هل ساهم النتاج الأدبي الخليجي في إضعاف الذائقة اللغوية؟

أدباء ونقاد يدافعون عنها ويعتقدون أنها تنتج لغة عصرية

د. حسن النعمي
د. حسن النعمي
TT

هل ساهم النتاج الأدبي الخليجي في إضعاف الذائقة اللغوية؟

د. حسن النعمي
د. حسن النعمي

مع وفرة المنتجات الأدبية في السوق الخليجية، وخصوصا ما يتعلق بالرواية والقصة القصيرة، يرى نقاد ومتابعون أن عددا كبيرا من هذه الأعمال كتب بلغة أقرب إلى اللغة المحكية، وأنها لا تساهم في تقديم أدب رفيع من حيث التكوين اللغوي.
فاتهام الأدباء الحاليين بأنهم يقدمون منتجات أدبية (رواية أو قصة أو شعر أو كتاب) يفتقد الرصانة اللغوية، ويصل إلى الحد الذي يوصم تلك المنتجات بأنها تساهم في (تهبيط) الذوق اللغوي، وإضعاف الذائقة الأدبية. بينما يرد المدافعون، إن هذا اللون من اللغة هو اللغة الوسطى المحكية التي تعبر عن حركة ونبض الشارع، وأن الأدب ينتمي في عمومه لعصره لغة وأسلوبا.

يقول الناقد الدكتور حسن النعمي، إن «الأدباء إذا كتبوا بلغة فصحى مرنة مواكبة متجاوبة مع الحياة، فإن منتجهم الأدبي حينها يكون قد ساهم في إبقاء اللغة العربية حية متفاعلة نامية مستوعبة للمستجدات».
ويرى النعمي أن معظم الكتب التي تصدر في السعودية حاليا، في غالبها تكتب بالفصحى الوسيطة والمقبولة. مبينا أنها تحقق تفاعلا مع عدد كبير من القراء. ويقول: «لا خوف على اللغة العربية من لغة الإعلام ولغة الأدب الحديث».
ويضيف: «هناك مستويات للغة الأدب المطروح الآن، منها: لغة الشعر الحديث، وهي لغة راقية والتعايش معها سهل مع مستوى من التكنيك العالي. ولكن إجمالا، هناك مقولة تفيد بأن الشعراء هم من يصنعون اللغة، وأنا بدوري أعممها للأدباء بأنهم يحيون اللغة، بمعنى أن الأدباء خط دفاع مهم جدا للحفاظ على اللغة العربية».
ويرى النعمي أن الفارق بين الفصحى والعامية ليس بالفارق الخطير في الفهم، مشيرا إلى كون الناس تفهم اللغة سواء بالعامية أو الفصحى، يعد في حد ذاته قيمة كبيرة لا تتوفر في كثير من لغات العالم.

