يوم بضيافة «أكاديمية الشيف مارون شديد» في بيروت

تعلم الطهي على طريقة طاهٍ بارع

تتعلم في الأكاديمية الكثير عن الطهي
تتعلم في الأكاديمية الكثير عن الطهي
TT

يوم بضيافة «أكاديمية الشيف مارون شديد» في بيروت

تتعلم في الأكاديمية الكثير عن الطهي
تتعلم في الأكاديمية الكثير عن الطهي

يقال إن الرسالة تقرأ من عنوانها، وهو ما يمكن تطبيقه على أرض الواقع خلال زيارتك لـ«أكاديمية مارون شديد للطبخ» الواقعة في شارع مونو في الأشرفية.
فكل ما يطالعك به الشيف مارون في إمبراطوريته الصغيرة يرتبط ارتباطا مباشرا بحرفيته وشغفه بهذه المهنة. فكما مبنى الأكاديمية الأنيق والملون بالأبيض والأزرق، كذلك أقسامها المتألقة بحس النظافة والترتيب والمؤلفة من مطبخين وصالة طعام، إضافة إلى أجنحة وملاحق لها تؤلف مطعما و«تيراس» على طريق الإنجاز تحمل اسم «ريتاج».
وبناء على دعوة وجهها إلى أهل الصحافة لمتابعة جلسة طبخ بإشرافه، اتخذنا أماكننا في مطبخه المخبري ضمن أجواء مريحة يخيم عليها الموسيقى الهادئة والاسترخاء والتسلية.
فأن تتذوق أطباقا حضّرها الشيف مارون شديد لهو أمر قد يحسدك عليه كثيرون، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بإشرافه شخصيا على تحضيرك لأطباق من تصميمه.
وتألفت لائحة الطعام من أطباق ثلاثة تطغى عليها النكهتان اللبنانية والغربية معا، إضافة إلى واحدة من الحلويات.
فطبق المقبلات ارتكز على لحم «البسطرما» المعروف في المطبخ الأرمني والمحضر مع خبز «اكلير كراكلان» مع جبن البارميزان. وتألف طبق السلطة من الجرجير مع صلصة دبس الرمان. أما الطبق الرئيسي فتألف من السمك (سي باس بروشيتا) مع الحبق، ومسك الختام كان مع طبق الحلوى (تارت) المغمورة عجينتها بالتمر المهروس والفستق الحلبي الأخضر المبروش وكريما الحلاوي.
وعندما سألت الشيف مارون عما يجب أن تتمتع به ربة المنزل لتحضير أطباق شهية أجاب: «شغف القيام بمهمة الطبخ هو أول ما يجب أن يسكن ربة المنزل، بحيث تستمتع في تحضير الطعام فلا تقوم به كأنه مفروض عليها من ضمن واجباتها المنزلية. أما الحب فيبقى المكون الأساسي الذي يجب أن يحمله كل طبق تصنعه بيديها فيشعر بطعمه أفراد عائلتها».
العمل على تحضير الأطباق كان منظما لا سيما أنه كان بمثابة تجربة يخوضها أول مرة أهل الصحافة في هذا المجال ليتعرفوا إلى كيفية سير العمل في أكاديمية الشيف مارون شديد. فهناك من أخذ يقطع البندورة الكرزية ويفرم الحبق، فيما انشغلت مجموعة أخرى في تحضير شرائح جبن الحلومي والفطر الطازج و«البسطرما» لحشو كعك «الاكلير» المصنوع أمامنا والمخبوز في فرن الأكاديمية. أما عملية تحضير فيليه السمك المقلي بزيت الزيتون مع حبيبات الثوم المسحوقة فقد تسلمها الشيف مارون من ألفها إلى بائها ساكبا على كل قطعة منها إثر الانتهاء من طهيها «بروشيتا» البندورة مع أوراق الحبق والثوم المقطع والمخلوط بزيت الزيتون.
