بغداد توقع وثيقة مبادئ لنقل الصلاحيات إلى المحافظات

مراقبون يشكّون في دافع انتخابي وراء أمر أصدره العبادي

TT

بغداد توقع وثيقة مبادئ لنقل الصلاحيات إلى المحافظات

وقّع الأمين العام لمجلس الوزراء العراقي مهدي العلاق، أمس، الوثيقة الأساسية لمبادئ التعاون المشترك مع الحكومات المحلية لمحافظتي الديوانية وميسان، وإطلاق البرنامج التجريبي لنقل الصلاحيات وتعزيز اللامركزية. والتوقيع جزء من متطلبات الالتزام بقانون إدارة المحافظات غير المنتظمة بإقليم المعدل الصادر عام 2013.
في موازاة ذلك، أصدر رئيس الوزراء، أول من أمس، أمراً ديوانياً يتعلق بإجراءات تهدف إلى «الإسراع بالجهد الوطني وتوفير الاحتياجات الخدمية الأساسية في العاصمة بغداد والمحافظات».
وحضر مراسم توقيع الوثيقة الأساسية رئيس هيئة المستشارين ومسؤول التنسيقية العليا بين المحافظات، ومحافظي الديوانية، سامي الحسناوي، وميسان، علي دواي، إضافة إلى وكلاء الوزارات القطاعية ذات العلاقة، وممثلي السفارة الكندية ومعهد الحوكمة الكندي.
وذكرت الأمانة العامة لمجلس الوزراء في بيان، أن أمينها العام علي العلاق الذي وقّع الوثيقة ممثلاً عن الحكومة العراقية، قال أثناء مراسيم التوقيع، إن «الحكومة اليوم تنفذ جزءاً من التزاماتها لترسيخ مبادئ الديمقراطية وتطبيق اللامركزية ونقل الصلاحيات إلى المحافظات»، موضحاً، أن الهدف الأساسي من توقيع الوثيقة هو «رفع القدرات الإدارية والتنفيذية للمحافظات، وتعزيز نقل الصلاحيات، وإعطاء مرونة أكبر للمحافظين للقيام بتقديم الخدمات ضمن المعايير الوطنية».
وأثار توقيع وثيقة المبادئ الأساسية، بالتزامن مع إصدار رئيس الوزراء حيدر العبادي الأمر الديواني المتعلق بتسريع الجهد الوطني لتوفير الخدمات في العاصمة بغداد وبقية المحافظات، استغراب شخصيات سياسية؛ لجهة التقاطع الحاصل في هدف واتجاه الوثيقة والأمر الديواني. ففي حين يبقي الأمر الديواني المتعلق بالخدمات وبخاصة المقدمة من الجهد الهندسي للقوات المسلحة بمختلف صنوفها بيد رئيس الوزراء حصرياً، يفترض أن تمنح وثيقة إطلاق الصلاحيات سلطات واسعة للإدارات المحلية في المحافظات غير المنتظمة بإقليم. ولم يستبعد مراقبون الأهداف الانتخابية وراء تزامن صدور الأمرين.
وذكر بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء، أن الأمر الديواني يتضمن أن «يكون الجهد الهندسي للتشكيلات الهندسية لوزارتي الدفاع والداخلية وهيئة الحشد الشعبي تحت إمرة رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، وتكون حركاتها من خلال مكتب رئيس الوزراء حصراً».
ويستغرب القيادي في تيار «الحكمة الوطني» فادي الشمري، التزامن بين الأمر الديواني وموضوع نقل الصلاحيات، ويلمح إلى «دوافع انتخابية» تقف وراء الموضوع. ويقول الشمري لـ«الشرق الأوسط»: «نؤيد بقوة موضوع نقل الصلاحيات إلى المحافظات، ونعتقد أن إطلاقه تأخر كثيراً، وكان ينبغي إطلاقه نهاية عام 2016، وقد كان ضمن شروط موافقتنا على برنامج الحكومة الحالية». ويلفت إلى أن «اللامركزية واحدة من الحلول الجوهرية باتجاه فك التعقيد بين المركز والمحافظات، وتساعد على إنعاش التعايش السلمي في العراق، لكن إطلاقها قبل نحو شهر من موعد الانتخابات يثير أكثر من علامة استفهام».
وبتقدير الشمري، فإن الأمر الديواني الصادر عن رئيس الوزراء «يكشف عن أن الحكومة بدأت في التحول شيئاً فشيئاً باتجاه أهداف ومضامين انتخابية، وعلى الحكومة الابتعاد عن استغلال مكانتها لأهداف انتخابية».
واستغرب «حصر الصلاحيات بيد رئيس الوزراء في الأمر الديواني؛ ما يعني السيطرة على اختصاصات الدوائر البلدية والوزارات المعنية التي يجب أن تقوم بواجبها لا أن ترتبط برئيس الوزراء». وتبع: «الأمر في تقديري يتعلق بمصالح حزبية وانتخابية».
بدوره، قال الخبير القانوني جمال الأسدي، إن «الأمر الديواني قصة غريبة ويتقاطع مع القانون؛ لأنه يسمح بسيطرة رئيس الوزراء على جميع الوزارات ومصادرة صلاحياتها، أظن أن الأمر يتعلق بدوافع انتخابية». ويشير الأسدي إلى أن «توفير الخدمات الأساسية بهذه الطريقة عبارة عن حلول ترقيعية وليست مؤسساتية، هذا أسلوب كان يستخدم في عهد صدام، لفترات وأهداف محددة ثم ينتهي بانتهاء غاياته».
وحول موضوع نقل الصلاحيات واللامركزية، يرى الأسدي أن الموضوع «لا يتجاوز حدود الإصلاحات الجزئية والشكلية». وقال: المفروض أن يتم نقل صلاحيات نحو 5 وزارات وتسليمها إلى الحكومات المحلية، لكن ذلك أمر مستبعد». ويشير الأسدي إلى أن «أصل المشكلة في عدم تحول العراق إلى الحكم اللامركزي، يكمن في أن العقلية الحاكمة ما زالت مركزية وموروثة منذ عام 1920». ويعتقد أن «عدم تشريع قوانين ساندة لقانون المحافظات الذي ينظم مسألة اللامركزية، يعني عدم إيمان العقلية الإدارية الكهلة بموضوع نقل الصلاحيات أو الرغبة في نجاحه».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».