* طالب الرفاعي: رفع الذوق اللغوي

* وفي الإطار نفسه، يرى الروائي الكويتي طالب الرفاعي، أن سؤالا كهذا يكشف الحاجة الملحة لمراكز دراسات فكرية وثقافية عربية، وهي وحدها بدراساتها وبحوثها الميدانية مؤهلة للإجابة على الأسئلة ذات الطابع الجمعي.
واستدرك الرفاعي قائلا: «على المستوى الشخصي، أرى أن الإنتاج الأدبي بعموم الأجناس الأدبية، وأخص على الذكر الشعر والقصة القصيرة اللذين ازدهرا خلال منتصف الستينات وحتى أواخر السبعينات، وتاليا تسيد جنس الرواية على سواه من الأجناس الأدبية، أرى أن النتاج الأدبي العربي ساهم مساهمة فاعلة في رفع مستوى الذوق اللغوي لدى شريحة القراء».
وأضاف: «علينا أن نفرق بين فئتين: فئة القراء المهتمين، وفئة عموم الناس. فبحكم الأمية الكبيرة المنتشرة بين الشعوب العربية، وبحكم قلة أوقات القراءة مقارنة بشعوب أمم أخرى، فإن الفئة العربية القارئة هي فئة قليلة جدا مقارنة بعموم الشعب. ومن هنا فمؤكد أن هذه الفئة القارئة قد استفادت من الإنتاج الأدبي، وساهم، بشكل أو بآخر، برفع مستوى تذوقها اللغوي».
وتأكيدا لرأيه استدل الرفاعي على ذلك، بكثرة النتاج الشبابي الخليجي في الأعوام الأخيرة، سواء كان قصة أو رواية، منوها أن تربية أجيال من أبناء الخليج على الشعر والقصة والرواية العربية، دفعتهم لأن يسلكوا درب الكتابة، ودفعتهم للاستعانة باللغة العربية لإيصال نتاجهم الإبداعي.
ويعتقد أنه ليس أدل من المكانة التي وصل إليها النتاج الروائي في دول الخليج العربي، أنه أصبح حاضرا في جميع المعارض العربية، سواء كان الناشر عربيا أو خليجيا، وهو ما يكشف انتشار القراءة والكتابة، والإيمان بأهمية الكتابة وبجدواها، خصوصا وأن هناك أعمالا روائية وقصصية استطاعت أن تصل إلى القارئ العربي، وهو ما لم يكن حاصلا في عقود ماضية.
وقال الرفاعي: «لعقود كانت هناك نظرة عامة دونية تجاه النتاج الشعري والقصصي والروائي الخليجي، باستثناء كتابات بعينها لكتاب خليجيين استطاعوا أن يثبتوا وجودهم على الساحة العربية، ومن أبرزهم السعودي عبد الرحمن منيف، والكويتي إسماعيل فهد إسماعيل كروائيين، والبحريني قاسم حداد، والعماني سيف الرحبي كشعراء».
ويضيف: «لكن العجلة سرعان ما دارت ومع دورتها جاء روائيون وقصاصون خليجيون، واستطاعوا بإبداعهم أن يلفتوا أنظار القراء العرب واهتمامهم، وأن ينالوا جوائز عربية وعالمية مرموقة، وأن يقولوا بما لا يدع مجالا للشك بوجود الشاعر والقاص والروائي الخليجي إلى جانب أقرانه من الكتاب العرب».
ويخلص الروائي طالب الرفاعي إلى القول: «نعم لقد ساهم الإنتاج الأدبي شعرا وقصة ورواية في رفع مستوى الذوق اللغوي لدى عموم شريحة القراء العرب، وساهم أكثر في خلق جيل عربي واسع من الكتاب الشباب، وما كان يمكن أن يحدث ذلك لولا النتاج العربي الأدبي السابق، وما تركه من بصمة في قلوب الكثيرين من الشباب، ووحدها تلك البصمة كان المشجع الحقيقي وراء ما نرى من كتابات روائية وقصصية عربية تضاهي أي كتابة عالمية».

