روحاني يحذر من {تعكير مزاج} الإيرانيين بتقييد الإنترنت

روحاني لدى وصوله إلى مطار أنقرة للمشاركة في القمة الثلاثية مع تركيا وروسيا حول سوريا أمس (موقع روحاني)
روحاني لدى وصوله إلى مطار أنقرة للمشاركة في القمة الثلاثية مع تركيا وروسيا حول سوريا أمس (موقع روحاني)
TT

روحاني يحذر من {تعكير مزاج} الإيرانيين بتقييد الإنترنت

روحاني لدى وصوله إلى مطار أنقرة للمشاركة في القمة الثلاثية مع تركيا وروسيا حول سوريا أمس (موقع روحاني)
روحاني لدى وصوله إلى مطار أنقرة للمشاركة في القمة الثلاثية مع تركيا وروسيا حول سوريا أمس (موقع روحاني)

حذر الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، من «تعكير مزاج الناس» و«تفاقم البطالة»، في أول تعليق له على تقارير حول حظر تطبيق «تلغرام» في إيران، وطالب بكسر الاحتكار في مواقع التواصل الاجتماعي، بدلاً من فرض القيود على الإنترنت. وواصل نائب رئيس البرلمان مسعود بزشكيان مطالب التيار الإصلاحي خلال الأيام الأخيرة برفع الإقامة الجبرية عن مير حسين موسوي ومهدي كروبي، وطالب الرئيس الإيراني بالتحرك للوفاء بوعوده، محذراً الحكومة من خسارة «زبائنها».
وتحول مستقبل «تلغرام» إلى سجال في الداخل الإيراني، بعدما كشف رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، علاء الدين بروجردي، عن نيات حظر التطبيق الأكثر شعبية في البلاد قبل نهاية الشهر الحالي.
وقال روحاني، رداً على تقارير حول حظر التطبيق، إنه لم يكن من المقرر فرض القيود على الإنترنت، وإنما رفع الاحتكار عن شبكات التواصل الاجتماعي، وأضاف: «لا تعكروا مزاج الناس بهذا الكلام. وفي فضاء الأزمة، لا تضربوا فأساً بجذور الوظائف»، وفق ما نقلته عنه وكالات إيرانية.
واحتج نواب في البرلمان الإيراني على قرار حجب «تلغرام»، الصادر من كبار المسؤولين، وفق وسائل إعلام إيرانية.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن 200 ألف إيراني يمارسون مهناً ذات صلة بالتطبيق. كما قال محمد بادامتشي إن حظر التطبيق يضر 500 ألف إيراني اقتصادياً. وتنوي السلطات الإيرانية استبدال «تلغرام» بتطبيقات محلية، لكن مواقف المسؤولين الإيرانيين المعارضين للخطوة تظهر أن الإيرانيين «لا يثقون» بهذه التطبيقات لأسباب أمنية.
ويحتل تطبيق «تلغرام» المرتبة الأولى بين شبكات التواصل الاجتماعي لدى الإيرانيين، بأكثر من 40 مليون حساب، يليه برنامج «إنستغرام». وتحظر إيران منذ انتخابات الرئاسة في صيف 2009 تطبيقي «تويتر» و«فيسبوك».
وأصبح «تلغرام» من بين المفردات الأساسية في النقاش الدائر حول خدمة الإنترنت، التي تنظر إليها أغلبية مراكز صنع القرار بعين الريبة، رغم تحسن طفيف بخدمات الشبكة منذ وصول روحاني للرئاسة عام 2013.
وتفرض السلطات الإيرانية قيوداً على الإنترنت منذ سنوات، بإشراف اللجنة العليا للرقابة على الإنترنت، التي يختار أعضاءها المرشد الإيراني علي خامنئي مباشرة. كما أنشأت إيران قسماً خاصاً بالإنترنت، تحت اسم شرطة «فتا» لمواجهة الجرائم الإلكترونية.
وكان المجلس الأعلى للأمن القومي نفى أن يكون قد أصدر قراراً يقضي بحظر «تلغرام»، لكن قنوات تابعة للإصلاحيين نقلت عن مصادر مطلعة أن قرار الحظر أصدره مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي.
ولعب تطبيق «تلغرام» دوراً أساسياً في الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها مناطق واسعة من البلاد في نهاية ديسمبر (كانون الأول)، وامتدت لمنتصف يناير (كانون الثاني). وحجبت السلطات التطبيق مؤقتاً، لكنها رفعت الحظر عنه بعد عودة الهدوء إلى الشارع الإيراني، وذلك لأسباب اقتصادية.
وسياسياً، سلط الضوء على دور «تلغرام» في يناير 2016، عندما نشرت حسابات تابعة لقوات «الباسيج» الطلابية دعوات لمهاجمة السفارة السعودية في طهران.
ووضع الائتلاف الإصلاحي المعتدل، الذي يمثله الرئيس حسن روحاني، الرهان على «تلغرام» في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ومجلس خبراء القيادة ومجالس شوري البلدية في الحملات التلفزيونية، مقابل التلفزيون الرسمي الذي يسيطر عليه التيار المحافظ.
وطالب روحاني، في أول تعليق له على سجال الأيام الماضية، أمس، بكسر احتكار مواقع التواصل الاجتماعي، بدلاً من فرض القيود على الإنترنت، مشدداً على أهمية حصول الإيرانيين على فضاء للعلاقات والمعلومات والقدرة على الانتخاب.
ولم يتحدث روحاني صراحة عن معارضته لحظر «تلغرام»، لكنه أبدى ارتياحه لدى لقائه عدداً من المسؤولين الإيرانيين لحصول الإيرانيين على شبكات تواصل «رخيصة آمنة ترفع حاجات الإيرانيين».
ودعا روحاني إلى إنتاج محتوى مطلوب مفيد، بدلاً من فرض القيود على شبكات التواصل.
ومن جانب آخر، قال أمين عام اللجنة العليا للإنترنت في إيران، أبو الحسن فيروز آبادي، إن روحاني يسعى للخروج من انحصار «تلغرام»، من دون تقديم تفاصيل.
ورفض فيروز آبادي تحول شبكات التواصل الاجتماعي إلى منافذ اقتصادية في إيران، لافتاً إلى أنها «مجرد شبكات للتواصل، وليس من المقرر أن تتحول إلى منبر اقتصادي». كما أعرب عن مخاوف على سوق الإعلانات التجارية في إيران نتيجة نشاط شبكة «تلغرام»، متهماً التطبيق بالسعي وراء السيطرة على السوق الإيرانية من دون مشاركة القطاع الخاص.
ونفى عضو لجنة الإشراف على محتوى الإنترنت محمد كاظمي، في تصريح لوكالة «أرنا»، أن تكون اللجنة قد ناقشت قضية «تلغرام»، مشيراً إلى أن القرار الأخير حول التطبيق بيد الجهات العليا.



قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
TT

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و«ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.

ودعا سلامي إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة إلى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة؛ لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».

وصرح سلامي في مراسم تقديم جائزة قاسم سليماني: «لم نذهب لضم جزء من أراضي سوريا إلى أراضينا، ولم نذهب لنجعلها ميداناً لتحقيق مصالحنا الطموحة».

وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية التي طالت مواقع الجيش السوري في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقال: «حين سقط النظام السوري، رأينا ما يحدث من أحداث مؤسفة. الصهاينة أصبحوا قادرين على رؤية ما بداخل بيوت أهل دمشق من دون الحاجة إلى أسلحة؛ وهذا أمر لا يمكن تحمله».

وقال: «الآن ندرك أنه إذا لم يصمد الجيش ولم تقاوم القوات المسلحة، فإن البلاد بأكملها قد تُحتل في لحظة»، وأعرب عن اعتقاده بأن «الناس في دمشق يفهمون قيمة رجال المقاومة، ويدركون كم هم أعزاء عندما يكونون موجودين، وكيف ستكون الكارثة إذا غابوا».

وأشار سلامي إلى تصريحات المرشد علي خامنئي بشأن سوريا قبل أيام، وقال: «كما قال قائدنا، فإن سوريا ستحرر على يد شبابها الأبطال، وستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً، وستدفن في هذه الأرض».

ورأى أن هذا الأمر «يتطلب وقتاً وصموداً عظيماً وعزماً راسخاً وإيماناً جميلاً»، عاداً ذلك من صفات من وصفهم بـ«الشباب المجاهدين في العالم الإسلامي».

وقال سلامي: «نحن ندافع بحزم عن أمننا واستقلالنا ونظامنا ومصالحنا وتاريخنا وديننا. هذه الأرض ليست أرضاً يمكن للغرباء أن ينظروا إليها بنظرة غير لائقة».

وتحدث سلامي الأسبوع الماضي مرتين إلى نواب البرلمان وقادة قواته. وكان أول ظهور لسلامي الثلاثاء أمام المشرعين الإيرانيين في جلسة مغلقة، لم يحضرها إسماعيل قاآني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، ونقل نواب إيرانيون قوله إن إيران «لم تضعف» إقليمياً.

أما الخميس، فقد تحدث سلامي أمام مجموعة من قادة قواته، وقال: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وتباينت رواية سلامي مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي تحدث بدوره الخميس، عن «الاختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، رغم أنه توقع أن يتمكن «حزب الله» من التكيف مع الظروف الجديدة.

جاءت تصريحات سلامي، الأحد، في وقت ركزت وسائل إعلام «الحرس الثوري» على حملتها في تبرير الوجود الإيراني خلال الحرب الداخلية السورية، وكذلك سقوط نظام بشار الأسد وتداعياته على إيران وأذرعها الإقليمية.

