كلما نجح مخرج إيراني في شق طريقه إلى العالمية، آثر الابتعاد عن «إيرانيته»؛ طمعاً في الوصول إلى الوضع الذي يستطيع فيه التحرك بأعلى قدر من الاستقلالية. هكذا فعل عبّـاس كيورستامي ومحسن مخملباف وسواهما، وهكذا يفعل الآن أصغر فرهادي.
• فيلمه الجديد «الكل يعرف» سيفتتح مهرجان «كان» في دورته الجديدة الشهر المقبل. لكن فيلمه هذا هو، كسابقيه «الماضي» (2013) و«البائع» (2016)، إنتاج فرنسي مع تمويل إسباني أيضاً هذه المرّة؛ ما يجعل علاقة الفيلم بإيران وسينماها ممثلة فقط في كون فرهادي إيرانياً.
• الفيلمان السابقان اشتركا في مسابقة كان الرسمية، لكن هذا الفيلم لا يشترك فقط، بل اختاره رئيس المهرجان تييري فريمو ليفتتح الدورة المقبلة، وبذلك هو ثاني فيلم إسباني الإنتاج يفتتح المهرجان بتاريخه. الأول كان فيلم بدرو ألمادوفار «تعليم سيئ» سنة 2004.
• يحدث هذا في الوقت الذي يقبع فيه المخرجون الإيرانيون الباقون داخل بلدهم تحت وطأة نظام يمنعهم من مجرد التفكير في إنتاج أعمال لا تواكب ما تريده الدولة منهم. جعفر باناهي، وماجد مجيدي، ومحمد رسولوف، وبهمان غوبادي، ورضا دورمشيان هم بعض من توقف عن العمل إما بقرار ذاتي رفضاً لرقابة بلاده (ويشمل هذا القرار الخوف من العواقب) أو نتيجة صدور قرارات رسمية بمنعه من العمل.
• لم يحفل المجتمع الدولي كثيراً بهؤلاء على نحو فاعل؛ ما جعل النظام أكثر امتناعاً، فعوض الاستجابة إلى نداءات سينمائيي العالم بفتح المجال أمام حرية التعبير والتطوير ازداد انغلاقاً وشراسة في تعقب كل مخرج سينمائي لديه ما يقوله؛ مما يخالف ما يود النظام أن يقوله. البعض، كرسولوف وبناهي، خالف القرارات وخاطر وأنجز، ويتحمّل الآن النتائج على قسوتها.
• تُرى ما سر هذا الخوف الكبير الذي يعشعش في داخل صدور سياسيي إيران؟ لماذا لا يفتحون الباب الكبير أمام تلك المواهب المسجونة داخل صدور أصحابها؟ أعتقد أن الجواب على أي من هذين السؤالين لا يحتاج إلى كثير بحث.
• فرهادي، لكي ينجح، ابتعد، بعد فيلمه «البائع»، عن التعاطي مع الداخل الإيراني. فهم النظام أن المخرج لا يريد تعريض نجاحه العالمي لأي اضطراب فتركه يحقق ما يريد ما دام أنه لا ينتقد أو يهاجم. وبينما من حق المخرج أن يستمتع بهذه الفرصة المتاحة له حالياً، فإن من حق زملائه غير القادرين على العمل النظر إليه بصفته حليفاً للسلطة في نهاية المطاف.
5:33 دقيقه
المشهد: تحت وطأة نظام
https://aawsat.com/home/article/1228176/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D9%87%D8%AF-%D8%AA%D8%AD%D8%AA-%D9%88%D8%B7%D8%A3%D8%A9-%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85
المشهد: تحت وطأة نظام
المشهد: تحت وطأة نظام
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة