تباين في المواقف داخل الحكومة الروسية بشأن نسبة ضريبة الدخل

تسعى إلى تنفيذ توصيات بوتين الاقتصادية بأسرع وقت

تباين في المواقف داخل الحكومة الروسية بشأن نسبة ضريبة الدخل
TT

تباين في المواقف داخل الحكومة الروسية بشأن نسبة ضريبة الدخل

تباين في المواقف داخل الحكومة الروسية بشأن نسبة ضريبة الدخل

في حين تؤكد وزارة المالية الروسية تمسكها بموقفها الرافض لزيادة ضريبة الدخل، لم يستبعد أركادي دفوركوفيتش، نائب رئيس الحكومة الروسية، إمكانية إقرار زيادة على ضريبة الدخل، ودعا إلى التعامل بحذر في موضوع التعديلات على المنظومة الضريبية في روسيا.
ومن جانبه، قال دميتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الكرملين، إن هذه المسألة يجري بحثها، ولم يُتخذ أي قرار بهذا الخصوص بعد. وثار الجدل حول ضريبة الدخل على خلفية تقرير نشرته صحيفة «فيدوموستي» الروسية، قالت فيه إن الحكومة الروسية، خلال أول اجتماع لها بعد فوز فلاديمير بوتين بولاية رئاسية رابعة، بحثت تعديل المنظومة الضريبية.
وأشارت الصحيفة، نقلاً عن مصدرين مطلعين على سير الاجتماع، إلى أن الحكومة بحثت اقتراح رفع ضريبة الدخل من 13 إلى 15 في المائة.
ويأتي تحرك الحكومة الروسية في مجال تعديل السياسة الضريبية تنفيذاً لتوصيات عرضها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مطلع مارس (آذار) الحالي، في رسالته السنوية إلى مجلس الاتحاد، وجاء فيها أنه يتعين على الحكومة الجديدة صياغة ظروف ضريبية جديدة بأسرع ما يمكن.
وحدد بوتين الأطر العامة لتلك «الظروف الضريبية»، حين شدد على ضرورة أن تضمن تدفق دخل يعوض الدولة عن النفقات في الميزانية على المستويين الفيدرالي والمحلي، وأن تساهم في الوقت ذاته في تحفيز النمو الاقتصادي.
وفي سياق متابعته لخطوات الحكومة في هذا المجال، استمع الرئيس الروسي، أمس، إلى عرض من وزير المالية أنظون سيلوانوف، أكد أن الوزارة ستقدم قريباً اقتراحاتها ورؤيتها حول كيفية تنفيذ التوصيات الرئاسية. وأوضح الوزير أن «ما نتحدث عنه هو أن العبء الضريبي لن يزيد، وسنعمل تحديداً من وجهة نظر تحسين جباية الضرائب».
ويعارض سيلوانوف زيادة ضريبة الدخل، وقد عبر عن هذا الموقف بوضوح في تصريحات في مطلع مارس الحالي، بعد رسالة بوتين إلى مجلس الاتحاد، وقال الوزير حينها إن الوزارة تأمل في إقرار تعديلات على المنظومة الضريبية خلال الدورة الربيعية للبرلمان الروسي، مؤكداً في الوقت ذاته عدم وجود خطة لتعديل نسبة ضريبة الدخل، مضيفاً: «نحن، وزارة المالية، لا نخطط لتغيير على هذه الضريبة». كما عبر عن قناعته بأنه على الحكومة أن توزع الميزانية، وأن تعيد توجيه المنظومة الضريبية، مع أخذ الأولويات الجديدة، التي عبر عنها بوتين، في الحسبان، وهي: تطوير رأس المال البشري، وتطوير الرعاية الصحية، والتعليم والبنى التحتية، حسب قوله.
إلا أن أركادي دفوركوفيتش، نائب رئيس الحكومة الروسية، له موقف مغاير في موضوع ضريبة الدخل. ففي تعليقه أمس على ما جاء في صحيفة «فيدوموستي»، قال إن الاقتراحات حول السياسية الضريبية يجري بحثها منذ وقت بعيد، لافتاً إلى أن هذه المقترحات تشمل رفع سقف الحد الأدنى لقيمة المبالغ التي تفرض عليها ضريبة الدخل، وعبر عن قناعته بأنه «لا شيء رهيب في زيادة الضريبة حتى 15 في المائة».
وأضاف: «لقد عشنا مع ضريبة بنسبة 13 في المائة لفترة طويلة من الزمن، وإذا كانت نسبة 2 في المائة إضافية ستذهب على سبيل المثال لتمويل الرعاية الصحية، فهذا أمر جيد»، وحذر من أن «الإفراط» في رفع الضرائب سيدفع الناس إلى التهرب من سدادها، موضحاً أن الزيادة التي يدور الحديث عنها ليست كبيرة لدرجة أنها ستدفع الناس للتهرب، ودعا مع ذلك إلى ضرورة «حساب الأمر بدقة وحذر قبل اتخاذ القرار واعتماده على شكل قانون فيدرالي». وأشار في الختام إلى أن القرار النهائي بهذا الخصوص يتخذه الرئيس الروسي.
ويرى الخبير الاقتصادي، دميتري كوليكوف، من وكالة «آكرا» الروسية للتصنيف الائتماني، أن «زيادة ضريبة الدخل بقدر 2 في المائة، ستساعد على نمو الدخل بنحو 0.3 - 0.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي».
وتوفر الضرائب المختلفة في روسيا ما يزيد على 30 في المائة من إجمالي دخل الميزانية. أما ضريبة الدخل المستقلة، وقيمتها حالياً 13 في المائة، فقد وفرت للميزانية عام 2015 دخلاً يعادل 10.4 في المائة من إجمالي دخل الميزانية. وفي عام 2016، ارتفعت حصتها حتى 10.9 في المائة.
وحذر خبراء اقتصاديون من تداعيات إقرار زيادة ضريبة الدخل. وقال أنطون تاباخ، الخبير من وكالة «إكسبرت را»، إن زيادة ضريبة الدخل حتى 15 في المائة ستشكل ضربة للطبقة المتوسطة. أما أناتولي أسكاكوف، رئيس لجنة مجلس الدوما لسوق المال، فقد رفض زيادة الضريبة للجميع، ودعا إلى تحديد قيمة الضريبة بناء على الحد الأدنى لدخل كل فئة، وعبر عن قناعته بضرورة إبقاء ضريبة الدخل عند 13 في المائة للمواطنين الذين لا يزيد دخلهم السنوي على 3 ملايين روبل، وزيادتها حتى 17 في المائة لمن يزيد دخلهم على هذا المبلغ، وحتى 20 في المائة لأعضاء الحكومة الذي يحصلون على رواتب شهرية مرتفعة.



مسح «بنك إنجلترا»: الشركات البريطانية تتوقع زيادة الأسعار وتقليص العمالة

نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
TT

مسح «بنك إنجلترا»: الشركات البريطانية تتوقع زيادة الأسعار وتقليص العمالة

نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)

أظهر مسحٌ أجراه «بنك إنجلترا»، يوم الخميس، على أكثر من ألفَي شركة، أن الشركات البريطانية تتوقَّع رفعَ الأسعار وتقليص أعداد الموظفين رداً على زيادة مساهمات أصحاب العمل في الضمان الاجتماعي التي ستدخل حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) المقبل.

وأشارت النتائج إلى أن 61 في المائة من الشركات تتوقَّع انخفاضاً في الأرباح، و54 في المائة تخطِّط لزيادة الأسعار، و53 في المائة تتوقَّع تقليص العمالة، في حين تعتزم 39 في المائة منها تقليص زيادات الأجور؛ نتيجة لزيادة التأمين الوطني، التي تم إعلانها في موازنة 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقد أظهرت استطلاعات أخرى انخفاضاً في معنويات الأعمال وتراجعاً في نوايا التوظيف والاستثمار، منذ إعلان وزيرة المالية، راشيل ريفز، زيادة قدرها 25 مليار جنيه إسترليني (31 مليار دولار) في ضرائب الرواتب. وقد أسهم تباطؤ الاقتصاد في إثارة القلق في الأسواق المالية بشأن مستويات الدين العام في المملكة المتحدة، مما دفع تكاليف الاقتراض إلى الارتفاع بشكل حاد هذا الأسبوع. كما أظهرت أرقام منفصلة، يوم الخميس، من «جمعية وكالات التوظيف» انخفاضاً في الطلب على الموظفين الجدد، وهو الانخفاض الأكبر منذ أغسطس (آب) 2020.

ومن جانبه، يراقب «بنك إنجلترا» - الذي يدرس احتمالية خفض أسعار الفائدة مجدداً - تأثير تكاليف التوظيف المرتفعة على التضخم من خلال زيادة الأسعار أو تقليص الوظائف، وانخفاض الاستثمار، ونمو الأجور، مما قد يبطئ من النشاط الاقتصادي.

وعلق روب وود، كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة في «بانثيون ماكرو إيكونوميكس»، قائلاً إن مسح بنك إنجلترا يشير إلى أن الزيادات الضريبية تؤدي إلى دفع الأسعار للأعلى بشكل أكبر، بينما التأثير في التباطؤ أقل مما أظهرته استطلاعات مؤشر مديري المشتريات.

وأضاف: «لا تزال الأسئلة الأساسية للمسح تشير إلى تضخم مستمر وزيادة في الأجور، مع ضعف أقل حدة في سوق العمل مقارنة بالمسوحات النوعية، وهو ما يستدعي أن تتبنى لجنة السياسة النقدية خفض أسعار الفائدة بشكل تدريجي فقط».

وارتفع تضخم أسعار المستهلكين البريطاني إلى أعلى مستوى له في 8 أشهر ليصل إلى 2.6 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، مع توقعات من «بنك إنجلترا» بأن التضخم سيواصل الارتفاع في 2025، ولن يعود إلى هدفه البالغ 2 في المائة حتى عام 2027، مما يحد من احتمالية خفض أسعار الفائدة عن مستواها الحالي، البالغ 4.75 في المائة.