بعد صمت دام أكثر من 48 ساعة من قبل الإعلام الإيراني إزاء الاحتفالات التي عمت سوريا، وخصوصاً دمشق، بسقوط النظام، كما لم تنشر أي من الصحف الإيرانية صوراً على صفحاتها الأولى من الاحتفالات، أبرزت عدد من الصحف في المقابل آثار القصف الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية، وصوراً من كبار المسؤولين في تركيا، والمعارضة السورية.

على المستوى الرسمي ألقت إيران منذ أولى لحظات سقوط الأسد، اللوم على الجيش السوري، وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سقوط حليفها.

قاآني خلال تشييع الجنرال عباس نيلفروشان في طهران 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

خالي الوفاض

قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الملف العسكري في لجنة الأمن القومي، إن «بشار الأسد كان خالي الوفاض ولم يتمكن من كسب رضا الجيش».

وصرح كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، بأن بشار الأسد «فشل في كسب دعم الجيش بسبب افتقاره للموارد وضعف الدعم، ما أدى إلى انهيار الجيش». وأكد أن الاتصال مع إيران استمر حتى اللحظة الأخيرة، لكن بعض المحيطين بالأسد، مثل رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش، عرقلوا هذا التواصل.

وأوضح كوثري أن سوريا كانت نقطة عبور وطريقاً مهماً لدعم «حزب الله»، ولكن بعد رفض الحكومة السورية السماح بالدخول، لم تتمكن إيران من التدخل بالقوة. وأضاف أنه خلال فترة «داعش»، دخلت إيران سوريا بناءً على طلب رسمي وساهمت في القضاء على التنظيم، ما حال دون تمدده نحو الحدود الإيرانية.

وتحدث عن الوضع الحالي، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت تحت سيطرة «الكيان الصهيوني وأميركا وعملائهم». وبشأن المستقبل، توقع ظهور خلافات «بين القوى التي اجتمعت بأموال أميركية»، مما سيدفع الشعب السوري إلى إدراك الخداع والبحث عن جهات قادرة على تحقيق الأمن وتحسين الاقتصاد.

ملصقات تحمل صورة زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي خلال مجلس عزاء في السفارة الإيرانية بدمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب)

خسائر «الحرس الثوري»

في سياق متصل، قال الجنرال مهدي فرجي، الذي شارك في الحرب السورية، في حديث لوكالة «فارس»، إن إيران بدأت في إرسال القوات «الاستشارية» منذ 2011، مشدداً على ضرورة «تفسير الأوضاع التي كانت في سوريا حينذاك».

وبرر فرجي وجود إيران بظهور تنظيم «داعش» ومنع وصولها إلى حدود إيران. وأشار إلى دور مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، الذي قضى في ضربة أميركية مطلع 2020، وقال: «تنسيق الجيش السوري كان عملاً ذا قيمة كبيرة، حينها لم يكن الجيش السوري ملوثاً إلى هذا الحد، ولكن خلال هذه السنوات العشر، أصبح تأثير العدو على الجيش السوري كاملاً».

كما أشار فرجي إلى الدعم الذي قدمه الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى طهران، في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات قرن الماضي. وقال: «لقد أرسلت ذخائر بناء على أمر حافظ الأسد»، ونقل عن بشار الأسد قوله: «حافظ الأسد أوصى ابنه بشار قائلاً: طالما أنكم مع إيران، فأنتم موجودون».

وقال فرجي إن الشباب تحت الـ30 شكلوا 90 في المائة من القوات الإيرانية، ونحو 10 في المائة من المحاربين القدامى في حرب الثمانينات؛ في إشارة إلى قادة «الحرس».

وقال إن «الشباب شكلوا أكثر من 90 في المائة من 540 قتيلاً في الدفاع عن الأضرحة».

وهذه أول مرة قيادي من «الحرس الثوري» يشير إلى مقتل أكثر 500 إيراني في الحرب السورية. وهي نسبة أقل بكثير مما أعلنه نائب إيراني الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من ستة آلاف.

وقال النائب محمد منان رئيسي، وهو مندوب مدينة قم، إن إيران خسرت 6000 من قواتها في الحرب الداخلية السورية. وهي أعلى إحصائية يكشف عنها مسؤول إيراني لعدد قتلى القوات التي أطلق عليها مسؤولون إيرانيون اسم «المدافعين عن الأضرحة».

وتعود أعلى إحصائية إلى 2017، عندما أعلن رئيس منظمة «الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي، مقتل 2100 عنصر من القوات الإيرانية في سوريا والعراق.

ويرفض «الحرس الثوري» تقديم إحصائيات واضحة عن خسائره البشرية والمادية.