«داعش» يخلط أوراق الفصائل المسلحة في العراق

التنظيم رأس الحربة في عملية تضم البعثيين وعناصر الجيش السابق وعشائر

«داعش» يخلط أوراق الفصائل المسلحة في العراق
TT

«داعش» يخلط أوراق الفصائل المسلحة في العراق

«داعش» يخلط أوراق الفصائل المسلحة في العراق

جاء اعتراف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بأن ما حصل في الموصل «نكبة»، ولكنه ليس «هزيمة»، بمثابة محاولة، حتى وإن بدت متأخرة بالنسبة لطيف واسع من السياسيين والفعاليات الاجتماعية والأكاديمية والعشائرية في العراق، لإعادة النظر في السياسة التي جرى اتباعها من قبل الحكومة العراقية منذ عام 2003. تلك السياسة التي لم تنهض على أسس حقيقية من المصالحة الوطنية وأدت إلى تفجر الأوضاع في المناطق والمحافظات الغربية من العراق.
صحيح أن الفصائل التي تشكلت على أساس قاعدة المقاومة للاحتلال الأميركي، مثل «الجيش الإسلامي»، و«كتائب ثورة العشرين»، و«جيش المجاهدين»، و«جيش محمد»، و«جيش رجال الطريقة النقشبندية»، و«المقاومة الإسلامية»، وجدت نفسها تقاتل في جبهة واحدة مع تنظيم القاعدة بزعامة أبو مصعب الزرقاوي (قتل عام 2006) ومن ثم أبو عمر البغدادي وأبو حمزة المصري (قتلا عام 2011)، إلا أنها دائما تحاول تمييز نفسها عن تنظيم القاعدة بوصفها لديها مطالب يمكن التفاهم عليها.
الحكومة العراقية، رغم تبنيها مسألة المصالحة الوطنية وتخصيصها لها حقيبة وزارية (حكومة المالكي الأولى 2006 - 2010) ومن ثم تحولت إلى مستشارية للمصالحة في الحكومة الحالية، فإن المشكلة الأساسية التي تواجهها هي أنه في الحالتين كان هناك خلط في الأوراق والمفاهيم بين الإرهاب والتمرد. وفي هذا السياق، يقول خبير عسكري عراقي يحمل رتبة لواء ركن في الجيش العراقي السابق في حديث لـ«الشرق الأوسط» طالبا عدم الإشارة إلى اسمه إن «النكبة التي حصلت أخيرا، التي تمثلت بقدرة (داعش) ومن معها على احتلال الموصل وصلاح الدين ومناطق واسعة أخرى من البلاد لم تكن صدفة على الإطلاق، إلا من حيث التوقيت وعدم قدرة الجيش على المقاومة».
ويضيف الخبير العسكري: «إننا لا نريد العودة كثيرا إلى الوراء، لا سيما المرحلة التي كانت تقاتل فيها فصائل مسلحة لا تستهدف سوى الاحتلال الأميركي، والتي كان يجري خلطها مع (القاعدة) التي كانت تستهدف الجميع»، وعدّ أن «هذا الخلط بين فصائل لديها مطالب أهمها إخراج الاحتلال، وليس قتل الناس على الهوية، مثلما فعلت (القاعدة) ونظيراتها الميليشيات المعروفة بعد عام 2006 وإلى اليوم في مناطق كثيرة من البلاد، هو الذي أدى إلى ما وصلت إليه الأمور الآن، وكان يمكن إيجاد حل لها عند بدء الاحتجاجات في المحافظات الغربية الخمس أواخر عام 2012».
ويرى الخبير العسكري أن «عدم التمييز بين التمرد الذي تمثله العشائر وبعض الفصائل المسلحة، ومنها المجلس العسكري الذي يتكون من ضباط من الجيش السابق، والإرهاب ممثلا بـ(القاعدة) من قبل و(داعش) اليوم، هو الذي أسس لكل هذه التداعيات التي تتحمل الحكومة الحالية الجانب الأكبر منها».
بدوره، يرى الخبير الأمني الدكتور معتز محيي الدين في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الجماعات الإرهابية تمكنت، وعبر سنوات، من الاستيطان في مناطق بعيدة عن المدن نسبيا، بدءا من صحراء الأنبار والثرثار وضواحي تكريت وجبال حمرين وغيرها من المناطق التي نجحت في الاستمكان فيها، بينما كانت معظم الفصائل المسلحة داخل المدن لأن لديها مطالب مشروعة في كثير منها وتحتاج إلى من يلبيها من الجهات الرسمية».
