شاشة الناقد

أليسا فيكاندر في «توم رايدر»
أليسا فيكاندر في «توم رايدر»
TT

شاشة الناقد

أليسا فيكاندر في «توم رايدر»
أليسا فيكاندر في «توم رايدر»

Tomb Raider
• إخراج: رور أوتوغ
• أكشن | الولايات المتحدة - 2018
• تقييم:

داومت الممثلة السويدية أليسا فيكاندر تمثيل دور الفتاة الرقيقة الناعمة وتوّجت هذه الشخصية في فيلمها الأول الذي دلف بها إلى العالمية «الفتاة الدنماركية» قبل أربع سنوات. هناك لعبت دور زوجة الرجل الذي قرر أنه لا يصلح أن يكون رجلاً فقام (تبعاً لحكاية حقيقية وقعت أحداثها في مطلع القرن الماضي) بعملية تحوّل لم ينج منها ومات بسببها.
لكن «توم رايدر» يقدم لنا فيكاندر جديدة لا تعرف الرقة أو النعومة وإن لم تكن، كحال أنجلينا جولي التي مثلت الشخصية مرتين (2001 و2003)، خالية من الأنوثة.
الحكاية هنا لها خريطة عالمية تبدأ في لندن وتتجه إلى هونغ كونغ ثم تحط في جزيرة تقع في بحر اسمه «بحر الشيطان». الجزيرة تحتوي على قبر الملكة هيميكو اليابانية التي يقال إنها ما زالت، ومنذ مئات السنين، لا تحتمل أن يعبث أحد بقبرها. حاول وستندم. لكن هذا ما ستفعله لارا كروفت الجديدة حالما تصل (بعد الرياح والعواصف ومخاطر الغرق) إلى الجزيرة لتجد نفسها أمام من يريد أن يحول بينها وبين الرحلة التي تقوم بها بحثاً عن أبيها.
للتعريف به (يؤديه دومينيك ويست) يستخدم المخرج النرويجي رور أوتوغ تفعيلة متداولة هذه الأيام تبدأ بظهوره صوتاً وصورة وهو يقول: «إذا كنت تسمعينني فأنا غالباً ميت» وفي فيلم ستيفن سبيلبرغ الجديد الاستخدام نفسه إذ يقول والد بطل الفيلم لإبنه «إذا كنت تشاهدني الآن فأنا ميت».
هذه طريقة لإعادة الحياة للموتى لكن كروفت تبحث فعلاً عن والدها وفي سبيله ستخوض مغامرات من نوع القفز نحو 500 متر بشطحة واحدة، والقفز في الماء من علو كيلومتر لجانب ما يبدو لنا - نحن المشاهدين العاديين - مستحيلاً، والركض بسرعة صاروخية فوق جسر بدأ يتفكك ويتهاوى للنفاذ من السقوط في الوادي السحيق. بالنسبة إليها فإن كل ذلك بسهولة الشرب من زجاجة مياه معدنية. نحن فقط من نجد أن هذه الأمور صعبة الحدوث مرّة ثم مستحيلة الحدوث عدة مرات.
ما يعينها على كل ذلك وما يعين المشاهد قبول ما يراه على أنه ليس أكثر من ترفيه هو سلاسة تنفيذ المهام الصعبة، كما لو أنها جزء من واقع معيش. وأليسا فيكاندر لديها طريقة تمثيل تبقى فيها قريبة من الأداء الطبيعي، وليس البطولي، رغم أن ما تقوم به مصنَّف بطولياً. لكن السيناريو ليس سوى واجباً مدرسياً في سينما المغامرات. هذا المشهد يتبعه ذاك ولا وقت للتعمق في أي شيء.
ينشدنا ذلك إلى كم تقدمت التكنولوجيا من أيام «لارا كروفت» كما مثلته أنجلينا جولي، والتقدم الأبعد منذ أن قام ستيفن سبيلبرغ بإخراج حلقات «إنديانا جونز»، ثم الأبعد والأبعد من أيام «طرازان» الذي كان اختصاصه قطع المسافات الطويلة بواسطة التمسك بألياف الأشجار.
في مجمله «توم رايدر» من النوع الذي لا يؤذي، وحسناً فعل المخرج باستبعاد مشاهد خفة الظل والإضحاك التي تعمد إليها أفلام مغامرات أخرى واكتفى بسرد المغامرة بكل جدية.



شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز