أميفاي... نجم جديد في سماء «أمازون»

قصة رجل أعمال بدأ نشاطه في غرفة بمنزله

«أميفاي» تشكل نسبة ضئيلة للغاية من مجمل نشاطات «أمازون» العملاقة
«أميفاي» تشكل نسبة ضئيلة للغاية من مجمل نشاطات «أمازون» العملاقة
TT

أميفاي... نجم جديد في سماء «أمازون»

«أميفاي» تشكل نسبة ضئيلة للغاية من مجمل نشاطات «أمازون» العملاقة
«أميفاي» تشكل نسبة ضئيلة للغاية من مجمل نشاطات «أمازون» العملاقة

تعتبر شركة «أميفاي»، الكائنة بليتل ألكسندريا في فيرجينيا، النسخة المنتمية للقرن الـ21 من آلاف الشركات التي ازدهرت حول السكك الحديدية منذ 150 عاماً ماضية، إلا أنه بدلاً عن السكك الحديدية، بنت «أميفاي» نشاطها التجاري داخل موقع «أمازون دوت كوم» الضخم، الذي نجح في إعادة تعريف كيفية شراء الناس لجميع مستلزماتهم تقريباً. جدير بالذكر أن «أمازون دوت كوم» (التي أسسها ويترأسها مالك صحيفة «ذي واشنطن بوست»، جيف بيزوس) توجت منذ أيام قلائل كثاني أكبر شركة من حيث القيمة على مستوى العالم، بعد «آبل». وتمثل «أميفاي» واحدة من قرابة 3 ملايين «بائع طرف ثالث» يستخدمون منصة «أمازون» الإلكترونية لبيع منتجاتهم، مقابل سداد 15 في المائة عمولة لـ«أمازون». ومن ناحيته، يرغب إيثان مكافي، 41 عاماً، مؤسس «أميفاي» والمالك الوحيد لها، في استغلال الهيمنة المتنامية لـ«أمازون» واستغلال ما يراه فرصة نادرة. وعن هذا، قال: «نرى أن ثمة ثورة قائمة من حولنا، ورياح تدفعنا نحو المضي قدماً. ونحاول رعاية هذا الطفل، وصياغة رؤية طويلة الأمد».
- سر نجاح «أميفاي»
جدير بالذكر أن «أميفاي» تشكل نسبة ضئيلة للغاية من مجمل نشاطات «أمازون» العملاقة. وتشير الأرقام إلى أن الشركة العملاقة التي تتخذ من سياتل مقراً لها تبيع سلعاً بقيمة 330 مليار دولار سنوياً؛ قرابة الثلثين منها يجري بيعها من جانب شركات مستأجرة مثل «أميفاي». من جهته، يتوقع مكافي تحقيق عائدات بقيمة 33 مليون جنيه إسترليني هذا العام، من خلال تلبية 600 ألف طلب شراء أحذية «أسيكس» وغيتارات «فندر» (التي يتوقع أن يبيع منها 8 آلاف قطعة هذا العام)، والنظارات المعظمة والتليسكوبات من إنتاج «فورتيكس أوبتيكس».
يذكر أن قرابة 90 في المائة من عائدات «أميفاي» تأتي من كونها «بائع طرف ثالث»، أما الباقي فيأتي من «القيمة المضافة» للشركة. ويعني ذلك توجيه العملاء بخصوص كيفية تحقيق مزيد من المبيعات عبر تصفح صفحات شبكة الإنترنت على نحو أفضل، وشراء إعلانات عبر «أمازون»، ومكافحة أعمال التزوير. ويكمن سر نجاح «أميفاي» على هذا الصعيد في إدراك أي المنتجات يمكن جني المال من ورائها، حسبما ذكر مكافي الذي قال: «السلع ذات المستويات السعرية الأعلى عادة ما تتمتع بهامش ربحي أكبر. ومن الصعب بيع سلعة سعرها 15 دولاراً، لكن لدى وجود سلعة بقيمة 100 دولار، من المحتمل أن تتمكن من بيعها وجني أرباح من ورائها. وباستطاعتك استغلال التكنولوجيا في التعرف على أي السلع تشكل الرهان الأفضل».
تجدر الإشارة هنا إلى أن أكبر تكاليف «أميفاي» تكمن في السلع التي تشتريها ثم تعيد بيعها عبر «أمازون»، وقوة العمل لديها. وعادة ما يتمثل هامش الربح بالنسبة لجهة بيع التجزئة بين 3 و5 في المائة من إجمالي المبيعات، ما يعني أن أرباح «أميفاي» تقارب مليون دولار هذا العام.
> كيف تعمل الشركة على تطوير نشاطها؟
أكد مكافي أنه سيوجه كل سنت من الأرباح التي يجنيها هذا العام إلى تعزيز النشاط التجاري لشركته، عبر إضافة المزيد من العناصر لفريق المبيعات بها، وافتتاح مخزن جديد في لاس فيغاس لتقليل تكاليف الشحن، والاستعانة بمتخصصين بمجال التكنولوجيا لتوسيع نطاق نشاط الشركة بمجال الاستشارات. وشرح مكافي فيما يخص نشاط الاستشارات أنه «نشجع العلامات التجارية الكبرى على العمل معنا، بحيث نعاونهم على بيع مزيد من المنتجات، وتنظيف قناة (أمازون) الخاصة بهم، وتعزيز الاستفادة منها. ونساعد على توسيع دائرة الاختيارات، وتوفير سلع مرتفعة الجودة بأسعار جيدة. وتدرك هذه الشركات من ناحيتها أنها بحاجة لاستراتيجية واضحة للتعامل عبر (أمازون)».
والملاحظ أن «أميفاي» نمت بسرعة، وهي تعتبر واحدة من أكبر العناصر المشاركة في سوق الأطراف الثالثة عبر «أمازون». أما المنافسون، فمعظمهم شركات صغيرة، ولذا تستغل «أميفاي» حجمها الكبير نسبياً في خلق تكنولوجيا خاصة بها، تعمل على الترويج لها عبر قسم الاستشارات التابع لها.
