الفرو... بين الممنوع والمرغوب

صناع الموضة يواجهون متطلبات العصر برفع شعار الرفق بالحيوان وتبني موضة مستدامة

رغم تطور تكنولوجيا الأنسجة من الصعب الاستغناء عن الفرو نهائيا في الوقت الحالي - من تشكيلة «فندي» الأخيرة للموسمين المقبلين - من «ساكس بوتس» لربيع وصيف 2018 - يعتبر الفرو ماركة مسجلة لدار «فندي»
رغم تطور تكنولوجيا الأنسجة من الصعب الاستغناء عن الفرو نهائيا في الوقت الحالي - من تشكيلة «فندي» الأخيرة للموسمين المقبلين - من «ساكس بوتس» لربيع وصيف 2018 - يعتبر الفرو ماركة مسجلة لدار «فندي»
TT

الفرو... بين الممنوع والمرغوب

رغم تطور تكنولوجيا الأنسجة من الصعب الاستغناء عن الفرو نهائيا في الوقت الحالي - من تشكيلة «فندي» الأخيرة للموسمين المقبلين - من «ساكس بوتس» لربيع وصيف 2018 - يعتبر الفرو ماركة مسجلة لدار «فندي»
رغم تطور تكنولوجيا الأنسجة من الصعب الاستغناء عن الفرو نهائيا في الوقت الحالي - من تشكيلة «فندي» الأخيرة للموسمين المقبلين - من «ساكس بوتس» لربيع وصيف 2018 - يعتبر الفرو ماركة مسجلة لدار «فندي»