وأظهر مسح «بنك إنجلترا»، الذي أُجري بين 6 و20 ديسمبر (كانون الأول)، أن الشركات تخطط لرفع الأسعار بنسبة 3.8 في المائة على مدار الأشهر الـ12 المقبلة، بزيادة قدرها 0.1 نقطة مئوية عن التوقعات في الأشهر الثلاثة حتى نوفمبر. وظل نمو الأجور المتوقع للعام المقبل ثابتاً عند 4 في المائة على أساس المتوسط المتحرك لثلاثة أشهر في ديسمبر.

على صعيد آخر، هبطت أسهم شركة «ماركس آند سبنسر» البريطانية وبعض شركات التجزئة الأخرى يوم الخميس، حيث فقد القطاع مليارَي جنيه إسترليني (2.45 مليار دولار) من قيمته، مع تأثر التجارة الجيدة خلال موسم عيد الميلاد بتراجع ثقة المستهلك والضعف الاقتصادي.

ويستعد تجار التجزئة، الذين يواجهون أصلاً ضعفاً في معنويات المستهلكين، لتكاليف أعلى اعتباراً من أبريل المقبل، حيث من المتوقع أن ترتفع ضرائب أرباب العمل والحد الأدنى للأجور. كما ألقت قفزة في تكاليف اقتراض الحكومة البريطانية في الأيام الأخيرة بظلال من القلق على التوقعات الاقتصادية، مما ضاعف الضغوط على المالية العامة، ودفع المحللين إلى التحذير من احتمال الحاجة إلى زيادات ضريبية إضافية. ومع التوقعات بارتفاع التضخم، يتوقَّع تجار التجزئة عاماً صعباً.

وقال ستيوارت ماشين، الرئيس التنفيذي لشركة «ماركس آند سبنسر»، للصحافيين بعد إعلان تحقيق الشركة أعلى مبيعات للأغذية خلال موسم عيد الميلاد: «هناك ثقة حذرة من جانب العملاء». وعلى الرغم من النمو الأعلى من المتوقع بنسبة 8.9 في المائة في مبيعات المواد الغذائية و1.9 في المائة في مبيعات الملابس والمستلزمات المنزلية، فإن أسهم الشركة تراجعت بنسبة 6.5 في المائة. في المقابل، سجَّلت «تيسكو»، أكبر مجموعة سوبر ماركت في البلاد، زيادة في مبيعاتها بنسبة 4.1 في المائة، لكن أسهمها انخفضت بنسبة 1.3 في المائة.

وقال مات بريتزمان، محلل الأسهم في «هارغريفز لانسداون»: «لن يكون العام المقبل سلساً تماماً لشركات التجزئة الكبرى، حيث يستعد القطاع لمواجهة الزيادات الضريبية الوشيكة».

وبينما ساعدت مبيعات المواد الغذائية المزدهرة على دعم أداء «ماركس آند سبنسر» و«تيسكو»، إلا أن فئات أخرى شهدت تراجعاً. فقد تباطأ نمو شركة «غريغز» المتخصصة في الأطعمة السريعة في الأشهر الأخيرة من عام 2024، بينما سجَّلت شركة «بي آند إم» للتخفيضات انخفاضاً في المبيعات بنسبة 2.8 في المائة؛ مما أدى إلى انخفاض أسهمها بنسبتَي 10 في المائة و12 في المائة على التوالي.

وفي الوقت الذي شهدت فيه شركات التجزئة تراجعاً، ارتفع مؤشر الأسهم القيادية البريطانية الذي يركز على الأسواق العالمية بنسبة 0.5 في المائة.

وتستمر التحديات، إذ تقول الرئيسة التنفيذية لشركة «غريغز»، رويسين كوري، إن المستهلكين أصبحوا أكثر حذراً بشأن الإنفاق. وأضافت أن «النصف الثاني من عام 2024 كان مليئاً بالتحديات، وأعتقد أننا يجب أن نفترض أن هذا الأمر سيستمر حتى عام 2025».

وعلى الرغم من أن شركة «غريغز» قد حققت أداءً جيداً في السنوات الأخيرة، فإن نمو مبيعاتها الأساسي انخفض إلى 2.5 في المائة في الرُّبع الأخير من عام 2024، مقارنة بـ5 في المائة في الفترة السابقة.

من جانبها، حذَّرت أكبر شركة لتجارة الملابس في المملكة المتحدة من حيث القيمة السوقية، يوم الثلاثاء، من أن نمو المبيعات سيتباطأ في عام 205 - 2026؛ نتيجة لتأثير زيادة الضرائب الحكومية على مستويات التوظيف ورفع الأسعار.

وفيما يخص «تيسكو»، أظهر كين مورفي، رئيس الشركة، تفاؤلاً ملحوظاً. وأوضح أنه على الرغم من أن المستهلكين الذين «احتفلوا فعلاً بعيد الميلاد» سيكونون أكثر حرصاً على القيمة في يناير (كانون الثاني)، فإن هذه الظاهرة تُعدّ سمة تقليدية دائماً في بداية العام.