسمه واسم شركته، وقبعات ماركة «بارسالينو»، وكثيراً ما عبّر عن سعادته بأنه لم يصادف الفشل الذي صادف غيره من رجال الأعمال الأكثر ثراء.
وتضيف نينا: «كنا نعيش في مستوى جيد. وبالنسبة إلى والدي فأسعار الأسهم التي انهارت، والشركات التي أعلنت إفلاسها جميعها كانت تسير في طريق النجاح لكنها حادت عن الدرب الصحيح. لم يشكّ والدي مطلقاً في قدرته على الوقوف على قدميه مجدداً، فلماذا شدُّ الأحزمة إذن؟».
ضربة حظ في «غولد سترايك»
في عام 1970، رحل مونك إلى لندن، حيث أسس هو وشريكه التجاري ديفيد غليمور، شركتهما الجديدة، وكان نشاطها بناء منتجع سياحي على مسافة 7000 هكتار بمدينة فوجي، و50 فندقاً بحوض المحيط الهادي. وفي عام 1979، عاد مونك إلى كندا. وفي 1981، باع شركة «ساوث باسيفيك بروبرتيس» ليرحل بمبلغ يقارب 100 مليون دولار. وكان قد افتتح قبل ذلك بعام شركة «باريك بيتروليم» التي تعمل في مجال استكشاف النفط والغاز، لكنه سرعان ما تحول إلى العمل بمجال الذهب. جرى الإعلان عن الشركة تحت اسم «باريك ريسورسيس» بعد طرحها في بورصة «تورونتو ستوك إكستشنج» عام 1983. وبعد ذلك بثلاث سنوات، ابتاع مونك منجم ذهب صغيراً بولاية «نيفادا» يحمل اسم «غولد سترايك» بمبلغ 62 مليون دولار. واكتشف الجيولوجيون احتياطياً جديداً من الذهب في الموقع ليصبح أحد أغنى مناجم الذهب في العالم.
تضمنت الصفقات الأخرى شراء القاعدة البحرية السوفياتية السابقة بـ«مونتنغرو» في عام 2007 وتحويلها إلى منتجع 5 نجوم، وشراء مرسى لليخوت على البحر الأدرياتيكي.
- التقاعد في السادسة والثمانين
توسعت شركة «باريك» خلال السنوات العشر التالية نتيجة طفرة أسعار الذهب، لتصبح أكبر منتج للذهب في العالم بعد استحواذها على شركة «بلاسر دوم» عام 2006 مقابل نحو 10 مليارات دولار أميركي، بما في ذلك الديون، وهو مبلغ قياسي في تلك الصناعة.
وفي هذا الصدد، صرح مونك في مايو (أيار) 2011 لوكالة أنباء «بلومبيرغ»، بأن «الهدف الأهم هو أن نصبح الأكبر، لمَ لا؟ لماذا الاكتفاء بالوصول إلى منتصف الطريق؟».
في الحقيقة، من شأن دمج شركتي «باريك» ومنافستها «نيوماوت مايننغ كورب» أن يحقق هذا الهدف. وكانت المفاوضات الأخيرة التي جرت عام 2014 قد انتهت بالفشل. وفي نفس العام قفز مونك إلى المشهد بوصفه رئيس مجلس إدارة شركة «باريك» وكان قد بلغ 86 عاماً.
واليوم لم يعد لشركة «باريك» سوى حصة ضئيلة من الإنتاج في شركة «نيوماونت»، ويعد رأس المال السوقي لشركة «نيوماونت» أعلى من «باريك».
وعند تقاعده عن العمل عام 2014 في سن 86، سلّم مونك دفة القيادة إلى جون ثورتون، وتعهد بالاستمرار بالقرب من إدارة الشركة. وفي هذا السياق، كان لمونك تصريح قال فيه «قد تستطيع أن تُخرج مونك من باريك، لكنك لا تستطيع أن تُخرج باريك من مونك»، وجاءت تلك الكلمات خلال الاجتماع السنوي لحاملي أسهم الشركة.
وأسست زوجته الثانية ماليني باسونكويت، التي تزوجها عام 1973، مؤسسة خيرية تعمل من خلال التبرعات الشخصية لبيتر مونك بقيمة 175 مليون دولار، والتي خصصت أوجه إنفاقها لمركز أسسته باسم «مركز بيتر مونك لعلاج القلب».
توجه التبرعات أيضاً إلى «شبكة العلاج الجامعي»، ويخصص 40 مليون دولار لكلية «مونك للعلاقات الدولية»، و43 مليون دولار لـ«معهد إسرائيل التكنولوجي».
ولمونك 5 أبناء هم: أنطوني، ونينا، ومارك ديفيد، وناتالي، وتشين، وتوفيت زوجته ليندا غوترسون عام 2013.