* صالحة غابش: حرية الإبداع

* من جهتها، لا ترى الكاتبة الإماراتية صالحة غابش، مدير عام المكتب الثقافي والإعلامي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، أن الإنتاج الأدبي حاليا ساهم أو أثر في اللغة العربية المعاصرة، أو تلك التي تجري على ألسنة الشباب والأطفال هذه الأيام، معزية ذلك لكون أغلب أطفال اليوم استعانوا بعبارات أجنبية مختلفة اللهجات وأولها الإنجليزية.
وقالت: «أخذت العربية الفصحى - للأسف - تشكل مع الواقع الجديد، جماليات على ألسنة الأجيال الجديدة، على غير زمننا الذي كنا نقرأ فيه قصصا عن التراث وموضوعات معاصرة مهمة تؤثر في الإنسان وفي القيمة الإنسانية، وتدعونا لأن نؤمن بها نظريا وسلوكيا، حيث كانت تلك الحكايات ثرية باللغة العربية الفصحى».
وأضافت صالحة: «الآن حتى اللغة العربية تحتاج إلى الاعتناء بها عناية مضاعفة عما سبق، حتى تكون أيضا لغة العصر والتي هي لغة التقنية والتكنولوجيا سواء من خلال الشعر أو الرواية أو القصة». وأوضحت أن «الواقع ينبئ عن تراجع ولو أنه قليل في لغة الإنتاج الأدبي».
وعلى مستوى الشعر، قالت صالحة، إن «الشعر المعاصر في حاجة لقراءة فلسفية أو تأملية، فإذا منحنا الشباب حرية قراءة النظر على غير طريقتنا القديمة، أو على غير ما كنا نحفظ النص ونحفظ شرح النص، فإنهم سيستوعبون الفكرة حسب رؤيتهم الشخصية لهذا النص، بحيث يستنتجونه ويتحدثون عنه باللغة العربية الفصحى، ولكان التواصل أقوى بين الجيل ولغته العربية».
وأكدت أن النصوص الأدبية حاليا، لا تساعد كثيرا في إعطاء من يتعامل معها من الشباب العربي الحرية بأن يعبر عن فكرته، تماما مثل النقاد والذين من حقهم أن ينظروا إلى النص بشكل مختلف بحسب ثقافتهم وموروثهم واتجاههم.
وقالت: «نحن لا نملي عليهم فكرة النص، فوفقا لحرية التعامل وحرية التعاطي والانفتاح الكبير يكون صعبا، إذ لا بد أن نفتح لهم نافذة ليتنفسوا من خلالها اللغة العربية الفصحى حسب وجهة نظرهم دون الخروج عن القواعد الرئيسة».

* علي بافقيه: رفعت الذوق

* من جهته أكد الشاعر السعودي علي بافقيه، على أن المنتجات (الإبداعات الأدبية) بمختلف مشاربها، كانت دوما إحدى أدوات الرقي بالذوق اللغوي، وهي التي كما يرى تجدد اللغة العربية خاصة الشعر، مشيرا إلى أنه يضيف إليها وهذا ما ينبغي أن يكون عليه الحال في سائر الأجناس الأدبية الأخرى خاصة الفنون الأدبية الأخرى.
وقال: «الشعر والسرد والقصة والمسرح، من أهم الفنون الأدبية، التي ترتقي باللغة بعكس ما يعتقد التقليديون والمحافظون والذين يرون أن التجديد في اللغة والتجديد في الفن والأدب من خلالها يضر بها»، وزاد: «إذا قارنا بين اللغة العربية قبل 70 عاما وحاليا، سنجد أن اللغة العربية أرقى وأجمل وأكثر تطورا مما سبق».
وأضاف بافقيه: أن «هناك من يعتقد أن الإنتاج الأدبي المطروح في الساحة الثقافية حاليا أو الأصوات الجديدة التي تغرد في الساحة، لا يجيدون اللغة العربية أو لا يهتمون بها، ولديهم أخطاء في الصياغات والنحو والإملاء، غير أنني أعتقد أن الزمن كفيل بأن يصفيها من الشوائب ويطورها، إذ إن الأجيال الجديدة تحاول أن تطوع اللغة لتواكب التسارع التقني والحياتي».
وقال: «حينما كنت طالبا أدرس في أميركا، كنت أداوم على زيارة مكتبة هارفارد، إذ لديهم قسم للغة العربية، وكنت قد صادفت جرائد مصرية قديمة، فلما قرأت الصياغات وجدت بالفعل أن اللغة الآن أكثر صفاء ورقيا وتطورا وأكثر جودة وإبداعا وهذا ما حصل في الأجناس الأخرى».

* يوسف المحيميد: تأثير محدود

* أما الروائي والكاتب السعودي يوسف المحيميد، فيرى أن تأثير الإنتاج الأدبي على الذوق اللغوي ضئيل، لا سيما مع انفلات مواقع التواصل الاجتماعي، مبينا أن انتشار اللهجات بشكل مريع ساهم في ذلك، فضلا عن ندرة من يقرأ الشعر الآن، أو حتى القصة القصيرة.
أما الرواية، وفقا للمحيميد، فهي انساقت مع اللغة أو اللهجة المحكية، وقال: «إذا كان هناك وسيلة رفعت الذوق اللغوي، وفرضت الفصحى بجمالياتها، فهي أفلام الرسوم المتحركة قديما، قبل عقدين، حينما كانت تتم دبلجتها في بيروت، فتعلم منها ذاك الجيل من الأطفال، جماليات اللغة، وسلامة نطقها ومخارجها».
وأضاف: «قد يكون للأدب تأثير في رفع الذوق الأدبي، لكنني أراه محدودا، وعلى نطاق ضيق لدى عدد من القراء. لكنني أظن أن اللغة المنطوقة بعناية وسلامة في أفلام الكرتون، أكثر تأثيرا من لغة الكتب المنسية».



