غزة تشعل حدودها مع الاحتلال في «جمعة الإطارات»

تبتدع أشكالاً كفاحية جديدة وشبانها يضاعفون استعدادات المواجهة

شاب يجمع نقوداً لتأمين نقل إطارات السيارات لدعم «مسيرة العودة» شرق مدينة خانيونس (أ.ف.ب)
شاب يجمع نقوداً لتأمين نقل إطارات السيارات لدعم «مسيرة العودة» شرق مدينة خانيونس (أ.ف.ب)
TT

غزة تشعل حدودها مع الاحتلال في «جمعة الإطارات»

شاب يجمع نقوداً لتأمين نقل إطارات السيارات لدعم «مسيرة العودة» شرق مدينة خانيونس (أ.ف.ب)
شاب يجمع نقوداً لتأمين نقل إطارات السيارات لدعم «مسيرة العودة» شرق مدينة خانيونس (أ.ف.ب)

استغل الشاب جهاد أبو مطاوع (27 عاما) من سكان مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، عربته الصغيرة المسماة «التوك توك» في جمع إطارات السيارات التالفة، وبدأ بنقلها مع مجموعة من الشبان إلى الحدود الشرقية للمدينة، التي تشهد استعدادات كبيرة للجمعة الثانية من مسيرات العودة الكبرى، المقررة في منتصف مايو (أيار) المقبل.
ويغلق أبو مطاوع محلا صغيرا يعمل فيه لساعات، يتفرغ خلالها لنقل المواد التموينية إلى منازل المواطنين، وما يجمعه مع شبان آخرين، من إطارات للسيارات إلى خيام «مسيرات العودة» على الحدود.
ويستعد المتظاهرون في خمس مناطق من الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة، لإشعال إطارات السيارات على طول الحدود، بهدف حجب الرؤية عن القناصة من جنود الجيش الإسرائيلي، الذين يتمركزون في مواقعهم ويقنصون الشبان المتظاهرين، ما نتج عنه الجمعة الماضي مقتل 15 شابا. ويتوقع أبو مطاوع أن يشهد يوم غد الجمعة، حضورا جماهيريا كبيرا للمشاركة في المسيرة الأسبوعية. ويشير إلى أن هناك تجهيزات لحشد أكبر عدد ممكن من الناس تأكيدا على حق الفلسطينيين في التظاهر السلمي وصولا إلى تحقيق تطلعاتهم الوطنية.
وأطلق ناشطون عبر شبكات التواصل الاجتماعي، على المسيرات التي ستشهدها حدود غزة غدا «جمعة الكاوتشوك»، في إشارة إلى تخطيط المتظاهرين لإحراق إطارات السيارات التالفة على امتداد الحدود مع إسرائيل.
ويقول الشاب حسن أبو ريدة، من سكان إحدى البلدات المجاورة للحدود الشرقية لمدينة خانيونس، التي تشهد حضورا جماهيريا يوميا في خيام العودة، إن فكرة حرق الإطارات جاءت كفكرة إبداعية لمواجهة القناصة الإسرائيليين، وهي فكرة استخدمها الفلسطينيون خلال «انتفاضة الحجارة» عام 1987، وهبة «النفق» أو القدس عام 1996. وقال أبو ريدة إنه سيتم توفير كميات من أقنعة «الأنيموس»، لمنع الاحتلال من التعرف على هويات المتظاهرين، خصوصا من الشبان الذين يديرون الحراك في مواقع التظاهر، مشيرا إلى أن هناك محاولات إسرائيلية مكثفة للتعرف على هويات الشبان الفاعلين، وتهديدهم وعائلاتهم في حال توجهوا إلى الحدود مجددا. وأشار إلى أنه جرى نشر تعليمات محددة وواضحة للشبان، لتعميمها على المتظاهرين كافة يوم الجمعة، حول كيفية التعامل مع إلقاء جنود الاحتلال قنابل غاز مسيلة للدموع، واستخدامهم طائرات «درون» لإلقاء عشرات منها لتفريق المتظاهرين.
وتستعد فتيات للانخراط في هذه الجهود ومشاركة الشبان في المسيرات السلمية على امتداد الحدود. وتستعد نجاة حمدان مع مجموعة من الفتيات الأخريات لتشكيل درع حماية للمتظاهرين. وتقول إن الفتيات بدأن الاستعداد للمشاركة في عمليات التشويش على الجنود الإسرائيليين، باستخدام المرايا العاكسة لأشعة الشمس على وجوه القناصة من الجنود الإسرائيليين، وكذلك لإلقاء الحجارة بالمقاليع لتشتيت انتباههم.
يتزامن مع هذه الإجراءات عرض أنشطة ثقافية وترفيهية في خيام العودة، التي تم نصبها على حدود قطاع غزة منذ نحو أسبوعين. من ذلك فقرات للدبكة الشعبية، و«الدحية» من التراث الشعبي الفلسطيني، إلى جانب مسابقات ثقافية لشبان جامعيين.
وتشهد خيام العودة «ليالي سمر» في الأمسيات، حيث يجري تقديم بعض الأغاني الوطنية والشعبية وسط أداء وصلات من الدبكة. فيما يحضر بعض الشبان طعام العشاء من الأكلات الشعبية المعروفة في غزة.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.