سيطرة النظام على الغوطة تنعش «أسواق الغنائم» في دمشق

{الشرق الأوسط} تجولت في أماكن البيع... والمعروضات تشمل أثاث النازحين وأغنامهم

TT

سيطرة النظام على الغوطة تنعش «أسواق الغنائم» في دمشق

انهمكت قوات النظام السوري وميليشيات تابعة له منذ السيطرة على مدن وبلدات وقرى في الغوطة الشرقية لدمشق، في نهب منازل 150 ألف مدني و40 ألف مقاتل وعائلاتهم خرجوا من شرق العاصمة، ما أدى إلى ازدهار «أسواق الغنائم» في أطراف دمشق.
وحسب شهود عيان تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن ضباط «الحرس الجمهوري» التابع لقوات النظام الذين أشرفوا على العملية العسكرية للنظام من الجهة الغربية للغوطة الشرقية، «لا يمكثون حالياً بشكل نهائي في مكاتبهم ومنشغلون للغاية بالإشراف على عمليات التعفيش (سرقة ونهب المنازل)».
وقالت مصادر إن هؤلاء، قسّموا المدن والبلدات والقرى إلى «قطاعات (حصص) لكل ضابط منهم القطاع الخاص به»، الذي بدوره يقوم بـ«الإشراف شخصياً على عمليات النهب والتحميل والنقل التي يكلف بها العناصر التابعة له». وأشارت إلى أن أرتال من السيارات التابعة لجيش النظام وشاحنات أخرى تُشاهَد على طريق حرستا – «ضاحية الأسد» وهي محملة بالمسروقات من منازل ومحال الأهالي في الغوطة الشرقية، وكذلك على طريقي حرستا – البانوراما، وحاميش – مساكن برزة.
ويلاحظ، حسب المصادر، مرافقة كل رتل من الأرتال سيارة عسكرية تسير أمامه ويوجد فيها ضابط، وأخرى في مؤخرته، وذلك لتسهيل مروره من حواجز النظام والميليشيات، وحمايته من عمليات سرقة يمكن أن تحدث لبعض محتويات الشاحنات عند الحواجز. وتابعت أن أرتالاً من السيارات المحملة بالمسروقات تُشاهَد على طريق التل – صيدنايا بريف دمشق الشمالي، موضحةً أن حمولة تلك السيارات يجري تفرغيها في مستودعات في تلك المناطق.
وسيطرت قوات النظام والميليشيات الموالية على معظم مساحة غوطة دمشق الشرقية، بعد توصل روسيا تباعاً مع فصيلي «حركة أحرار الشام» في مدينة حرستا، ثم «فيلق الرحمن» في جنوب الغوطة الشرقية، إلى اتفاقين تم بموجبهما تهجير عشرات الآلاف من المقاتلين وعوائلهم إلى منطقة إدلب (شمال غرب)، وعشرات الآلاف أيضاً إلى مراكز إيواء في أطراف العاصمة، في وقت تتردد أنباء عن الوصول إلى اتفاق مشابه مع فصيل «جيش الإسلام» بشأن مدينة دوما، كبرى مدن الغوطة الشرقية. ومنذ اندلاع الحرب في سوريا قبل نحو 6 سنوات، انتشرت في مناطق سيطرة النظام، أسواق لبيع الأدوات المستعملة يطلق عليها أهالٍ «أسواق الغنائم»، في استعادة لحروب «العصر الجاهلي»، ذلك بالتزامن مع زيادة عمليات السرقة والنهب التي تقوم بها عناصر النظام وميليشيات موالية لدى استعادتها السيطرة على المناطق.
ودار جدل إزاء التعامل مع هذه «الأسواق» بين من يعتبرها «حراماً» ويدعو إلى عدم الإقبال عليها من جهة، ومن لا يجد حرجاً في «أخذ مقتنيات الإرهابيين» ويعتبرها «حلالاً» من «غنائم الحرب».