يذكر أن «أميفاي» تضم 42 موظفاً، منهم 30 يعملون بدوام كامل داخل الولايات المتحدة، و12 بدوام كامل في الفلبين.
> كيف بدأ مكافي؟
اللافت أن «أميفاي» تحقق أرباحاً منذ أن أطلق مكافي نشاطه التجاري تحت اسم «بيكلبول ديريكت» عام 2011، داخل مخزن مستأجر في أرلينغتون بفيرجينيا. وجدير بالذكر أن «بيكلبول» لعبة يجري لعبها بواسطة مضارب، مثل التنس، لكنها تتطلب قدراً أقل من الجري. وتخرج مكافي في «فيرجينيا تيك»، بدرجة علمية في أنظمة المعلومات، وعمل في شركة «تي. روي برايس»، التي تعنى بإدارة الأصول، وتتخذ من بالتيمور مقراً لها. وخلال عمله، تعاون مكافي في اختيار الأسهم المناسبة لصندوق العلوم والتكنولوجيا الناشئ بقيمة 5 مليارات دولار، التابع للشركة، وبدأ عمله عام 1998، وذلك خلال فترة قريبة من ذروة ما عرف باسم «حقبة الدوت كوم».
وخلال عمله، تابع مكافي عن قرب الشركات الناشئة التي تعمل على الترويج لنفسها لدى «تي. روي برايس»، مع طرحها أسهمها للاكتتاب العام. وسنحت الفرصة لمكافي لإلقاء نظرة متفحصة على التجارب الناجحة والأخرى الفاشلة في هذه الحقبة. كما شارك في اجتماعات مع بعض أكبر الأسماء بمجال التكنولوجيا، منها مؤسس «إيباي» السابق بيير أوميديار، ورئيستها التنفيذية آنذاك ميغ ويتمان، ومارك كوبان الذي كان يروج لشركته الناشئة «برودكاست دوت كوم».
وكان من شأن السنوات القلائل التي قضاها مكافي في «تي. روي برايس» في مطلع العشرينات من عمره معاونته على صقل خبرته إزاء التعرف على الشركات الزائفة من الأخرى التي تحمل إمكانات حقيقية للنجاح. وقال: «كنا نحاول اختيار الشركات التي نرى أنها تحمل إمكانات حقيقية، وقادرة على النجاة من انفجار فقاعة (الدوت كوم)، التي كنا مدركين أنها ستحدث يوماً ما. ولدى انفجار الفقاعة، كانت الشركات الجيدة ستتراجع قيمتها بنسبة 70 في المائة، بينما ستفقد الرديئة 100 في المائة من قيمتها».
عام 2001، رحل مكافي عن «تي. روي برايس»، وانضم إلى صندوق تحوط في شمال فيرجينيا يترأسه روس رامزي، أحد مؤسسي شركة «فريدمان، بيلينغز آند رامزي»، المعنية بإدارة الأصول، ومقرها في أرلينغتون.
وعن هذه الفترة، قال مكافي: «كان عملي المساعدة في تحديد الوجهات الأنسب لتوجيه استثمارات إليها. كان ذلك عام 2001، بعد انفجار فقاعة الإنترنت، وتمثلت الفكرة الرئيسية في أنه ستتوافر مجموعة ضخمة من شركات الإنترنت التي يمكن شراؤها بمبالغ زهيدة. وقد أبلينا بلاءً حسناً خلال تلك الفترة».
واستمر مكافي مع الشركة حتى عام 2009، وجني مبلغاً كافياً من المال كي يحصل على إجازة لمدة عام، نال خلاله درجة الماجستير من مدرسة «بول إتش. نيتز» للدراسات الدولية المتقدمة، التابعة لجامعة جونز هوبكينز. وبعد ذلك، حدد مكافي خطوته التالية.
نظراً لخبرته في التعامل مع الشركات الناجية بمجال الإنترنت، تحرك اهتمامه نحو «أمازون» التي نجحت في النجاة من صفعة فقاعة الإنترنت، وقال: «رأيت شيئاً يبدو واضحاً الآن: أن (أمازون) تزداد ضخامة يوماً بعد آخر». وأدرك مكافي أن «أمازون» تحدث تحولاً على صعيد تجارة التجزئة، وقال عن ذلك: «يقدم تجار التجزئة على بيع ما يحقق ربحاً فحسب، ويسعون لبيع الكثير. ولا يرغب تجار التجزئة في تخزين السلع. وجاء الإنترنت ليغير كل هذا. الآن، أصبح باستطاعتك اللجوء إلى الإنترنت، وشراء أي منتج تحتاجه».
وعليه، وقرابة عام 2010، بدأ مكافي في بيع مضارب «بيكلبول» التي اختارها لتكون بمثابة اختباره الأول لأنه كان بمقدوره شراؤها على دفعات صغيرة آنذاك، بدلاً عن شرائها بالآلاف. وقد تولى إدارة «بيكلبول ديريكت» من داخل غرفة نوم في منزله بأرلينغتون. وعلى امتداد العامين التاليين، توسعت «بيكلبول ديريكت» إلى بيع أحذية التنس وعصي الهوكي ونظارات الشمس.
وانتقل إلى متجر في أولد تاون ألكسندريا عام 2013، وبدأ في الاستعانة بموظفين، وحول مشروعه إلى شركة حقيقية. وارتفعت عائدات شركته من 300 ألف دولار إلى 1.2 مليون دولار إلى 5 ملايين دولار إلى 10 ملايين دولار. والعام الماضي، بلغت 25 مليون دولار، ونجح في الدخول بقائمة أكبر 500 شركة مرتين.

