مجلس حكماء طرابلس يندد بـ«سياسة الاعتقالات والإخفاء القسري»

TT

مجلس حكماء طرابلس يندد بـ«سياسة الاعتقالات والإخفاء القسري»

عشية انطلاق مؤتمر عن الجريمة المنظمة في العاصمة الليبية، أُعلن عن خطف الشيخ عبد الحكيم الحامي، عضو مجلس الحكماء والأعيان طرابلس، وهو في طريقه للمشاركة في مظاهرة أقيمت في ميدان الشهداء بالعاصمة، مساء أول من أمس، قبل أن يطلق سراحه مساء أمس، دون توضيح الجهة التي أوقفته.
وعبر مجلسا حكماء وأعيان طرابلس وتاجوراء عن غضبهما من اختفاء الحامي، وحمّلا المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني وأجهزته الأمنية والقضائية المسؤولية عن «تعرض حياة الحامي لأي خطر».
ورفض مجلس حكماء طرابلس في بيان، نشره عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أمس، ما وصفه بـ«سياسة الاعتقالات غير القانونية والإخفاء قسراً، التي يتم انتهاجها ضد النشطاء السياسيين في طرابلس»، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات تعد «من سياسات القمع، وتكميم الأفواه التي مارس (آذار)ها النظام السابق ضد معارضيه».
ولفت المجلس إلى أن مثل هذه «السياسات التعسفية في حق المدنيين تؤثر على مظاهر الحياة في العاصمة، وتظهرها بمظهر المدينة المخطوفة من قبل جهات خارجة عن القانون والدولة». محذراً من المساس بالشيخ الحامي، وقال بهذا الخصوص إن «حالته لا تسمح باعتقاله دون توفير العناية الطبية اللازمة له، لأنه يعاني من آثار إصابة لحقت به أثناء مشاركته في الحرب على تنظيم (داعش) الإرهابي في سرت».
وتنتشر عمليات الخطف بشكل واسع في العاصمة، ومن أبرزها اختطاف عميد طرابلس عبد الرؤوف بيت المال، الذي أطلق سراحه بعد ساعات من خطفه على يد ميليشيات مسلحة من منزله بمنطقة خلة الفرجان، وسط إدانات محلية ودولية كبيرة.
واستنكر مجلس حكماء وأعيان تاجوراء في بيان أصدره أمس عملية خطف الحامي، مطالبا بضرورة تحريره من أيدي خاطفيه في أسرع وقت، ومعاقبة الفاعلين وفقا للقانون.
في غضون ذلك، انطلقت فعاليات مؤتمر بعنوان «ليبيا ما بين الأمن والجريمة» في العاصمة طرابلس أمس داخل أحد فنادق العاصمة، وذلك بحضور عدد من قيادات الشرطة والخبراء الأمنيين والمحامين والقضاة. وبحث المؤتمرون في جلسات عدة كيفية التصدي للجريمة المنظمة في عموم البلاد، وخاصة في العاصمة، ومدى تأثيرها على الأوضاع السياسية والاقتصادية في ليبيا، إلى جانب تقدم إدارة المخدرات بالعاصمة بورقة بحثية تتعلق بمكافحة المواد المخدرة، بما فيها غزو حبوب «الترامادول» للشوارع الليبية، «متفوقة على مخدر الحشيش وأقراص الهلوسة»، بحسب الإدارة.
في غضون ذلك، وجهت انتقادات لاذعة أمس لمنظمي مظاهرة في ميدان الشهداء بالعاصمة، مساء أول من أمس، تطالب بالاستفتاء قبيل إجراء انتخابات في البلاد، تحت عنوان «حراك 30 مارس»، وسط اتهامهم بأن وراءها جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا.
وقال زياد دغيم، عضو مجلس النواب، وفقا لموقع «المتوسط الإلكتروني»، إن «حراك 30 مارس» في طرابلس المطالب بالاستفتاء «قطري إخواني لتمرير دستور قطري». مضيفا أن «الحراك جاء نتيجة دعوات قادتها قناة الجزيرة وجماعة الإخوان وحزب العدالة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.