وكانت حلوى «تارت» التمر مع الفستق الحلبي وكريما الحلاوي قد استهل تحضيرها الشيف مارون في بداية هذه الجلسة الأكاديمية بامتياز، يساعده فيها الشيف عز الدين ومن ثم وضعها في الثلاجة لنتناولها باردة.
ولوحظ اهتمام الشيف مارون طيلة وقت الجلسة هذه بنظافة الطاولة التي نستخدمها لتحضير مكونات الأطباق، فكان يمسح بعض نقاط صلصة البندورة، ويرمي بالقفازات النايلون المستعملة ويلمع جوانب فرن الغاز الذي يتم طهي الأطباق على ناره ويلملم بقايا «الجرجير» المتساقطة على أرض المطبخ سهوا منا. «النظافة أمر بديهي يجب أن يرافق سيدة المنزل في المطبخ كي تخرج إلى مائدتها أطباق صحية ولذيذة». يقول الشيف الذي يشارك في لجنة برنامج «توب شيف» للسنة الثانية على التوالي. فحسب رأيه هناك مواهب عربية رائعة في مجال الطهي اكتشفها البرنامج المذكور وأظهرت عن إمكانياتها بجدارة.
وبحركة دائمة ومع ملاحظات مختصرة ومفيدة تنقل الشيف مارون شديد بيننا يشرف على عملية تحضيرنا أطباق لائحة الطعام التي وضع وصفاتها بتصرفنا في نهاية الجلسة. «كنت في السابق أوزعها على طلابي في بداية الجلسة ولكني اكتشفت بأنها تسرق منهم الوقت والاهتمام من خلال قراءة محتوياتها بدل الإصغاء إلى ملاحظاتي ومراقبة طريقة عملي».
انتهى وقت التحضير، وجلسنا نتناول الأطباق التي حضرناها بحب ومع ابتسامة كبيرة، فجاءت على قدر آمال الشيف التي وضعها في عهدتنا.
وتجدر الإشارة إلى أن مارون شديد افتتح أكاديمية الطبخ خاصته منذ فترة قصيرة متوجها بها إلى هواة الطبخ الذين يرغبون في تطوير إمكانياتهم.
«الأكاديمية وإضافة لورشات عمل الطبخ الموسمي الخاص بمناسبات معينة مستعدة لاستقبال هواة الطبخ وحتى المحترفين منهم طيلة أيام السنة بحيث يتابعون دروسا لمدة 3 أو 6 أشهر متتالية تخولهم الحصول في نهايتها على شهادة تنويه من قبلي ليتدرجوا بعدها من شيف محترف إلى عالمي». يوضح شديد في سياق حديثه.
تجربة ممتعة أمضاها أهل الصحافة والإعلام بعد أن تخلوا عن أقلامهم مقابل استخدام أناملهم وارتداء مريول جينز أنيق من توقيع شركة إميل رسام لتصميم الأزياء، كي يقوموا بأعداد وتحضير سلسلة أطباق خارجة عن المألوف بإشراف الشيف مارون شديد.