وفي دمشق، تنتشر هذه «الأسواق» في شارع الثورة قرب ما يُعرف بـ«سوق الحرامية» وفي أحياء الدويلعة، والطبالة، ودف الشوك، وشارع نسرين، ونهر عيشة، والدحاديل، والميدان، وفي مدينة جرمانا بريف دمشق. وتشاهَد في عدد من الدكاكين بضائع مسروقة، بينها أجهزة كهربائية بمختلف أنواعها وأثاث منزلي ونوافذ وأبواب وسجاد وأحذية... وقطع السيارات.
واقتحمت قوات النظام والميليشيات في السنوات القليلة الماضية عشرات آلاف المنازل والمتاجر في الأحياء والمناطق التي استعاد النظام السيطرة عليها في ريف دمشق، مثل مناطق حجيرة، والسبينة، والذيابية، ومدينة داريا، والجهة الغربية من حي القدم، والجزء الشمالي من مخيم اليرموك جنوب العاصمة، وكذلك منازل المعارضين في حلب وحمص.
ولم تتخذ حكومة النظام أي إجراءات لوقف عمليات السرقة والنهب، بل تتم هذه العمليات أمام أعينها، بينما يتهم معارضون النظام ليس فقط بغض النظر عن عمليات النهب، بل بـ«تشجيعها».
وحسب شهود العيان، فإن عمليات بيع المسروقات من مدن وبلدات وقرى الغوطة الشرقية لا تتم بشكل مباشر لأصحاب محال «أسواق الغنائم»، وإنما يعمد الضباط الذي تقاسموا القطاعات إلى بيع القافلة بشكل إجمالي لشخص واحد يقوم الأخير بدوره ببيعها بشكل انفرادي لأصحاب محال «أسواق الغنائم».
ويقدر هؤلاء قيمة بيع «الحمل الواحد بنحو 2500 دولار أميركي، في حين تبلغ قيمته أكثر من 10 آلاف دولار»، علماً بأن الدولار يساوي حاليا نحو 450 ليرة سورية.
وفي بداية انتشار عمليات «التعفيش» كان عناصر قوات النظام والميليشيات يقومون بعمليات بيع المسروقات لأصحاب محال «أسواق الغنائم» في الليل، وتطور الأمر بعد فترة وجيزة إلى بيعها في وضح النهار، وإفراغ سياراتهم المغلقة أمام أعين المارة دون أن يعتريهم أي خجل، بالترافق مع إطلاقهم كلمة «غنائم» وبصوت عالٍ لعدة مرات وهم يفرغون حمولات سياراتهم.
ومع عمليات النهب الجارية في مدن وبلدات وقرى الغوطة الشرقية، انتعشت أسواق «التعفيش» في مدينة جرمانا المحاذية للقطاع الأوسط للغوطة الشرقية من الناحية الغربية، وعُرضت في محالها، خصوصاً في شارعي «النسيم» و«الحمصي»، حسب أحد سكان المنطقة، مختلف أنواع المفروشات والمكيفات والأدوات الكهربائية والمنزلية والأبواب والنوافذ الحديدية والخشبية والأسلاك الكهربائية، وسط إقبال كبير من الزبائن عليها وانخفاض ملحوظ في أسعارها، وذلك أن سعر غرفة النوم الجيدة لا يتجاوز 25 ألف ليرة، بينما يصل الجديد منها إلى أكثر من 250 ألف ليرة.
وقال أحد المتابعين، إن هناك اعتقاداً سائداً لدى من يقومون بعمليات «التعفيش» ويعملون بمحال «أسواق الغنائم» وبعض الموالين للنظام بأن أهالي الغوطة الشرقية والمناطق الثائرة عموماً من «الإرهابيين» و«العملاء»، وأن ما يُسرق من ممتلكاتهم هو «حلال»، في حين يعتبر آخرون الأمر «حراماً» كونه «سرقة موصوفة». ولاحظ مراقبون «حقداً كبيراً لدى الميليشيات المنتشرة في جرمانا على الثوار والأهالي في الغوطة الشرقية بسبب الاستهداف الدائم الذي كان يحصل من قبل الثوار لتلك الميليشيات ومراكزها».