- خدمة «واشنطن بوست»


مقالات ذات صلة

بايدن في زيارة غير مسبوقة للأمازون

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال جولته في الأمازون (أ.ف.ب)

بايدن في زيارة غير مسبوقة للأمازون

يزور جو بايدن الأمازون ليكون أول رئيس أميركي في منصبه يتوجه إلى هذه المنطقة، في وقت تلوح فيه مخاوف بشأن سياسة الولايات المتحدة البيئية مع عودة دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (أمازوناس)
أميركا اللاتينية أطفال يمشون على شريط رملي في طريقهم إلى المدرسة في مجتمع سانتو أنطونيو في نوفو أيراو، ولاية أمازوناس، شمال البرازيل، 1 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

الجفاف في منطقة الأمازون يعرّض نحو نصف مليون طفل للخطر

قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، يوم الخميس، إن ندرة المياه والجفاف يؤثران على أكثر من 420 ألف طفل في 3 دول بمنطقة الأمازون.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
الولايات المتحدة​ جيف بيزوس مؤسس شركة «أمازون» (رويترز)

جيف بيزوس يهنئ ترمب على «العودة غير العادية... والنصر الحاسم»

هنأ جيف بيزوس، مؤسس شركة «أمازون»، دونالد ترمب على «العودة السياسية غير العادية والنصر الحاسم» بعد فوز المرشح الجمهوري بالإنتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص خلال مشاركة «أمازون» في مؤتمر «ليب 24» وإعلانها عن استثمارات ضخمة في السعودية (الشرق الأوسط)

خاص «أمازون»: السعودية والإمارات الأسرع نمواً في التجارة الإلكترونية

كشف مسؤول في شركة «أمازون» أن المنطقة تشهد تطورات مهمة فيما يتعلق بالتجارة الإلكترونية، مؤكداً أن السعودية والإمارات هما أسرع الأسواق نمواً.

