الفلسطينيون يشيعون ضحاياهم... و«حماس» تهدد إسرائيل بـ«دفع الثمن»

حداد وإضراب عام ومئات يتوافدون مجدداً إلى «خيام العودة»

TT

الفلسطينيون يشيعون ضحاياهم... و«حماس» تهدد إسرائيل بـ«دفع الثمن»

شيع آلاف الفلسطينيين، أمس، جثامين قتلاهم في المواجهات الدامية التي شهدتها «مسيرة العودة» على حدود قطاع غزة يوم الجمعة، في ظل حداد وإضراب عام شهدته المناطق الفلسطينية كافة. وتوافد لليوم الثاني على التوالي مئات الفلسطينيين إلى «خيام العودة» التي نُصبت على الحدود الشرقية والشمالية للقطاع، فيما أصيب أكثر من 20 شاباً بجروح متفاوتة، إثر إطلاق الجيش الإسرائيلي الرصاص الحي تجاههم بحجة اقترابهم من السياج الأمني.
وقُتل يوم الجمعة 16 فلسطينياً وجرح أكثر من 1400 برصاص الجنود الإسرائيليين، في واحد من أكثر الأيام دموية منذ سنوات. وشيع الآلاف من سكان القطاع ظهر أمس جثامين 8 من قتلى مواجهات الجمعة، علماً أن جثامين الآخرين شُيّعت بعد وقت قصير من استهدافهم من قبل الجيش الإسرائيلي على الحدود.
وانطلقت جثامين القتلى من مناطق رفح وخانيونس والنصيرات وبيت حانون إلى منازل عوائلهم لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليهم، وسط حالة من الحزن عمت أفراد أسرهم، خصوصاً النساء اللاتي ودّعن القتلى بأجواء ممزوجة بين البكاء وإطلاق الزغاريد، قبل أن تتم مواراة الجثامين في مقابر الشهداء بمناطق سكناهم، وسط ترديد شعارات غاضبة.
ونعت «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة حماس، في بيان أمس، 5 من عناصرها بينهم جهاد فرينة الذي وصفته بأنه قيادي ميداني، إلى جانب عنصر آخر هو مصعب السلول الذي لم يرد اسمه في قوائم القتلى التي وزعتها وزارة الصحة يوم الجمعة. وقالت مصادر فلسطينية إن الاحتلال يحتجز جثمان السلول بعدما قُتل على الحدود، حيث كان الجيش الإسرائيلي قد أعلن قتل مسلحين اثنين شرق منطقة جحر الديك شرق المنطقة الوسطى لقطاع غزة، بحجة إطلاقهما النار تجاه قوة عسكرية على السياج الأمني. وهدد بيان لـ«كتائب القسام» بأن «دماء الشهداء الأطهار لن تضيع هدراً، وسيدفع العدو ثمنها في الوقت والمكان والكيفية التي تقررها المقاومة»، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ).
كما نعت الفصائل الفلسطينية المختلفة كل القتلى الذين سقطوا في المواجهات، داعية إلى مواصلة المسيرات السلمية على الحدود استعداداً ووصولاً لـ«مسيرة العودة الكبرى» المقررة في منتصف مايو (أيار) المقبل، لإحياء ذكرى النكبة، وذلك من خلال التوافد المستمر لخيام العودة التي نصبت على الحدود.
وتزامنت «مسيرة العودة» يوم الجمعة مع «يوم الأرض» في 30 مارس (آذار) من كل عام لإحياء ذكرى مقتل 6 فلسطينيين دفاعاً عن أراضيهم المصادرة من سلطات إسرائيل عام 1976.
وفتح الجيش الإسرائيلي النار أمس في اتجاه تجمعات المواطنين الفلسطينيين شرق خانيونس جنوب القطاع، وجباليا إلى الشمال من القطاع. كما استهدف المزارعين الذين وجد عدد منهم في أراضيهم القريبة من الحدود في المنطقة الوسطى والشمالية من قطاع غزة. وقالت مصادر طبية فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، إن 4 شبان أصيبوا شرق بلدة جباليا شمال القطاع، فيما أصيب 4 آخرون شرق خانيونس، و6 شرق رفح جنوب القطاع. وأصيب آخران شرق مدينة غزة ومخيم البريج وسط القطاع. وأشارت المصادر إلى أنهم تعرضوا لإطلاق نار من قناصة جيش الاحتلال على الحدود، وجروحهم بين المتوسطة والطفيفة. فيما أشارت وزارة الصحة بغزة إلى أنه تم تقديم العلاج ميدانياً للعشرات ممن أصيبوا بجروح طفيفة جراء إلقاء جنود الاحتلال عدداً كبيراً من قنابل الغاز على المحتجين الفلسطينيين.
وتزامن ذلك مع حداد وطني عام شمل كل المؤسسات الحكومية والتجارية في قطاع غزة والضفة الغربية. وشمل الإضراب مناحي الحياة التجارية والتعليمية، بما فيها المؤسسات الخاصة والعامة، وأغلقت المدارس والجامعات أبوابها وكذلك المصارف التي تعمل يوم السبت.
وكان الرئيس محمود عباس قرر عقب المجزرة الإسرائيلية على الحدود اعتبار السبت يوم حداد وطنياً على «أرواح الشهداء الذين ارتقوا دفاعاً عن حقوقهم المشروعة في إقامة دولتهم الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ودفاعاً عن مقدساتهم الإسلامية والمسيحية، وعن حقهم في العودة إلى منازلهم وأرضهم التي هجروا منها»، كما جاء في بيان للرئاسة الفلسطينية.
ودعمت القوى الوطنية والإسلامية في كل الأراضي الفلسطينية قرار عباس بالدعوة للإضراب الشامل، مطالبةً القيادة الفلسطينية بالتحرك دولياً من أجل توفير حماية دولية للمتظاهرين السلميين.
وأدى الفلسطينيون في محافظات عدة بالضفة الغربية صلاة الغائب على أرواح قتلى قطاع غزة، فيما شهدت مدن عدة مسيرات بدعوات من الفصائل تعبيراً عن الغضب الفلسطيني العارم، إلى جانب تنظيم جنازات رمزية حُملت فيها نعوش كُتبت عليها أسماء عدد من الشهداء. كذلك جرت مواجهات متفرقة في مدن الضفة الغربية بين محتجين فلسطينيين وجنود الاحتلال.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».