مقالات ذات صلة

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

صحتك امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

أصبحت فوائد اتباع النظام الغذائي المتوسطي معروفة جيداً، وتضيف دراسة جديدة أدلة أساسية على أن تناول الطعام الطازج وزيت الزيتون يدعم صحة الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك خبراء يحذرون بأن الناس غالباً ما يختارون جودة الطعام على الكمية وهو ما قد لا يكون كافياً من الناحية التغذوية (رويترز)

دراسة: «الهوس بالأطعمة الصحية» قد يسبب اضطرابات الأكل والأمراض العقلية

حذر خبراء بأن «الهوس بالأكل الصحي» قد يؤدي إلى الإدمان واضطرابات الأكل.

«الشرق الأوسط» (بودابست)
يوميات الشرق ألمانيا تشهد بيع أكثر من مليار شطيرة «دونر كباب» كل عام مما يجعل الوجبات السريعة أكثر شعبية من تلك المحلية (رويترز)

«الدونر الكباب» يشعل حرباً بين تركيا وألمانيا... ما القصة؟

قد تؤدي محاولة تركيا تأمين الحماية القانونية للشاورما الأصلية إلى التأثير على مستقبل الوجبات السريعة المفضلة في ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة- برلين)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)

ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
TT

ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)

إذا كنت من محبي الأجبان فستكون سويسرا من عناوين الأكل المناسبة لك؛ لأنها تزخر بأنواع تُعد ولا تُحصى من الأجبان، بعضها يصلح للأكل بارداً ومباشرة، والأصناف الأخرى تُؤكل سائحة، ولذا يُطلق عليها اسم «فوندو» أو «ذائبة».

من أشهر الأجبان السويسرية: «الفاشرين» Vacherin، و«الغرويير»، و«الراكليت»، و«الإيمينتال»، ويبقى طبق «الفوندو» الأشهر على الإطلاق، لا سيما في فصل الشتاء؛ لأنه يلمّ شمل العائلة حوله، وترتكز فكرته على المشاركة، والنوع الأفضل منه يُطلق عليه اسم «مواتييه مواتييه»، ويعني «نصف - نصف»، وهذه التسمية جاءت من مزج نصف كمية من جبن «الفاشرين»، والنصف الآخر من جبن «الإيمينتال»، يُؤكل ذائباً بعد وضعه في إناء خاص على نار خافتة، يتناوله الذوّاقة عن طريق تغميس مكعبات لذيذة من الخبز الطازج وبطاطس مسلوقة صغيرة الحجم في الجبن إلى جانب البصل والخيار المخلل.

جلسة خارجية تناسب فصل الصيف (الشرق الاوسط)

عندما تزور مدينة جنيف لا بد أن تتوجه إلى القسم العتيق منها حيث تنتشر المقاهي والمطاعم المعروفة فيها، وبالقرب من الكاتدرائية لن يغفل عنك مطعم «ليه أرمور» Les Armures، المعروف كونه أقدم المطاعم السويسرية في جنيف، ويقدّم ألذ الأطباق التقليدية، على رأسها: «الراكليت»، و«الفوندو»، واللحم المجفف، و«الروستي» (عبارة عن شرائح بطاطس مع الجبن).

يستوقفك أولاً ديكور المطعم الذي يأخذك في رحلة تاريخية، بدءاً من الأثاث الخشبي الداكن، ومروراً بالجدران الحجرية النافرة، والأسقف المدعّمة بالخشب والمليئة بالرسومات، وانتهاء بصور الشخصيات الشهيرة التي زارت المطعم وأكلت فيه، مثل: الرئيس السابق بيل كلينتون، ويُقال إنه كان من بين المطاعم المفضلة لديه، وقام بتجربة الطعام فيه خلال إحدى زياراته لجنيف في التسعينات.

جانب من المطعم الاقدم في جنيف (الشرق الاوسط)

يعود تاريخ البناء إلى القرن السابع عشر، وفيه نوع خاص من الدفء؛ لأن أجواءه مريحة، ويقصده الذوّاقة من أهل المدينة، إلى جانب السياح والزوار من مدن سويسرية وفرنسية مجاورة وأرجاء المعمورة كافّة. يتبع المطعم فندقاً من فئة «بوتيك»، يحمل الاسم نفسه، ويحتل زاوية جميلة من القسم القديم من جنيف، تشاهد من شرفات الغرف ماضي المدينة وحاضرها في أجواء من الراحة. ويقدّم المطعم باحة خارجية لمحبي مراقبة حركة الناس من حولهم، وهذه الجلسة يزيد الطلب عليها في فصل الصيف، ولو أن الجلوس في الداخل قد يكون أجمل، نسبة لتاريخ المبنى وروعة الديكورات الموجودة وقطع الأثاث الأثرية. ويُعدّ المطعم أيضاً عنواناً للرومانسية ورجال الأعمال وجميع الباحثين عن الأجواء السويسرية التقليدية والهدوء.

