«كتائب القلمون» تشترط الإفراج عن ألف معتقلة لإطلاق راهبات معلولا

فابيوس يعد رئيس «حكومة المعارضة السورية» بالدعم

وزير الخارجية الفرنسي يتحدث لرئيس حكومة المعارضة السورية بباريس أمس (رويترز)
وزير الخارجية الفرنسي يتحدث لرئيس حكومة المعارضة السورية بباريس أمس (رويترز)
TT

«كتائب القلمون» تشترط الإفراج عن ألف معتقلة لإطلاق راهبات معلولا

وزير الخارجية الفرنسي يتحدث لرئيس حكومة المعارضة السورية بباريس أمس (رويترز)
وزير الخارجية الفرنسي يتحدث لرئيس حكومة المعارضة السورية بباريس أمس (رويترز)

في أول زيارة رسمية له لفرنسا بعد تشكيل حكومة المعارضة في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حظي الدكتور أحمد طعمة بدعم ومساندة فرنسا التي أجرى فيها أمس مجموعة لقاءات شملت وزير الخارجية لوران فابيوس ومستشارين في قصر الإليزيه ومسؤولين وسياسيين آخرين.
واغتنم الوزير الفرنسي المناسبة، وفق بيان صادر عن وزارته عقب الاجتماع، لتأكيد أهمية مؤتمر «جنيف 2»، المرتقب عقده في 22 يناير (كانون الثاني) المقبل، وفهم فرنسا له، بينما تتعاقب تصريحات مسؤولي النظام السوري التي تتناقض تماما مع الغرض الأساسي من المؤتمر وهو قيام سلطة انتقالية تعود إليها الصلاحيات التنفيذية كافة وتؤكد أن هذه العملية ستجرى تحت إشراف الرئيس بشار الأسد. وتشدد باريس على أن «لا دور للأسد» في مستقبل سوريا ولا في قيادة المرحلة الانتقالية. وجاء في بيان الخارجية أنه ينتظر من مؤتمر «جنيف 2» أن «يطلق العملية الانتقالية التي يجب أن تلبي تطلعات الشعب السوري الديمقراطية وأن تحترم حقوق الإنسان». وأعرب فابيوس عن ارتياحه لالتزام رئيس الحكومة المؤقتة هذا الخط مع تأكيد الحاجة لتحسين الظروف الإنسانية الشاقة التي تعانيها الكثير من المناطق السورية خصوصا المحاصرة منها، وذلك استجابة لبيان مجلس الأمن الصادر في 2 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وأعرب فابيوس عن استعداد بلاده لمساعدة الحكومة المؤقتة على تحقيق أولوياتها، ومنها إقامة الإدارة المحلية، والخدمات الأساسية وتحديدا في قطاع الطاقة والصحة والمياه والأمن الغذائي والإدارة التي تعد استكمالا لما كانت قد بدأته فرنسا في مساعدة المجالس المحلية في إدارة المناطق الخارجة عن سيطرة النظام. وقررت باريس الالتحاق بالصندوق المشترك الذي تشرف عليه ألمانيا والإمارات العربية المتحدة الخاص بإعادة البناء في إطار مجموعة أصدقاء الشعب السوري. ونوه فابيوس كذلك بسعي الحكومة المؤقتة لإعادة بناء وتشكيل الجيش السوري الحر وإعادة خدمات الشرطة في المناطق المحررة من أجل توفير الأمن للمواطنين.
بيد أن باريس تنظر بعين الشك إلى التئام مؤتمر «جنيف 2»، الأمر الذي عكسته تصريحات مندوب فرنسا الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير جيرار أرو، الذي عبر علنا، قبل ثلاثة أيام، عن شكوكه فيما قد يصدر عن المؤتمر المذكور إذا ما بقيت المواقف السورية الرسمية على حالها، لا بل إنه ذهب إلى نصح المعارضة السورية بعدم التوجه إلى جنيف «لأن لا فائدة من ورائها»، كما قال. وعدت مصادر فرنسية إصرار الأسد على البقاء في السلطة ثم رغبته في الإشراف على الانتخابات التي من المفترض بها أن تحصل لاحقا في سوريا وحرصه على الترشح لها - من شأنه «أن ينسف العملية الانتخابية لأنها ستعيد إيصال الأسد إلى السلطة»، مما يعني استمرار الحرب وانعدام الجدوى من المؤتمر.
وحتى تاريخه، لم تعط روسيا أي وعد صريح بضمانها أن يمتنع الأسد عن الترشح لولاية جديدة مقابل تخلي الغربيين عن المطالبة برحيل الأسد في بدء العملية الانتقالية وقبولهم الضمني البقاء في منصبه شرط نقل السلطات إلى الحكومة التي ستنبثق عن «جنيف 2».
ونقلت مصادر دبلوماسية أوروبية لـ«الشرق الأوسط» مخاوف من «نصيحة روسية» للأسد بأن يستخدم إحدى فقرات الدستور السوري التي تمكنه من تأجيل الانتخابات الرئاسية بحجة الظروف القاهرة لمدة سنتين، مما يعني عودة نغمة القضاء على المعارضة عسكريا بعدما ضمن له الاتفاق الأميركي - الروسي على تدمير ترسانته الكيماوية البقاء في منصبه حتى الصيف المقبل.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.