ويضيف محيي الدين أن «الخلل الكبير الذي حصل تمثل في عدم قدرة القوات الأمنية على حسم معركتها ضد الإرهاب خارج المدن، بالإضافة إلى أن الجماعات الإرهابية تستطيع أن تقاتل في عدة جبهات ومن خلال عدد قليل من المقاتلين قد لا يزيد بعضهم عن عشرة أشخاص، ولا يهم أن يقتلوا أو يعودوا، وهذا جزء من استراتيجيتها في الهجمات».
وبالعودة إلى الخبير الاستراتيجي، فإنه يرى أن «العملية الكبيرة التي حصلت في الموصل وتكريت ربما لم تكن في البداية بأعداد كبيرة لكن المهاجمين اعتمدوا على مسألتين؛ الأولى أن هناك أرضية شبه مناسبة في هذه المدن، وتتمثل في الاحتجاجات الشعبية وعدم رضا غالبية الناس عن سياسة الحكومة، وهو ما وفر لهم بيئة مناسبة، والثانية هي أن المؤسسة العسكرية العراقية لا تملك القدرة الاستخباراتية الكاملة التي من شأنها الاستشعار عن بعد ومعرفة قوة الخصم وضعفه، وهو ما أدى إلى ما عدته الحكومة العراقية نفسها نكبة، وهي بالتأكيد مؤلمة لنا كعسكريين».
وفي هذا الإطار، وبعد سقوط الموصل وتكريت، بالنسبة لحسابات الحكومة العراقية، فإن العدو الذي تواجهه هو «داعش» بينما يرى خصوم المالكي حتى من بين السياسيين أن «داعش» يمكن أن تكون رأس حربة في الهجوم، لكن هناك فصائل وجهات لم تصنف نفسها على أنها «داعش»، ومنهم ثوار العشائر والمجلس العسكري.
وفي آخر كلمة لرئيس الوزراء العراقي، أول من أمس (الأربعاء)، دعا العشائر إلى إعلان البراءة مما يسمى بـ«ثوار العشائر». وفي الوقت نفسه يجري تصنيف المجلس العسكري على أنه جزء من «داعش».
وفي سياق المواجهة الحالية، فإنه يمكن تقسيم الفصائل التي تواجه الحكومة العراقية إلى قسمين رئيسين ينتمي الأول إلى مرحلة ما قبل الانسحاب الأميركي من العراق، أواخر عام 2011. وهي «القاعدة» و«جيش المجاهدين» و«كتائب ثورة العشرين» و«الجيش الإسلامي»، والثاني ينتمي إلى مرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي وتداعيات ما حصل في سوريا وهي «داعش» و«ثوار العشائر» و«رجال الطريقة النقشبندية»، و«البعثيون» (حزب العودة) و«المجلس العسكري».
وبالقياس إلى ما حصل في الموصل وصلاح الدين، فإن تنظيم «داعش» كان ولا يزال هو رأس الحربة في العمليات العسكرية. ومع أن هذا التنظيم يبسط سيطرته في معظم المحافظات الغربية، فإن الخارطة التنظيمية والسياسية له تختلف من منطقة إلى أخرى؛ ففي الوقت الذي تنشط خلاياه في الموصل (400 كلم شمال بغداد) وعبر الجزيرة والبادية، فإن البعثيين ورجال الطريقة النقشبندية هم الأكثر حضورا في محافظة صلاح الدين (180 كلم شمال بغداد)، بينما المجلس العسكري وثوار العشائر هم الأكثر حضورا في محافظة الأنبار (مائة كلم غرب بغداد).
والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل لدى هؤلاء تنسيق فكري أو عملياتي؟
طبقا للأهداف والشعارات المرفوعة، فإن هناك اختلافا واضحا بين «داعش» وبقية الفصائل؛ فالأول أعلن بصراحة أنه يسعى إلى مقاتلة الشيعة، الأمر الذي استفز مراجع الشيعة الكبار الذين أصدروا فتوى الجهاد الكفائي (فتوى السيستاني)، بينما الفصائل الأخرى تسعى إلى إسقاط حكومة نوري المالكي، علما بأن بعض هذه الجهات (ثوار العشائر والمجلس العسكري) كانت مستعدة للتفاهم في إطار المظاهرات والاحتجاجات التي قدمت للحكومة العراقية نحو 14 مطلبا، في حين أن البعثيين ورجال الطريقة النقشبندية وما بقي فاعلا من كتائب ثورة العشرين وجيش المجاهدين لا تعترف بالعملية السياسية، والدستور الحالي، وتريد إعادة الأمور إلى ما قبل التاسع من أبريل (نيسان) عام 2003، وبالتالي فإنها الأكثر تصنيفا بوصفها من أعوان «داعش»، وقبلها «القاعدة» من قبل الحكومة العراقية.



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».