موسكو تتهم واشنطن بإشعال «حرب دبلوماسية»

لافروف: الابتزاز أداة أميركا على الساحة الدولية سواء أكان مع سكريبال أم فلسطين

الحرب الدبلوماسية تضيق الخناق على بوتين (أ.ب)
الحرب الدبلوماسية تضيق الخناق على بوتين (أ.ب)
TT

موسكو تتهم واشنطن بإشعال «حرب دبلوماسية»

الحرب الدبلوماسية تضيق الخناق على بوتين (أ.ب)
الحرب الدبلوماسية تضيق الخناق على بوتين (أ.ب)

صعدت موسكو لهجتها ضد الولايات المتحدة، وحملتها المسؤولية عن الحملة الغربية الواسعة لطرد الدبلوماسيين الروس، بالتزامن مع الاستعداد لإعلان لوائح بالدبلوماسيين الغربيين الذين سيتم طردهم من روسيا ردا على القرارات الغربية. وقال وزير الخارجية سيرغي لافروف إن واشنطن مارست «ابتزازا وقحا» لحمل بلدان مختلفة على الانضمام إلى الحملة. واعتبرت أوساط سياسية أن روسيا تواجه «حربا دبلوماسية» غير مسبوقة، فيما دخل حلف شمال الأطلسي أمس على الخط وأعلن طرد عشرة دبلوماسيين من البعثة الروسية لديه.
ورغم أن «الحرب الدبلوماسية» كما باتت تعرف في وسائل الإعلام الروسية، انطلقت لتأييد الموقف البريطاني؛ لكن الهجوم الروسي انصب بالدرجة الأولى على واشنطن، التي رأى لافروف أنها تقف وراء الحملة الواسعة ضد بلاده. وأكد الوزير الروسي أن موسكو سترد على طرد دبلوماسييها. مشددا على أن «لا أحد يتحمل وقاحة واشنطن وابتزازها المتواصل». وزاد أن الابتزاز «هو الأداة الرئيسية لواشنطن في الساحة الدولية، سواء أكان هذا الوضع متعلقا بقضية سكريبال، أم بالنسبة لمشكلات إقليمية مثل المشكلة الفلسطينية. وعندما يقول الأميركيون مباشرة للفلسطينيين: (لن نمنحكم المال حتى توافقوا على تلك الفكرة التي لم نضعها بعد)، فهذا لا يمكن وصفه إلا بكلمة ابتزاز».
واعتبر الوزير لافروف أن قرار عدد من الدول الغربية بشأن طرد دبلوماسيين روس، جاء نتيجة «ضغوط هائلة مارستها الولايات المتحدة على حلفائها». وأوضح: «عندما يطلبون منا مغادرة هذا البلد أو ذاك، فنحن نعرف على وجه اليقين أن ذلك نتيجة للضغوط الهائلة، والابتزاز الذي يعتبر الأداة الرئيسية لواشنطن في الساحة الدولية».
في الأثناء، اعتبر سفير روسيا لدى واشنطن أناتولي أنطونوف أن التبريرات الأميركية التي تم على أساسها إغلاق القنصلية الروسية في سياتل، تكشف أن «قضية سكريبال» مجرد ذريعة لطرد الدبلوماسيين الروس. وقال إن «الإدارة الأميركية أكدت بكل صراحة، أن إغلاق القنصلية العامة لروسيا جاء بسبب قربها من قاعدة الغواصات، ومصنع حربي لشركة (بوينغ)»، وتساءل: «ما علاقة قضية العميل البريطاني سكريبال وابنته بغلق القنصلية الروسية؟».
ورأى الدبلوماسي الروسي أن واشنطن تحاول تسوية مشكلاتها الداخلية عبر «شيطنة روسيا»، وزاد أن «المشكلات الداخلية التي تحاول واشنطن ولندن صرف الانتباه عنها بذريعة التهديد الروسي لن تختفي. خصومنا بكل بساطة لا يحبذون رؤية روسيا القوية التي أظهرت قدراتها للعالم». ورغم اللهجة الحادة تجاه واشنطن، قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، إن موسكو «مستعدة للعمل البناء مع واشنطن»؛ لكنه استدرك بأن «قرارها بطرد الدبلوماسيين الروس لن يبقى من دون رد صارم». وزاد أن «واشنطن مرة أخرى تعتمد اتهامات كاذبة ضد روسيا، تهدد وتحاول قلب الحقائق رأسا على عقب».
ودعا ريابكوف لندن إلى «دراسة المواد والوثائق التي أصدرتها الخارجية الروسية بشكل مهني، بدلا من إصدار تصريحات على الإنترنت عن موقف روسيا من قضية سكريبال، ومواصلة تضليل المجتمع الدولي». وأضاف ريابكوف أن «الشخصيات الرسمية البريطانية تواصل إطلاق اتهامات لا أساس لها»، مضيفا: «أدعو زملاءنا في لندن الذين يتباهون دائما بأنهم دقيقون في تصريحاتهم ألا يعتمدوا على أقوال أي شخص، فقط لأنه يحمل جواز سفر روسيا، على أن تصريحه يمثل وجهة نظر موسكو الرسمية»، في إشارة هي الأولى لمسؤول روسي إلى احتمال أن تكون لندن اعتمدت في موقفها على شهادات أشخاص أدانوا روسيا في قضية سكريبال.
في غضون ذلك، أعلنت الخارجية الروسية أن موسكو «سترد بلا شك على قرار الناتو خفض عدد موظفي البعثة الروسية لدى الحلف».
ونقلت وسائل إعلام روسية عن مصدر دبلوماسي، أن الرد «سيأتي بعد استكمال دراسة الموقف». مشيرا إلى أن هذه الخطوة «تقلص بشكل ملحوظ فرص بدء الحوار (بين روسيا والحلف) في ظل الوضع الأمني الراهن المتأزم في أوروبا».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».