تونس: «النداء» و«النهضة» يتفقان على تمديد عمل «الحقيقة والكرامة»

تأجيل النظر في قانون الجماعات المحلية المنظم للانتخابات البلدية

TT

تونس: «النداء» و«النهضة» يتفقان على تمديد عمل «الحقيقة والكرامة»

قال محمد بن صوف، المكلف الإعلام والاتصال في البرلمان التونسي، أمس إن المجلس راسل بصفة رسمية رئيس الجمهورية لإخباره بنتائج التصويت وقرار الجلسة العامة البرلمانية بعدم التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة، المكلفة بمسار العدالة الانتقالية، لمدة سنة إضافية. مؤكدا أن البرلمان حجب ثقته عن رئيسة الهيئة، ورفض مواصلتها العمل على رأس هذه الهيئة، وهو ما يفقدها الشرعية القانونية مع نهاية شهر مايو (أيار) المقبل عندما ينتهي عمل الهيئة بشكل رسمي.
في المقابل، قالت مصادر مقربة من حركة النهضة وحزب النداء، إن الحزبين القويين في المشهد السياسي التونسي اتفقا على مواصلة عمل العدالة الانتقالية، وتمكين هيئة الحقيقة والكرامة من العمل لسنة إضافية، حتى تتمكن من النظر في ملفات انتهاك حقوق الإنسان من 1955 إلى نهاية 2013، على أن يتم التخلي عن رئيستها سهام بن سدرين.
من جهة ثانية، تسبب غياب عدد كبير من نواب البرلمان، خاصة من حزبي نداء تونس (57 نائبا) وحركة مشروع تونس (26 نائبا)، في تأجيل المجلس مناقشة قانون الجماعات المحلية، المنظم للحكم المحلي، وتأجيل النظر في إحدى أهم ركائز إجراء الانتخابات البلدية، المنتظرة في السادس من مايو (أيار) المقبل.
فبعد انطلاق الجلسة العامة بنحو ساعة، أعلن عبد الفتاح مورو، نائب رئيس البرلمان، عن تأجيل الجلسة البرلمانية المخصصة للشروع في مناقشة قانون الجماعات المحلية، وبرر قراره بأسباب قانونية، تتمثل في عدم اكتمال النصاب القانوني لبدء الجلسة، وأخرى إجرائية، من بينها ضرورة التوافق حول النقاط الخلافية الكثيرة بين الأحزاب الممثلة في البرلمان، على حد تعبيره.
وأوضح غازي الشواشي، رئيس حزب التيار الديمقراطي المعارض، أن الكتلة البرلمانية الممثلة لنداء تونس، وكتلة «الحرة»، الممثلة لحركة مشروع تونس، كانتا من أبرز المتغيبين عن الجلسة البرلمانية، وهو ما تسبب في إلغائها إلى أجل غير محدد بسبب عدم اكتمال الانتصاب القانوني. وكشف في هذا السياق عن وجود أطراف سياسية «لا يناسبها إجراء الانتخابات البلدية في موعدها المحدد، خشية تغير الموازين بين القوى السياسيّة بعد إجراء هذا الاستحقاق الانتخابي»، على حد تعبيره.
وعرفت جلسات مناقشة هذا القانون، الذي تبلغ فصوله 362 فصلا، من طرف لجنة تنظيم شؤون الإدارة والقوات الحاملة للسلاح، خلافات حادة بين مختلف الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان. واعتمدت هذه اللجنة على طريقة «القفز على النقاط الخلافية»، والمصادقة على الفصول المتفق بشأنها. لكن الخلافات ما زالت متواصلة. وتقدم أعضاء البرلمان بما لا يقل عن 530 مقترحا لتعديل محتوى هذا القانون، وهو ما ينبئ بوجود خلافات عميقة تجاه الحكم المحلي. وفي هذا الشأن قال محمد الناصر جبيرة، رئيس هذه اللجنة البرلمانية، إن قانون الجماعات المحلية يعد بمثابة «دستور ثانٍ»، في تونس، على اعتبار أنه يرتكز على إعادة تقسيم السلطة في البلاد بين المركز والأقاليم.
وأوضح جبيرة أن قضية تفرّغ رؤساء المجالس المحلية(رؤساء البلديات)، وإسناد منح مالية لهم من ميزانية الجماعة المحلية، ما زالت تعد من بين أهم نقاط الخلاف التي لم تحسم بعد. وتمسكت أحزاب الائتلاف بمبدأ تطوع رؤساء البلديات، وعدم تحميل الحكومة مصاريف إضافية، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية، فيما دعت المعارضة إلى تحفيز رؤساء البلديات وضمان تفرغهم الكامل لهذا الهيكل الأساسي في نظام الحكم المحلي.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».