الجيش الإسرائيلي يهدد مجدداً بإطلاق الرصاص على مسيرات العودة

فشل في التعامل مع قطاع غزة... ويواجه انتقادات متزايدة

شبان يشعلون إطارات سيارات على الحدود شرق خان يونس في قطاع غزة (أ.ف.ب)
شبان يشعلون إطارات سيارات على الحدود شرق خان يونس في قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يهدد مجدداً بإطلاق الرصاص على مسيرات العودة

شبان يشعلون إطارات سيارات على الحدود شرق خان يونس في قطاع غزة (أ.ف.ب)
شبان يشعلون إطارات سيارات على الحدود شرق خان يونس في قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الإسرائيلي أنه لن يغيّر سياسة فتح النار في قطاع غزة، على الرغم من الانتقادات التي وُجهت إليه، بعد قتل 17 شخصاً من المتظاهرين الفلسطينيين يوم الجمعة الماضي. وقال قادة في قيادة اللواء الجنوبي المسؤول عن قطاع غزة في الجيش، أمس: «سنواصل العمل ضد المتظاهرين في غزة كما عملنا يوم الجمعة الأخير».
وأوضحوا أنه لن يتم تغيير انتشار الجيش والقناصة مقابل السياج. وادعى الجيش الإسرائيلي أنه سيفحص الادعاءات بشأن «قتل مواطنين فلسطينيين برصاص إسرائيلي، على الرغم من أنهم لم يشكلوا أي تهديد». ولكنه يتمسك بادعائه أن 10 من القتلى يوم الجمعة، هم نشطاء إرهاب، بينما قالت «حماس» إن 5 فقط من القتلى هم من نشطاء الحركة.
وأكد الجيش أن المهمة الرئيسية للقوات هي منع المتظاهرين من عبور السياج الحدودي. وقال ناطق بلسانه: «نحن لم نفاجأ بشيء، بل حذرنا قبل مظاهرة يوم الجمعة، بأن الحدث سيجبي حياة الكثير من الفلسطينيين». وقال مسؤول رفيع في الجيش: «هذا ثمن سنكون مستعدين لدفعه من أجل منع الاختراق».
وأعلن الجيش الإسرائيلي، مساء أمس (الأحد)، أنه اعتقل 3 فلسطينيين عزّل بعد تسللهم من قطاع غزة إلى إسرائيل. ووفقاً للبيان، فقد تم اعتقال الثلاثة بالقرب من جنوب قطاع غزة. كما تم، صباح أمس، اعتقال فلسطيني آخر غير مسلح، تسلل إلى إسرائيل من قطاع غزة. وكان الوضع هادئاً، أمس، مقارنةً بيوم الجمعة.
ويواصل الجيش الإسرائيلي تعزيز قواته، إذ قام بإرسال لواءين آخرين لتعزيز لواء غزة، بالإضافة إلى جنود وقناصة من الوحدات الخاصة. ويقدر الجيش أن المظاهرات ستُستأنف بقوة في نهاية الأسبوع فقط. وأعلنت اللجنة المنظمة للمسيرات عن عقد جلسة تقييم للأوضاع، ظُهر أمس. وركزت عملها على تقديم إحاطة للصحافيين، كما قامت بنشاطات موضعية في المخيمات التي أقامتها على الحدود، وبخاصة شرقي مدينة غزة.
وكتب منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية، الجنرال يوآب مردخاي، على صفحته في «فيسبوك»، إن «إسرائيل لن تهدأ ولن ينعم سكان غزة بالراحة والاطمئنان حتى إعادة الإسرائيليين من القطاع، ونقل جثتَي جندييْنا إلى إسرائيل لتشييعهما». وتوجه إلى سكان غزة قائلاً لهم إن «حماس» تحرمهم حتى حق الصلاة على أولادهم. وكتب إن «جثتَي مصعب سلول، نشيط (حماس) من زويدة، ومحمد رباعية، وهما إرهابيان كانا مسلحين ببنادق وعبوة ناسفة، وكان يهمان بارتكاب عملية إرهابية في إسرائيل، أول من أمس (03:30) انضمتا إلى 24 جثة أخرى تحتجزها إسرائيل منذ عملية الجرف الصامد. (حماس) الإرهابية التي تسيطر على غزة لا يهمها لا الأحياء ولا الموتى، وهي تمنع دفن الأموات حسب الأحكام الإسلامية وقراءة الفاتحة عليهم».
