«ملتقى بيروت السينمائي» في عامه الثالث ينطلق بدعم من مؤسسة {آفاق}

يتضمن عروضاً لأفلام عربية قيد الإنجاز

فيلم «السعداء» للجزائرية صوفيا الجاما يعرض في اليوم الثاني للمهرجان بصالة سينما متروبوليس
فيلم «السعداء» للجزائرية صوفيا الجاما يعرض في اليوم الثاني للمهرجان بصالة سينما متروبوليس
TT

«ملتقى بيروت السينمائي» في عامه الثالث ينطلق بدعم من مؤسسة {آفاق}

فيلم «السعداء» للجزائرية صوفيا الجاما يعرض في اليوم الثاني للمهرجان بصالة سينما متروبوليس
فيلم «السعداء» للجزائرية صوفيا الجاما يعرض في اليوم الثاني للمهرجان بصالة سينما متروبوليس

ينطلق اليوم مهرجان «ملتقى بيروت السينمائي» الذي تنظمه كل من «بيروت دي سي» ومؤسسة «سينما لبنان» بدعم من مؤسسة «آفاق» (الصندوق العربي للفنون والثقافة) للسنة الثالثة على التوالي.
ويتضمن هذا الحدث الذي يستمر حتى 26 مارس (آذار) الحالي، عروضاً أولى لأفلام سينمائية عربية من لبنان وفلسطين وتونس والجزائر. وتهدف هذه المبادرة لإتاحة الفرصة أمام مخرجين عرب مستقلين للالتقاء بعدد من المحترفين العرب والأجانب في مجالات صناعة السينما، ويشجع على إقامة علاقات الشراكة والإنتاجات فيما بينهم.
واللافت إقامة الملتقى هذا العام بالتعاون مع مهرجان «لوكارنو» السويسري الذي قرر إطلاق أول أكاديمية لصناعة السينما الدولية في العالم العربي من خلال هذا الحدث. وتهدف هذه الأكاديمية إلى مساعدة المهنيين الشباب في تطوير مهاراتهم في مجالات عدة كالمبيعات والتسويق والعروض في الصالات وبرمجة المهرجانات. وهو يشارك في اليوم الثالث من المهرجان من خلال الوثائقي «بانوبتيك» للبنانية رندة عيد الذي تحكي فيه عن تجربة شخصية تبحث فيها عن هوية مدينة بيروت عبر الأصوات كونها اختصاصية في عالم الصوتيات. وتتردد لجنة الرقابة اللبنانية من السماح في عرض هذا الفيلم كون موضوعه لا يتناسب مع مرحلة الانتخابات النيابية التي سيشهدها لبنان في مايو (أيار) المقبل. وكان هذا الفيلم قد حاز على جائزة «إنجاز» التابعة لسوق مهرجان دبي السينمائي في عام 2017. ويشارك «لو كارنو» أيضاً من خلال فيلم الختام «واجب» للفلسطينية آن ماري جاسر، الذي يحكي عن فلسطين. ويجد هذا الفيلم صعوبات في السماح بعرضه في الصالات بعد أن وجدت الرقابة اللبنانية فيه خدمة لمصالح إسرائيل. واليوم وبعد أن تم تحويله من قبل لجنة الرقابة إلى وزارة الداخلية مع توصيتها بمنعه، تؤكد زينة صفير (المديرة الفنية لملتقى بيروت السينمائي) بأنّه حان الوقت لتأخذ الدولة اللبنانية مبادرة من شأنها أن تحول دون وقوع هذا النوع من المهرجانات السينمائية في هذه المعضلة. وتقول: «لدينا ملء الثقة في الدولة اللبنانية، خصوصا بوزارة الداخلية التي حُوِّل إليها الفيلم للنظر فيه وننتظر منها الجواب الشافي قريباً».
وأشارت صفير خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد لإطلاق هذا المهرجان السنوي، بأنّ إدارة المهرجان ما كانت اختارت هذا الفيلم فيما لو كان لا يخدم القضية الفلسطينية.
في حين أكدت هانية مروة مؤسسة «جمعية متروبوليس» لـ«الشرق الأوسط» أن «عملية منع عرض أي فيلم لم تعد مفيدة في ظل إمكانية مشاهدة الفيلم عبر وسائل التواصل الاجتماعي».
وفي حال سُمح بعرض هذا الفيلم في موعده في 25 من الشهر الحالي، فسيعود ريعه لجمعية فلسطينية «well fair» من أجل مساعدة أطفال المخيمات.
وتبدأ العروض (في 22 من الشهر الحالي) بالفيلم التونسي «على كفّ عفريت» للمخرجة كوثر بن هنية الذي كان عرضه العالمي الأول في مهرجان «كان» السّينمائي الدّولي عن فئة «نظرة ما»، ولقي يومها استحسانا عالميا (من إنتاج مشترك بين تونس وفرنسا ولبنان وسويسرا والسويد والنرويج)، وقد شارك في الدورة الأولى من ملتقى بيروت السّينمائي عام 2015. أمّا في اليوم الثاني للمهرجان (23 مارس) فسيكون مخصّصاً للجزائر مع فيلم «السُّعداء» للمخرجة صوفيا الجاما.
وكان هذا الفيلم قد عُرض لأول مرة عالمياً ضمن فعاليات مهرجان البندقية 2017 عن فئة «أوريزونتي»، وحائز على جائزة أفضل ممثلة للينا الخضري. كما نال جائزة أفضل مخرجة في مهرجان دبي السّينمائي الدّولي وهو من إنتاج فرنسي جزائري وبلجيكي. وفي اليومين الثالث والرابع يعرض فيلمي «بانوبتيك» و«واجب»، ودائماً في صالات سينما متروبوليس في الأشرفية.
ويُقام على هامش الملتقى ورشات عمل كثيرة تضع حرفيين في هذا المجال على تماسّ مباشر مع خبراء في صناعة الأفلام السينمائية، ويتناول بعضها في حلقات حوارية مشكلة الإنتاج والتوزيع السينمائي اللذين تعاني منهما صناعة الأفلام السينمائية غير التجارية في لبنان أسوة بالدول الغربية. وتعلّق عن هذا الموضوع هانية مروة، مسؤولة في مؤسسة «سينما لبنان»، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، قائلةً: «ما نقوم به هو نداء للموزِّعين في العالم العربي الذين يحبون المشاركة في هذا الملتقى وقد اخترنا نحو 15 شركةً بينهم لتشاركنا هذا الموضوع في الملتقى هذا العام».
وتضيف: «هناك سؤال يطرح نفسه في هذا الشأن ويتعلق بمدى إعجاب الشركات الموزعة بفيلم معين. وهذا الأمر يرتبط بحقوقه المتاحة وبالإمكانيات والقدرات التي تمتلكها تلك الشركات لتوزيعه وهو أمر يتعلق أيضاً بعملية الإنتاج».
وتُعدّ الأفلام الروائية الأسهل لتبني توزيعها من قبل بعض الشركات فيما أفلام أخرى تجد صعوبة في عملية توزيعها. وتعد أكبر حصة من توزيع الأفلام تحوز عليها الأفلام الأميركية بالمرتبة الأولى، وليس في لبنان فقط، بل في مختلف الدول. ويطالب القيمون على صناعة الأفلام المستقلة بتطبيق القانون العالمي المتعلق في هذا الموضوع الذي يترك أماكن خاصة لها في عملية التوزيع، وإلّا فإنه من غير المجدي إنتاج هذا النوع من الأفلام «المستقلة»، لأنّها تصبح بمثابة هدر للوقت والمال.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».