وفي «ضاحية الأسد» المجاورة لمدينة حرستا من الناحية الشمالية الغربية التي كانت الميليشيات فيها هدفاً دائماً لثوار الغوطة الشرقية، انتعشت أيضاً أسواق «التعفيش» بمسروقات مدن وبلدات وقرى الغوطة، حسب شهود عيان أكدوا لـ«الشرق الأوسط»، أن المسروقات المعروضة في تلك الأسواق شملت حتى «الأبقار والأغنام»، بينما تحدثت مصادر أخرى عن نقل قوافل مسروقات بأكملها إلى محافظات حماة وطرطوس واللاذقية.
وفي المناطق التي سمح النظام للأهالي بالعودة إلى منازلهم فيها بعد أن استعاد السيطرة عليها، فوجئ هؤلاء الأهالي بخلو المنازل والمحال التجارية من أي أثاث ومقتنيات، حتى إن بعض المنازل بدت كأنها قيد الإنشاء وتحتاج إلى عملية إكساء شاملة، إثر سرقة الأبواب والنوافذ وخلاطات المياه والمفاتيح والأسلاك الكهربائية وحتى «المراحيض الإفرنجية».
ومع بداية ظهور هذه «الأسواق»، كانت أسعار السلع شبه الجديدة فيها منخفضة عن سعرها، فسعر الثلاجة تراوح بين 3 و5 آلاف ليرة سورية، بينما ثمن الجديدة 50 ألف ليرة، وجهاز التلفزيون (20 بوصة) كان يباع في هذه الأسواق بنحو ألفى ليرة، بينما سعره جديداً يقارب الـ140 ألفاً.
وفي تلك الفترة، انتهز البعض ممن يجاهرون بموالاة النظام، الفرصة لاقتناص صفقات من تلك المحلات، وأكملوا بها ما ينقص بيوتهم من حاجات، لاعتقادهم أن «مصدرها حلال».
في المقابل، يتردد عدد من النازحين إلى مناطق سيطرة النظام وبعض السكان الأصليين، في الإقدام على الشراء من تلك المحال رغم صعوبة الأوضاع المعيشية، لاعتقادهم أن مصدرها «حرام».
ومع الارتفاع الجنوني للأسعار بسبب تدهور سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، عمد بعض أصحاب محلات «أسواق الغنائم» إلى رفع أسعار ما يعرضونه ليقترب بعضها من سعر الحاجات الجديدة، خصوصاً المواد النادرة، بسبب توقف عمليات الاستيراد على خلفية العقوبات المفروضة على النظام.
ويحض بعض رجال الدين على عدم الشراء من محال «أسواق الغنائم»، لأن ما تحتويه تم جلبه بطرق غير مشروعة ويعد «حراماً»، وأن الشراء منها «يشجع» من يقومون بعمليات السرقة على «الاستمرار» في ذلك. وبات كثير من المواطنين يفرقون بين محال «الأدوات المستعملة» التي كانت تنتشر في فترة ما قبل الحرب، وبين محال «أسواق الغنائم»، ولا يتردد بعضهم عند الاشتباه بهذه المحال في سؤال البائع إن كان ما يحتويه محله مصدره «حلال»، وهنا يرد بعض الباعة بتأكيد أنه «حلال»، بينما يرد آخرون بغضب: «لا أعلم» على حين يلتزم آخرون الصمت لدى سؤالهم.
لكن النازحين يعتريهم الكثير من الحسرة لدى مشاهدتهم حاجاتهم تباع في تلك المحال، ويحتارون بين إبلاغ صاحب المحل بأن هذه الحاجة لهم، الأمر الذي يؤدي إلى الدخول معه في جدل واسع، وبين السكوت تفادياً لحدوث تهديدات لهم، أو إعادة شراء حاجتهم.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.