ديكور تقليدي ومريح (الشرق الاوسط)

ميزة المطعم أنه يركّز على استخدام المواد محلية الصنع، لكي تكون طازجة ولذيذة، تساعد على جعل نكهة أي طبق، ومهما كان بسيطاً، مميزة وفريدة. الحجز في المطعم ضروري خصوصاً خلال عطلة نهاية الأسبوع. أسعاره ليست رخيصة، وقد تتناول «الفوندو» بسعر أقل في مطعم آخر في جنيف، ولكن يبقى لـ«Les Armures» سحره الخاص، كما أنه يتميّز بالخدمة السريعة والجيدة.

فوندو الجبن من أشهر الاطباق السويسرية (الشرق الاوسط)

ما قصة «الفوندو» السويسري؟

«الفوندو» السويسري هو طبق تقليدي من أطباق الجبن المميزة التي يعود أصلها إلى المناطق الجبلية والريفية في جبال الألب السويسرية، ويُعد اليوم رمزاً من رموز المطبخ السويسري. يعتمد هذا الطبق على فكرة بسيطة، ولكنها فريدة؛ إذ تتم إذابة الجبن (عادة مزيج من عدة أنواع مثل «غرويير» و«إيمينتال») في قدر خاص، يُدعى «كاكلون» Caquelon، ويُوضع فوق موقد صغير للحفاظ على حرارة الجبن. يُغمس الخبز في الجبن المذاب باستخدام شوكات طويلة، مما يمنح كل قطعة خبز طعماً دافئاً وغنياً.

مبنى "ليه أرمور" من الخارج (الشرق الاوسط)

كان «الفوندو» يُعد حلاً عملياً لمواجهة ظروف الشتاء القاسية، حيث كانت الأسر السويسرية تعتمد بشكل كبير على الأجبان والخبز غذاء أساساً، ومع قسوة الشتاء وندرة المؤن، كانت الأجبان القديمة التي أصبحت صلبة وإعادة استخدامها بتلك الطريقة تُذاب. وقد أضاف المزارعون لاحقاً قليلاً من النبيذ الأبيض وبعض التوابل لتحسين الطعم وتسهيل عملية إذابة الجبن.

مع مرور الوقت، ازداد انتشار «الفوندو» ليصبح طبقاً سويسرياً تقليدياً ورمزاً وطنياً، خصوصاً بعد أن روّج له الاتحاد السويسري لتجار الجبن في ثلاثينات القرن العشرين. جرى تقديم «الفوندو» في الفعاليات الدولية والمعارض الكبرى، مثل «المعرض الوطني السويسري» عام 1939؛ مما ساعد في التعريف به دولياً. أصبح «الفوندو» في منتصف القرن العشرين جزءاً من الثقافة السويسرية، وجذب اهتمام السياح الذين يبحثون عن تجربة الطهي السويسرية التقليدية.

من أقدم مطاعم جنيف (الشرق الاوسط)

هناك أنواع مختلفة من «الفوندو»، تعتمد على المكونات الأساسية:

• «فوندو الجبن»: الأكثر شيوعاً، ويُستخدم فيه عادة خليط من أنواع الجبن السويسري، مثل: «غرويير»، و«إيمينتال»، والقليل من جوزة الطيب.

• «فوندو الشوكولاته»: نوع حلو تتم فيه إذابة الشوكولاته مع الكريمة، ويُقدّم مع قطع من الفواكه أو قطع من البسكويت.

• «فوندو اللحم» (فوندو بورغينيون): يعتمد على غمر قطع اللحم في قدر من الزيت الساخن أو المرق، وتُغمس قطع اللحم بعد طهيها في صلصات متنوعة.

اليوم، يُعد «الفوندو» تجربة طعام اجتماعية مميزة؛ حيث يلتف الأصدقاء أو العائلة حول القدر الدافئ، ويتبادلون أطراف الحديث في أثناء غمس الخبز أو اللحم أو الفواكه؛ مما يعزّز من روح المشاركة والألفة.