- خدمة «بلومبيرغ»


مقالات ذات صلة

الذهب قُرب أعلى مستوى في أسبوعين وسط تركيز على بيانات التضخم الأميركي

الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع ببيت الذهب «برو أوره» بميونيخ (رويترز)

الذهب قُرب أعلى مستوى في أسبوعين وسط تركيز على بيانات التضخم الأميركي

ظلت أسعار الذهب قُرب ذروة أسبوعين، بدعم من تصاعد التوترات الجيوسياسية، وتوقعات إقدام مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» على خفض آخر لأسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سبائك ذهبية معروضة في مكتب «غولد سيلفر سنترال» بسنغافورة (رويترز)

توقعات باستمرار تألق الذهب حتى 2025 ليصل إلى 2950 دولاراً

مع عودة دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، من المحتمل أن يكون هناك مزيد من عدم اليقين بشأن التجارة والتعريفات الجمركية، مما سيدعم أيضاً سعر الذهب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سبائك ذهبية في مصنع «أويغوسا» لفصل الذهب والفضة في فيينا (رويترز)

ارتفاع طفيف لأسعار الذهب مع ترقب بيانات تضخم أميركية

ارتفعت أسعار الذهب يوم الاثنين مع ترقب المستثمرين بيانات تضخم أميركية هذا الأسبوع، تلمساً لمؤشرات على السياسة النقدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مقر بنك الشعب الصيني في بكين (رويترز)

بعد توقف لـ6 أشهر... الصين تستأنف شراء الذهب في نوفمبر

استأنف البنك المركزي الصيني شراء الذهب للاحتياطيات النقدية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد توقف استمر 6 أشهر.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد سبائك ذهبية في أحد البنوك بزيوريخ في سويسرا (رويترز)

الذهب يتجه نحو الانخفاض بانتظار تقرير الوظائف الأميركي

ارتفعت أسعار الذهب قليلاً، يوم الجمعة، لكنها تواصل التوجه نحو ثاني انخفاض أسبوعي على التوالي، في وقت يترقب فيه المستثمرون بيانات الوظائف الأميركية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

«الاستثمارات العامة السعودي» يستثمر بأكبر صندوق في بورصة طوكيو

صورة تجمع المسؤولين السعوديين واليابانيين خلال إطلاق صندوق مؤشرات متداولة وإدراجه في بورصة طوكيو (الشرق الأوسط)
صورة تجمع المسؤولين السعوديين واليابانيين خلال إطلاق صندوق مؤشرات متداولة وإدراجه في بورصة طوكيو (الشرق الأوسط)
TT

«الاستثمارات العامة السعودي» يستثمر بأكبر صندوق في بورصة طوكيو

صورة تجمع المسؤولين السعوديين واليابانيين خلال إطلاق صندوق مؤشرات متداولة وإدراجه في بورصة طوكيو (الشرق الأوسط)
صورة تجمع المسؤولين السعوديين واليابانيين خلال إطلاق صندوق مؤشرات متداولة وإدراجه في بورصة طوكيو (الشرق الأوسط)

أعلنت مجموعة «ميزوهو» المالية، الخميس، إطلاق صندوق مؤشرات متداولة، وإدراجه في بورصة طوكيو، تحت مسمى «One ETF FTSE Saudi Arabia Index»، حيث سيُقدِّم صندوق الاستثمارات العامة السعودي، والمجموعة اليابانية، استثماراً أولياً رئيسياً في المؤشر، الذي تتجاوز قيمته السوقية المبدئية 15 مليار ين (100 مليون دولار أميركي)، ما يجعله أكبر صندوق للمؤشرات المتداولة في بورصة طوكيو، متخصص بشكل حصري في السوق المالية السعودية.

ويتيح الاستثمار في أسهم السوق المالية السعودية، وقد أسَّسته وتديره شركة إدارة الأصول «One Co. Ltd»، التابعة للمجموعة.

ويُعدّ إطلاق وإدراج صندوق المؤشرات المتداولة الجديد إنجازاً مهماً لتمكين وصول أكبر إلى سوق الأسهم السعودية، التي تشهد تنوعاً كبيراً في الفرص الاستثمارية، كما تعزز الخطوة العلاقات المتنامية بين صندوق الاستثمارات العامة والمستثمرين اليابانيين، وتفتح المجال لمزيد من الفرص الدولية، إلى جانب تعزيز الروابط بين أسواق المال اليابانية والسعودية.

وتسهم الشراكات العالمية لصندوق الاستثمارات العامة في نمو وتنويع اقتصاد المملكة.

ويُعد الإدراج جزءاً من برنامج استثماري أوسع نطاقاً تقوده مجموعة «ميزوهو» المالية، بالتزامن مع انعقاد منتدى الاستثمار السعودي الأول في طوكيو، الذي يجمع بين المؤسسات المالية الرائدة، والشركات المدرجة في كل من اليابان والمملكة.

وقال نائب المحافظ، رئيس الإدارة العامة لاستثمارات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في صندوق الاستثمارات العامة يزيد الحميد: «تعدّ طوكيو مركزاً مالياً عالمياً، ولديها بالتالي مكانة مهمة في استراتيجية الصندوق لتمكين وصول المستثمرين إلى السوق المالية في المملكة».

وتابع الحميد أن الشراكة مع «ميزوهو» وإطلاق صندوق المؤشرات المتداولة سيسهمان في توفير فرص واعدة للمستثمرين اليابانيين في سوق الأسهم السعودية، التي تعدّ من أكثر الأسواق المالية نمواً.