أعلنت مؤخرا العديد من بيوت الأزياء والمصممين مقاطعتهم لاستعمال الفرو الحقيقي في تصاميمهم على أساس أن البدائل أصبحت كثيرة وتُغني عنه. ولحد الآن وصل عددهم إلى أكثر من ثمانية نذكر منهم «فيرساتشي» و«جيورجيو أرماني» و«غوتشي» «كالفن كلاين» و«تومي هلفيغر» و«رالف لوران» ومايكل كورس» وتوم فورد والبقية تأتي. وسرعان ما التقطت محلات «سيلفردجز» وموقع التسوق الإلكتروني «يوكس نيت أبورتيه» الإشارة وأعلنت توقفها عن بيعه فضلا أن سان فرانسيسكو أعلنت هذا الأسبوع أنها ستمنع بيعه تماما. غني عن القول أن القرار كان مفاجأة سعيدة بالنسبة لجمعيات حماية الحيوانات وصدمة للمتخصصين فيه كما لفيدرالية الفرو العالمية. فهذه الأخيرة تعتمد على هذه الصناعة وبالتالي كان رد فعلها مشوبا ببعض القلق، رغم محاولة مارك أوتن، رئيسها التنفيذي أن يطمئن عشاق الموضة بأن المقاطعة لن تلمس الكل. في إحدى لقاءاته قال بأن «أغلبية المصممين، 70 في المائة منهم، لا يزالون يستعملونه.. فهو خامة مهمة بالنسبة لهم، لا سيما أنهم يعرفون أن توفيره يتم بطريقة مسؤولة تراعي كل المعايير الأخلاقية المطلوبة». وأضاف: «مع تزايد المخاوف على البيئة واستعمال البلاستيك فإني أومن بأن الفرو خيار طبيعي ومسؤول بالمقارنة».
ويينما كان قرار بعض هذه البيوت لافتا، مثل دار «فرساتشي» كونها قائمة أساسا على المبالغة في الفخامة، سواء في القصات المفعمة بالإثارة والأنوثة أو النقشات والألوان المتضاربة، كذلك دار «غوتشي» فإن قرار البعض الآخر مر مرور الكرام، لأنه كان نقلة طبيعية. من هؤلاء نذكر جيورجيو أرماني الذي ركب هذه الموجة في عام 2016، حينها صرح بأن التكنولوجيا تطورت بدرجة ولدت بدائل أخرى تغني عنه ولم تعد الموضة بحاجة إلى صيد الحيوانات وسلخها. حينها قال بأن المقاطعة ستشمل كل ما يخرج من معامل الدار ومشاغلها بما في ذلك الأزياء التي تحمل توقيع «أرماني بريفيه»، أي من خط الـ«هوت كوتير» الذي تستعمل فيه عادة أغلى المواد.
من جهته صرح ماركو بيزاري، الرئيس التنفيذي لـ«غوتشي» بأن الدار تنوي حظر استعماله في كل منتجاتها ابتداء من هذا العام تماشيا مع سياسة مجموعة «كيرينغ» المالكة لها. واللافت أن مصمم الدار، أليساندرو ميكيلي أسهب في استعماله الفرو بسخاء يضاهي جرأة تطريزاته. في الموسم الماضي مثلا قدم على موقع الدار الإلكتروني معطفا من الفرو يقدر سعره بـ25.920 جنيه إسترليني، بينما اقترح معطفا آخر من صوف الخروف بسعر 11.340 جنيه إسترليني. ويوافق كل من أليساندرو ميكيلي وماركو بيزاري المصمم أرماني الرأي بأن التكنولوجيا تطورت وأصبحت تُغني عن استعمالات فرو أي حيوان يتم اصطياده لهذا الغرض. وأضافت الدار أن الوقت تغير وأصبح لزاما على صناع الموضة الإنصات لنبض الشارع والشباب تحديدا.
فهذه الشريحة من الزبائن أكثر ثقة بالنفس ورأفة بالحيوانات ورغبة في الحفاظ على البيئة وبالتالي يريدون أن تعكس أزياؤهم وإكسسواراتهم تفكيرهم ومبادئهم.
الجميل في الأمر أن ركوب «غوتشي» موجة المقاطعة يساهم في إيصال رسالة قوية وسريعة للعالم، ليس لشعبيتها فحسب، بل لأنها لم تكن بحاجة إلى تغيير أي من استراتيجياتها. فهي تحقق الأرباح بشكل غير مسبوق، وكل ما تقترحه يتلقفه عشاق الموضة بشغف، بحيث سجلت ارتفاعا في مبيعاتها بنسبة 48.3 في المائة في الشطر الأول من عام 2017، و39.3 في المائة في الشطر الثاني من نفس العام. لكنها تماشيا مع سياسة مجموعة «كيرينغ» الجديدة والمشجعة للموضة المستدامة تأمل أن تؤدي مهمتها بإيجابية في خضم التغييرات التي تشهدها الموضة حاليا.
من المصممين الآخرين الذي أعلنوا انضمامهم للمقاطعة مايكل كورس الذي صرح بأنه لن يستعمل الفرو في أي من تصاميمه ابتداء من العام الحالي، مشيرا إلى أن العملية ستشمل أيضا ماركة «جيمي شو» التي استحوذ عليها في شهر يوليو (تموز) الماضي.
صحيح أن ماركة «مايكل كورس» ليست هي «غوتشي» أو «أرماني بريفيه» أو «فرساتشي» من ناحية أنها تخاطب شرائح من ذوي الإمكانيات المتوسطة بالمقارنة، إلا أن تأثيرها لا يستهان به. ويبدو أن الدار التي استعملت سابقا أنواعا مختلفة منه اتخذت هذه الخطوة بسبب ضغوطات من جمعيات ونشطاء حماية الحيوانات من جهة وتغير ذوق الزبائن من جهة ثانية. وأشار المصمم كورس إلى أنه اكتشف أن الاستغناء عنه لن يؤثر على قوة تصاميمه، كل ما في الأمر أن التحدي والأدوات ستختلف، حيث سيتم الاعتماد على التقنيات والتكنولوجيا أكثر من الاعتماد على الخامات الجاهزة والمترفة للارتقاء بالقطعة.
لكن هذا لا يعني أن من يعشقون هذه الخامة سيُحرمون منها تماما، فدار «فندي» مثلا لا يمكنها الاستغناء عنه لأنه ماركتها المسجلة، وتُبدع فيه بشكل يشفع لها استعمالاته عدا أنها تستعمل طرقا رحيمة ومسؤولة. بيوت أزياء أخرى لا تزال تستعمله أيضا، مستغلة التكنولوجيا لا لتعويضه بل لتطويره وإكسابه نعومة الحرير والدانتيل. هؤلاء يعرفون أن زبائنهم يُقدرون هذه الخامة، خصوصا في الأسواق النامية التي يمثل لها قمة الترف والأناقة.



غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.