عبير حمدي (الرياض)
خاص كاميرا «بان تيلت» أول كاميرا داخلية من «أمازون» تدور بزاوية 360 درجة وتميل بزاوية 169 درجة (أمازون)

خاص الكاميرات الذكية أمْ «سي سي تي في»... كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي معايير الأمان المنزلي؟

لا تُعد الكاميرات الذكية مجرد موضة عابرة، بل ضرورة في المنازل الحديثة.

نسيم رمضان (دبي)

السعودية تشهد انطلاق مؤتمر سلاسل الإمداد الأحد

جانب من فعاليات النسخة السابقة من المؤتمر في الرياض (واس)
جانب من فعاليات النسخة السابقة من المؤتمر في الرياض (واس)
TT

السعودية تشهد انطلاق مؤتمر سلاسل الإمداد الأحد

جانب من فعاليات النسخة السابقة من المؤتمر في الرياض (واس)
جانب من فعاليات النسخة السابقة من المؤتمر في الرياض (واس)

تشهد السعودية انطلاق النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد، يوم الأحد المقبل، برعاية وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، وبمشاركة عدد من الوزراء وصناع قرار سلاسل الإمداد ورؤساء شركات عالمية ومحلية كبرى ومؤسسات واعدة في قطاعات حيوية.

ويعقد المؤتمر في وقت تسهم فيه البلاد بدور بارز في تعزيز كفاءة سلاسل الإمداد العالمية، عبر الاستفادة من الإمكانات اللوجيستية المتينة والمتطورة التي تتمتع بها المملكة والتي تشمل شبكة قوية وفاعلة من المطارات الدولية والإقليمية وشبكة من المواني عالمية المستوى من حيث كفاءة الأداء والاتصال البحري، وشبكات من السكك الحديد والطرق البرية لدعم حركة تنقل الأفراد والبضائع.

ونجحت السعودية في تعزيز وتطوير قدراتها اللوجيستية وفق المؤشرات الدولية لدعم حركة سلاسل الإمداد ولتكون حلقة وصلٍ حيوية واستراتيجية في سلاسل الإمداد العالمية.

وتجسد النسخة السادسة من مؤتمر «سلاسل الإمداد» المكانة الرفيعة للمملكة في القطاع، كما ستسلط الضوء على أهمية تعزيز التعاون بين الشركات والجهات المعنية لتبني أفضل التقنيات المبتكرة في سلاسل الإمداد، ودعم التجارة الإلكترونية، وتحفيز الاقتصاد الرقمي وتوظيف الذكاء الاصطناعي لتطوير الخدمات المرتبطة بهذا القطاع، ما يسهم في ترسيخ مكانة السعودية بوصفها مركزاً لوجيستياً عالمياً ومحور ربط بين قارات العالم.

ويهدف المؤتمر إلى بناء شراكات جديدة مع مختلف القطاعات وتقديم رؤى وأفكار مبتكرة تسهم في تحقيق مستهدفات «رؤية 2030» في هذا المجال وتعزيز التنمية المستدامة.

يذكر أن المملكة تقوم بدور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث شهد القطاع خلال الفترة الماضية تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية، تحقيقاً لمستهدفات الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجيستية، فقد قفزت المملكة 17 مرتبة في المؤشر اللوجيستي العالمي الصادر عن البنك الدولي.

واستثمرت كبرى الشركات العالمية اللوجيستية في المواني السعودية؛ لجاذبيتها الاستراتيجية والاقتصادية، ما يعزز كفاءة القطاع اللوجيستي وسلاسل الإمداد بالمملكة.

ويستضيف المؤتمر معرضاً مصاحباً لقطاع سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية ونخبة من الخبراء العالميين والمختصين؛ بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها، ويتضمن برنامج المؤتمر مجموعة من الجلسات الحوارية، إضافة إلى ورش العمل المصاحبة، وركن ريادة الأعمال.

كما تم استحداث منصة تهدف إلى تمكين المرأة السعودية في قطاع سلاسل الإمداد، كما يشهد المؤتمر توقيع عدد من الاتفاقيات المشتركة.