ترقب وقلق في مدينة دوفر البريطانية الحدودية قبل أشهر من بريكست

مخاوف من اضطراب تجارة يصل حجمها إلى 174 مليار دولار سنوياً

دوفر صوتت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي بأكثر من 60 % (أ.ف.ب)
دوفر صوتت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي بأكثر من 60 % (أ.ف.ب)
TT

ترقب وقلق في مدينة دوفر البريطانية الحدودية قبل أشهر من بريكست

دوفر صوتت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي بأكثر من 60 % (أ.ف.ب)
دوفر صوتت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي بأكثر من 60 % (أ.ف.ب)

تترقب مدينة دوفر، التي تشكل بوابة العبور البريطانية إلى اوروبا عند المانش، الفرص التي سيتيحها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي رغم المخاطر الاقتصادية وصفوف الانتظار الطويلة التي يمكن ان تسببها إعادة فرض الرقابة على الحدود.
وتشكل دوفر، الواقعة على بعد 35 كيلومتر عن السواحل الفرنسية، معبرا إلى بريطانيا للكثير من العبّارات التي ترسو يوميا وتفرّغ حمولتها من شاحنات النقل والركاب. ومع بقاء عام واحد لخروج بريطانيا المرتقب من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس (آذار) 2019، تسري مخاوف من أن تعرقل الاجراءات البيروقراطية الجمركية الإضافية، حركة العبور من خلال هذا المنفذ إلى أوروبا، وفق تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
لكن التفاؤل لا يزال تغلب على المزاج العام في دوفر، حيث صوت 62 في المائة لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء العام 2016، وهو رقم أعلى بكثير من نسبة الأصوات على الصعيد الوطني التي بلغت 52 في المائة.
وقالت صوفيا كيرنز، التي انتقلت إلى بريطانيا من بولندا قبل 37 عاما، في إحدى ساحات البلدة الواقعة في جنوب شرق بريطانيا «كان التصويت لصالح الانسحاب القرار الصحيح». وأضافت «أقام الله الحدود لكل دولة وهكذا يجب أن تبقى الأمور»، كما قالت لوكالة الصحافة الفرنسية.
وخارج منزله، أكد مؤيد آخر لبريكست يدعى مايكل أوليري أنه واثق من أن أي تعطل في حركة التجارة التي تشكل عصب الحياة بالنسبة للمدينة سيكون مؤقتا فقط. وقال «أعتقد أنه على المدى البعيد، أي في غضون 50 عاما (...) سيكون تم حل جميع المشاكل وهي كلها سياسية»، معربا عن أمله في زيادة التجارة مع حلفاء بريطانيا غير المنضوين في الاتحاد الأوروبي، على غرار أستراليا ونيوزيلندا.
وأعربت بريطانيا عن رغبتها في الانسحاب من السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي، حيث وضعت حدا لحرية حركة مواطني الاتحاد الأوروبي إلى بريطانيا. وتشير تقديرات حكومية نشرت في وقت سابق هذا الشهر إلى أن حالة اقتصاد بريطانيا ستسوء في ظل السيناريوهات الثلاثة الأكثر احتمالا لمغادرتها التكتل.
وتشير التوقعات إلى أن قطاعات صناعة السيارات والتجزئة والمالية ستتأثر بشكل أكبر جرّاء زيادة في الرسوم والإجراءات البيروقراطية الجمركية. ويخشى مسؤولو الموانئ في دوفر من أن يؤدي ذلك إلى تعطل حركة ما يقارب من 10 آلاف شاحنة تعبر كل يوم، ويتسبب باضطراب أعمال تجارية تبلغ قيمتها 122 مليار جنيه استرليني (174 مليار دولار أو 140 مليار يورو) تمر عبر الميناء كل عام.
ويجري حاليا إتمام الاجراءات للشاحنات التي تعبر على متن عبارات بحر المانش من كاليه وغيره من الموانئ الأوروبية في دقيقتين.
وتقدر الهيئة المشرفة على ميناء دوفر أن حتى دقيقتين إضافيتين قد تتسببان بطوابير تمتد إلى أكثر من 27 كيلومتر. وقبل أكثر من 25 عاما، شهدت دوفر انطلاق السوق الأوروبية الموحدة في 1 يناير (كانون الثاني) 1993، وهو تاريخ يذكره جيدا الضابط السابق في الجمارك ديريك ليتش.
وقال الضابط البالغ من العمر 79 عاما «عبر سائقو أولى الشاحنات على أول عبارة بعد منتصف الليل. كانوا يرتدون سترات رسمية وشاحناتهم مزينة بالأضواء فيما أطلقوا زماميرهم. كانت لحظة مميزة». وفي مكان قريب، تظهر لوحة جدارية كبيرة، رسمها الفنان بانكسي، عاملا يزيل نجمة من علم الاتحاد الأوروبي، متسببا بتصدعات في الخلفية الزرقاء. وقال ليتش، وهو حاليا رئيس حركة «مجتمع دوفر» المحلية إنه كان «متوترا للغاية» بشأن الانفصال عن أوروبا. وأضاف «أعتقد أن الناس أصبحوا أكثر إدراكا للصعوبات ويأملون بأن أحدا ما في مكان ما سيتمكن من حلها».
وأوضحت هانا كرونك، التي صوتت لأجل البقاء في الاتحاد الأوروبي، أن العديد من اصدقائها صوتوا لصالح الانسحاب لكنهم ندموا الآن على خيارهم. وقالت «اعتقدوا أن ذلك سيعني أنه لن يتم السماح للناس بالدخول وأن ذلك سيوفر لهم فرص عمل أكثر. لكن الأمر لم يتغير».
من جهته، أعرب رئيس «فريق بلدة دوفر» لملاك الأعمال التجارية المحليين جون انغيل (62 عاما) عن قلقه بشأن عدم حدوث تقدم أسرع في محادثات بريكست. وقال «من وجهة نظر تجارية، نفضل دائما التخطيط مسبقا، لكن هناك الكثير من الضبابية حاليا بشأن ما سيحصل في المستقبل».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».