بيد أن مركز «عدالة» القانوني في إسرائيل، وجمعية «الميزان» الفلسطينية، توجهتا، أمس، إلى المستشار القانوني للحكومة، أبيحاي مندلبليت، والنائب العسكري الرئيسي، شارون آفيك، مطالبَين بإعادة الجثتين إلى عائلتيهما. وكتبت المحامية سهاد بشارة من مركز «عدالة»: «السيطرة على الجثث واحتجازها يشكل خرقاً فظاً لحق الموتى وعائلاتهم في الكرامة».
وتتسع ظاهرة النقد للجيش الإسرائيلي لإطلاقه الرصاص القاتل في غزة، إذ اعتبره خبراء دليل عجز وفشل. وجرى الكشف عن أن مراقب الدولة الإسرائيلي، القاضي المتقاعد يوسف شابيرا، كان قد حذر رؤساء المؤسسة الأمنية، قبل عام، من أن الجيش الإسرائيلي لم يكن مستعداً لانتفاضة مدنية في غزة. وفي تقرير قدمه لوزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، وقادة الأجهزة الأمنية، في شهر مارس (آذار) 2017، حدد المراقب أن قوات الجيش ليست جاهزة كما يجب، للتعامل مع المتظاهرين، ومحاولة أعداد كبيرة من المدنيين الدخول إلى إسرائيل من قطاع غزة وسوريا والضفة الغربية، بما في ذلك حقيقة أن الجنود ليسوا مجهّزين بكل الوسائل المناسبة لتفريق المظاهرات، وأن كمية الوسائل التي يملكونها غير كافية. وفي أغسطس (آب) 2016، تقرر تكليف قسم مراقبة الجهاز الأمني في مكتب مراقب الدولة بمراجعة استعدادات الجيش الإسرائيلي لانتفاضة حاشدة. وتناول التقرير الذي تضمن نتائج تحقيق محدود جرى في ذلك العام، الأوضاع في قطاع غزة، لكنه فحص، أيضاً، الأوضاع على الجبهة السورية وفي الضفة الغربية، وعثر على عيوب مشابهة. وكتب المراقب في الملخص أن «الهيئات ذات الصلة يجب أن تتعامل على الفور مع النتائج التي أظهرها الفحص من أجل تحسين الاستجابة للتهديد إذا تحقق». ولم يتم إطلاع الجمهور على التقرير ونتائجه.
كما اتضح أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورفاقه في القيادة السياسية امتنعوا عن إجراء أي مناقشة جدية للسياسة تجاه غزة. وكما قالت صحيفة «هآرتس» في مقال افتتاحي، أمس (الاثنين): «لقد اختبأوا وراء عائلة غولدين، التي تطالب باشتراط أي تخفيف للحصار بعودة جثة ابنهم، وخلف الرفض العام لليمين لكل ما يفسّر على أنه (تنازل للعرب)؛ وتجاهلوا تحذيرات رئيس الأركان غادي آيزنكوت، حول احتمال اندلاع العنف في الساحة الفلسطينية، وأرسلوا الجيش الإسرائيلي للدفاع بوسائل عسكرية عن طريق سياسي مسدود، على أمل كسر الفلسطينيين، بكل ما يعنيه ذلك.
لقد فشلت الحكومة أيضاً بتجاهلها للرئيس الفلسطيني محمود عباس، وإضعافه وتقوية (حماس) في الساحة الفلسطينية. والأهم من ذلك كله، اتضح مرة أخرى، أن إسرائيل لا تعرف كيف ترد على شكل جديد من الاحتجاج -كما حدث في حالة البوابات الإلكترونية في الحرم- عندما لا يستخدم الطرف الآخر العنف ضدها، أو الإرهاب أو إطلاق الصواريخ. هذا هو الوقت المناسب للتعافي. فبدلاً من تهديد الفلسطينيين بقتل غير ضروري آخر وانتظار كارثة ستؤدي -كما في الماضي- إلى تغيير في السياسة الإسرائيلية، يجب على نتنياهو أن يمنع تصعيد النزاع: الحد من النيران، وتخفيف الحصار القاسي على غزة، وتجديد المفاوضات الدبلوماسية مع عباس. تبدو مثل هذه الاقتراحات كالخيال في عهد الحكومة اليمينية المتطرفة، التي تنتشي بـ(النصر) على الفلسطينيين، والتي تحاول حل كل مشكلة بالوسائل العسكرية، لكنها لا تملك طريقة أخرى للالتفاف على فخ غزة».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».