المليحة بوابة النظام إلى الغوطة الشرقية وممر المعارضة نحو وسط العاصمة السورية

تقع بمحاذاة إدارة الدفاع الجوي والمقاتلون العراقيون انسحبوا منها

المليحة بوابة النظام إلى الغوطة الشرقية وممر المعارضة نحو وسط العاصمة السورية
TT

المليحة بوابة النظام إلى الغوطة الشرقية وممر المعارضة نحو وسط العاصمة السورية

المليحة بوابة النظام إلى الغوطة الشرقية وممر المعارضة نحو وسط العاصمة السورية

تسعى قوات النظام السوري السيطرة على بلدة المليحة بريف دمشق، تمهيدا لإحكام قبضتها على كامل مناطق الغوطة الشرقية، وتأمين طريق مطار دمشق الدولي، في حين تجهد كتائب المعارضة للاحتفاظ بالبلدة، وجعلها ممرا للوصول إلى منطقة جرمانا الموالية للنظام، تمهيدا للوصول إلى وسط مدينة دمشق.
بلدة المليحة التي تفضل الغوطة الشرقية عن العاصمة دمشق شهدت تصعيدا عسكريا من قبل القوات النظامية، إذ وصل عدد الغارات التي نفذها الطيران الحربي على مناطق المليحة ومحيطها، أول من أمس، إلى 23، بحسب ما أفاد به «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، مشيرا إلى «سقوط تسعة صواريخ من نوع (أرض - أرض) على المنطقة ذاتها».
التصعيد النظامي جاء بعد حصار دام أكثر من شهرين لجميع منافذ البلدة التي تتحصن فيها كتائب المعارضة السورية، بهدف اقتحامها والسيطرة عليها، خصوصا أن المليحة تعد نقطة استراتيجية بالنسبة للنظام نظرا إلى قربها من العاصمة دمشق (خمسة كيلومترات)، ومحاذاتها أكثر المواقع النظامية أهمية لا سيما إدارة الدفاع الجوي، التي جرت مهاجمتها من قبل مقاتلي المعارضة أكثر من مرة.
وتخشى القوات النظامية من أن يؤدي احتفاظ المعارضة بمواقعها في المليحة، وتقدمها نحو المناطق المحيطة، إلى إعادة قطع طرق مطار دمشق الدولي، خصوصا أن البلدة تقع على الحد الفاصل بين جزأي الغوطة؛ الشمالي الواقع تحت سيطرة المعارضة، والجنوبي المحاذي للمطار الخاضع لسيطرة القوات النظامية.
وترجع مصادر ميدانية معارضة لـ«الشرق الأوسط» قدرة «قوات المعارضة في المليحة بالتصدي لمحاولات القوات النظامية اقتحامها، إلى وجود قيادة موحدة وغرفة عمليات محترفة، بخلاف قلة الخبرة التي كانت تغلب على تصرفات المجموعات في مناطق ومعارك أخرى، إضافة إلى استخدام الفصائل الموجودة على الأرض سلاح الدبابات للمرة الأولى في معارك الغوطة داخل المليحة»، بحسب المصادر التي تؤكد أيضا أن المعارضة استفادت «من البساتين المنتشرة بين شبعا والمليحة وبلدات أخرى، كساتر لخنادقها، ومنطلق لهجماتها أو كمائنها، ليلا، بينما كانت تنكفئ نهارا إلى خطوط المواجهة المتمترسة خلف الأبنية والكتل الإسمنتية».
وتعتبر المليحة ذات أهمية استراتيجية بالنسبة لمقاتلي المعارضة بوصفها بوابة دمشق. وتوضح المصادر أن «صمود كتائب المعارضة في المليحة سيساهم في إسقاط جرمانا القريبة منها، مما سيعزز فرص المعارضين في الدخول إلى دمشق، ومحاصرة أكثر الفروع النظامية قمعا في سوريا وهو «فرع فلسطين»، الواقع عند المتحلق الجنوبي.
من الناحية العسكرية، تشمل محاور الاشتباك حاليا في المليحة بين القوات النظامية وكتائب المعارضة، كلا من مجمع التاميكو الذي فجره مقاتلو المعارضة قبل فترة، دون أن يتمكنوا من التقدم نحو جرمانا، ومحور حاجز النور الحامي الأساسي لإدارة الدفاع الجوي، إضافة إلى أطراف البلدة الجنوبية الغربية القريبة من إدارة الدفاع الجوي، ومحور مزارع جرمانا «البساتين» غرب المليحة.
ويحاول مقاتلو المعارضة في البلدة استغلال النقص الذي برز على جبهة المليحة، بسبب انسحاب المقاتلين العراقيين، الذين يقاتلون إلى جانب النظام، بهدف التقدم والسيطرة على نقاط يتمركز بها الجيش النظامي.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أفاد بسحب القوات النظامية أعدادا من المسلحين الموالين لها من الجنسية العراقية من بلدة المليحة في محافظة ريف دمشق. لكن «الهيئة العامة للثورة السورية» أشارت إلى تسريبات نظامية تفيد باستقدام أكثر من 40 مدرعة بين دبابات وناقلات جنود ستتوزع على جميع محاور جبهة المليحة لمحاولة اقتحامها والسيطرة عليها.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.