طبق نحاسي من موقع الدُّور في أم القيوين

طبق نحاسي من موقع الدُّور في أم القيوين
TT

طبق نحاسي من موقع الدُّور في أم القيوين

طبق نحاسي من موقع الدُّور في أم القيوين

يحتلّ موقع الدُّور مكانة كبيرة في خريطة المواقع الأثرية التي كشفت عنها أعمال المسح المتواصلة في إمارة أم القيوين. بدأ استكشاف هذا الموقع في عام 1973، حيث شرعت بعثة عراقية في إجراء حفريّات تمهيديّة فيه، وتبيّن عندها أن الموقع يُخفي تحت رماله مستوطنة تحوي بقايا حصن. جذب هذا الخبر عدداً من العلماء الأوروبيين، منهم المهندس المعماري البريطاني بيتر هادسون، الذي قام بجولة خاصة في هذا الموقع خلال عام 1977، وعثر خلال تجواله على طبق نحاسي علاه الصدأ، فحمله معه، واتّضح له عند فحصه لاحقاً أنه مزيّن بسلسلة من النقوش التصويرية تتميّز بطابع فنّي رفيع.

وجد بيتر هادسون هذا الطبق في ركن من جهة جنوب شرقي الموقع، وحمله بعد سنوات إلى الشارقة حيث كشفت صور الأشعّة عن ملامح حلية تصويرية منقوشة غشيتها طبقة غليظة من الصدأ. نُقلت هذه القطعة المعدنية إلى كلية لندن الجامعية، وخضعت هناك لعملية تنقية وترميم متأنية كشفت عن تفاصيل زينتها التصويرية بشكل شبه كامل. يبلغ قُطر هذه القطعة الفنية نحو 17.5 سنتيمتر، وعمقه 4.5 سنتيمتر، وتتألّف قاعدة حليته التصويرية من دائرة ذات زينة تجريدية في الوسط، تحوطها دائرة ذات زينة تصويرية تزخر بالتفاصيل الدقيقة. تحتل الدائرة الداخلية الصغرى مساحة قاع الطبق المسطّحة، ويزينها نجم تمتدّ من أطرافه الخمسة أشعة تفصل بينها خمس نقاط دائرية منمنمة. تنعقد حول هذا النجم سلسلتان مزينتان بشبكة من النقوش، تشكّلان إطاراً لها. ومن حول هذه الدائرة الشمسية، تحضر الزينة التصويرية، وتملأ بتفاصيلها كل مساحة الطبق الداخلية.

تتمثّل هذه الزينة التصويرية بمشهد صيد يحلّ فيه ثلاثة رجال، مع حصانين وأسدين، إضافةً إلى أسد مجنّح له رأس امرأة. يحضر رجلان في مركبة يجرها حصان، ويظهران متواجهين بشكل معاكس، أي الظهر في مواجهة الظهر، ويفصل بينهما عمود ينبثق في وسط هذه المركبة. يُمثّل أحد هذين الرجلين سائق المركبة، ويلعب الثاني دور الصياد الذي يطلق من قوسه سهماً في اتجاه أسد ينتصب في مواجهته بثبات، رافعاً قائمته الأمامية اليسرى نحو الأعلى. من خلف هذا الأسد، يظهر صياد آخر يمتطي حصاناً، رافعاً بيده اليمنى رمحاً طويلاً في اتجاه أسد ثانٍ يرفع كذلك قائمته الأمامية اليسرى نحوه. في المسافة التي تفصل بين هذا الأسد والحصان الذي يجرّ المركبة، يحضر الأسد المجنّح الذي له رأس امرأة، وهو كائن خرافي يُعرف باسم «سفنكس» في الفنين الإغريقي والروماني.

يحضر كل أبطال هذا المشهد في وضعية جانبية ثابتة، وتبدو حركتهم جامدة. يرفع سائق المركبة ذراعيه نحو الأمام، ويرفع الصياد الذي يقف من خلفه ذراعيه في وضعية موازية، ويبدو وجهاهما متماثلين بشكل متطابق. كذلك، يحضر الأسدان في تأليف واحد، ويظهر كل منهما وهو يفتح شدقيه، كاشفاً عن لسانه، وتبدو مفاصل بدنيهما واحدة، مع لبدة مكونة من شبكة ذات خصل دائرية، وذيل يلتفّ على شكل طوق. في المقابل، يفتح «سفنكس» جناحيه المبسوطين على شكل مروحة، وينتصب ثابتاً وهو يحدّق إلى الأمام. من جهة أخرى، نلاحظ حضور كائنات ثانوية تملأ المساحات الفارغة، وتتمثّل هذه الكائنات بدابّة يصعب تحديد هويتها، تظهر خلف الأسد الذي يصطاده حامل الرمح، وطير يحضر عمودياً بين حامل القوس والأسد المواجه له، وطير ثانٍ يحضر أفقياً تحت قائمتَي الحصان الذي يجر المركبة. ترافق هذه النقوش التصويرية كتابة بخط المسند تتكون من أربعة أحرف، وهذا الخط خاص بجنوب الجزيرة العربية، غير أنه حاضر في نواحٍ عديدة أخرى من هذه الجزيرة الواسعة.

يصعب تأريخ هذا الطبق بشكل دقيق، والأكيد أنه يعود إلى مرحلة تمتد من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الثاني للميلاد، ويُشابه في الكثير من عناصره طَبَقاً من محفوظات المتحف البريطاني في لندن، مصدره مدينة نمرود الأثرية الواقعة قرب الموصل في شمال العراق. كما على طبق الدُّوْر، يحضر على طبق نمرود، صيادٌ برفقة سائق وسط مركبة يجرها حصانان، ملقياً بسهمه في اتجاه أسد يظهر في مواجهته. يحضر من خلف هذا الأسد صياد يجثو على الأرض، غارساً رمحه في قائمة الطريدة الخلفية. في المسافة التي تفصل بين هذا الصياد والحصانين اللذين يجران المركبة، يحضر «سفنكس» يتميّز برأسٍ يعتمر تاجاً مصرياً عالياً.

ينتمي الطبقان إلى نسق فني شائع عُرف بالنسق الفينيقي، ثمّ بالنسق المشرقي، وهو نسق يتمثل بمشاهد صيد تجمع بين مؤثرات فنية متعددة، أبرزها تلك التي تعود إلى بلاد الرافدين ووادي النيل. بلغ هذا النسق لاحقاً إلى جنوب شرق الجزيرة العربية حيث شكّل نسقاً محلياً، كما تشهد مجموعة من القطع المعدنية عُثر عليها خلال العقود الأخيرة في مواقع أثرية عدة تعود اليوم إلى الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان. وصل عدد من هذه القطع بشكل كامل، ووصل البعض الآخر على شكل كسور جزئية، وتشهد دراسة هذه المجموعة المتفرّقة لتقليد محلّي تتجلّى ملامحه في تبنّي تأليف واحد، مع تعدّدية كبيرة في العناصر التصويرية، تثير أسئلة كثيرة أمام المختصين بفنون هذه الناحية من الجزيرة العربية.

يحضر مشهد صيد الأسود في عدد من هذه القطع، حيث يأخذ طابعاً محلياً واضحاً. يتميّز طبق الدُّوْر في هذا الميدان بزينته التي يطغى عليها طابع بلاد الرافدين، ويمثّل كما يبدو مرحلة انتقالية وسيطة تشهد لبداية تكوين النسق الخاص بجنوب شرقي الجزيرة العربية.