الإخوة لاريجاني... أرخبيل السلطة والنفوذ

محمد جواد لاريجاني - علي لاريجاني - محمد باقر لاريجاني
محمد جواد لاريجاني - علي لاريجاني - محمد باقر لاريجاني
TT

الإخوة لاريجاني... أرخبيل السلطة والنفوذ

محمد جواد لاريجاني - علي لاريجاني - محمد باقر لاريجاني
محمد جواد لاريجاني - علي لاريجاني - محمد باقر لاريجاني

«الإخوة لاريجاني» نموذج بارز للأُسر الحكومية في إيران. أُسَرٌ تعوَّد عليها المجتمع الإيراني منذ تشكيل الدولة الحديثة في إيران إلى اليوم؛ وهي أسرة نجد لها تمدداً واسعاً في كلٍّ من السياسة والاقتصاد والأمن والشريعة.
الأسرة تنحدر من منطقة لاريجان بشمال إيران، التي تُعرف بمفارقة كبيرة هي «غزارة إنتاجها» رجال الدين والشيوعيين في الوقت ذاته.
ميرزا هاشم آملي من مراجع الدين الشيعة، وكان مرجعاً متنفذاً في حوزة النجف بالعراق. وهناك أنجب 4 من أصل 6 من أبنائه؛ هم بنت و3 أولاد ذكور؛ قبل أن يستقر في حوزة قُم في منتصف الستينات من القرن العشرين وهناك رُزق بولدين آخرين. وتزامن استقرار المرجع الآملي في قُم مع بداية نشاط الخميني ضد النظام الملكي. وبما أنه كان ينحدر من تراث النجف، فقد اتخذ موقفاً محايداً بل أقرب إلى السلبي من حركة آية الله روح الله الخميني ودعوته إلى الثورة، ومن نظرية ولاية الفقيه. وتشهد وثائق «السافاك» (منظمة الاستخبارات الملكية الإيرانية) بذلك.
البنت الوحيدة للميرزا هاشم تزوّجت من محقق داماد الذي كان يشغل في زمن الخميني منصب مدير منظمة التفتيش الإيرانية. أما كبير أبنائه محمد جواد، البالغ من العمر 66 سنة، فيُعرف بأنه من منظّري التيار المحافظ في مجال السياسة الخارجية. ولقد شغل منصب مساعد وزير الخارجية، وكان نائباً في البرلمان طوال 12 سنة، قبل أن ينتقل إلى سلطة القضاء ليصبح مساعد رئيس السلطة ورئيس اللجنة الإيرانية لحقوق الإنسان.
الابن الثاني، لعله أشهر الأبناء. إنه علي لاريجاني، الذي يشغل منصب رئيس البرلمان منذ 10 سنوات، وكان قد بدأ عمله من الحرس الثوري، حيث كان نائب قائد أركان الحرس في بداية التسعينات، أي حين كان في الـ32 من عمره. بعدها انتقل إلى السلك الثقافي في خطوة لا يزال البعض يراها مشروعاً للحرس الثوري لصنع رجل سياسة مثالي. في سن الخامسة والثلاثين أصبح وزيراً للثقافة خلفاً لمحمد خاتمي الذي كان قد استقال من منصبه نتيجة ضغوط الحرس الثوري. وبعدها عيّنه المرشد رئيساً لهيئة الإذاعة والتلفزيون ليُظهر ثقته به فيظل هناك 10 سنوات. ثم أصبح ممثل المرشد في «مجلس الأمن القومي» وأميناً للمجلس. وبعد تفجّر الخلافات مع أحمدي نجاد (وكان منافسه في الرئاسيات) حول الملف النووي اتجه علي نحو البرلمان ليصبح نائباً، ثم يرأس البرلمان الإيراني لفترة تجاوزت 10 سنين ميّزتها محاولة حفظ التوازن بين القوى، والظهور بمظهر السياسي التقليدي العاقل. وحالياً يعد أبرز من تُتداول أسماؤهم لخلافة حسن روحاني. ومن المرجح أن يكون مرشح تيار الرئيس الحالي لانتخابات الرئاسة بعد 3 سنوات ونصف السنة.
الابن الثالث هو صادق، رئيس القضاء. أما الابن الرابع فهو محمد باقر لاريجاني الذي دخل مجال الطب وابتعد عن مجال السياسة. ومن هناك أصبح مساعداً لوزير الصحة، ونائباً لرئيس الجامعة الحرة، ورئيساً لكلية إيران الطبية.
وأما الابن الأصغر والأخير فاضل لاريجاني، فيشغل الآن منصب رئيس الجامعة الحرة لإحدى المحافظات الشمالية. وهو يُعرف بنشاطه الاقتصادي المثير للجدل. يقول منتقدوه إنه أصبح في فترة من الفترات «كعب أخيل» العائلة، وذلك حين قام أحمدي نجاد بنشر مقطع فيديو يُظهره يأتي إلى مكتب أحد مديري الحكومة طالباً منه مبالغ كبيرة من المال مقابل تسهيل أموره في القضاء وفي التجارة. وبهذه الخطوة فتح أحمدي نجاد على نفسه أبواب الجحيم.
وباختصار، ما يعزز حضور هذه الأسرة كإحدى أكثر أسر إيران نفوذاً، ما يلي:
- أرخبيل من العلاقات داخل الشبكة السياسية الإيرانية. فكل الإخوة متزوجون من مراجع تقليد أو من كبار العوائل السياسية، ما يفتح أمامهم شبكة من العلاقات السياسية الواسعة. إضافة إلى أن ذلك يعني التزامهم بتقليد سياسي للحفاظ على السلطة داخل الأسرة.
- انتماء سياسي موحّد؛ ذلك أن كل أبناء الميرزا هاشم ينتمون إلى التيار المحافظ، ويعمل كل منهم على تقوية إخوته. ثم إن الأسرة تتمتع بعلاقات ثقة مع مؤسسة المرشد ومع الحرس الثوري ومع الحوزات العلمية. هذا كله يجعل منهم نموذجاً للأسرة النموذجية في نظام رجال الدين.
مقابل، ذلك، الأسرة في النهاية انعكاس واضح لنظام السلطة في إيران. إنه نظام مغلق لا يسمح لعامة الشعب بالدخول إلى أروقته، وتجري التعاملات والتبادلات داخل جدرانه لا أكثر. وإلى جانب ذلك، فإنها تماماً كنظام رجال الدين تفتقر إلى الشعبية. صحيح أن النظام مدعوم من جانب شبكة واسعة من المراجع ومنظومة الحوزات العلمية لكنه لا يتمتع بشعبية. هذا ينطبق أيضاً على الأسرة، فهي تتمتع بشبكة دعم واسعة داخل الحرس الثوري والحوزات الدينية، لكن لا مكانة لها في الشارع، بل يقال إن شعبيتها متدنية جداً. النموذج الواضح لذلك علي لاريجاني، الذي حين خاض الانتخابات الرئاسية احتل المرتبة السابعة من أصل 8 مرشحين، حاصلاً على نحو 5 في المائة فقط من الأصوات.



تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»