ديما رشيد... مصممة تعشق الذهب وتطويع الأحجار

المصممة ديما رشيد - خاتم من مجموعتها الأخيرة - أقراط أذن من مجموعتها الأخيرة - صورة من حملتها الترويجية الأخيرة - أقراط أذن بأحجار ملونة
المصممة ديما رشيد - خاتم من مجموعتها الأخيرة - أقراط أذن من مجموعتها الأخيرة - صورة من حملتها الترويجية الأخيرة - أقراط أذن بأحجار ملونة
TT

ديما رشيد... مصممة تعشق الذهب وتطويع الأحجار

المصممة ديما رشيد - خاتم من مجموعتها الأخيرة - أقراط أذن من مجموعتها الأخيرة - صورة من حملتها الترويجية الأخيرة - أقراط أذن بأحجار ملونة
المصممة ديما رشيد - خاتم من مجموعتها الأخيرة - أقراط أذن من مجموعتها الأخيرة - صورة من حملتها الترويجية الأخيرة - أقراط أذن بأحجار ملونة

للطبيعة سحر خاص، بالنسبة لمصممة الجواهر ديما رشيد. فهي تطبع الكثير من تصاميمها، التي تأتي غالبا بألوان بديعة وبريق صادق يشع بطاقة تحارب الهموم وتحسن المزاج. ديما تعرف تماما أن علاقة المرأة بالأحجار الكريمة تتعدى مجرد الزينة، وبأن لكل حجر معنى خاصا يربطها به.
عن هذا الجانب تحديدا، تقول ديما رشيد إن «الأحجار الكريمة تأتي من الطبيعة وكل شيء في الطبيعة له طاقة، كما أن لكل حجر طابعه وميزاته التي تبرز حسب ألوانه وطبيعته. الياقوت على سبيل المثال هو حجر الحب والصداقة ويعزز العاطفة، بينما يُمثل حجر الزفير السلام والسعادة وهلم جرا». على المستوى الشخصي، فإن حجرها المفضل هو الأوبال، ليس لأنه يرتبط بالشهر الذي ولدت فيه بل لأنها كما تقول: «كلما تمعنت فيه أكثر أرى بركانا من الألوان تشع منه وكأنه يجمع خاصيات الكثير من الأحجار الأخرى».
بدأت علاقة الحب بين ديما وتصميم الجواهر وهي في 13 من العمر تعيد صياغة كل ما يقع بين يديها من جواهر والدتها. وعندما كبرت كبر معها حبها للأحجار الكريمة والمواد المترفة. بدأت تمارس هوايتها بشغف بمستوى محدود لا يتعدى الأسرة والصديقات المعجبات بتصاميمها، إلى أن التقت صدفة محررة مجلة فرنسية معروفة أعجبت بتصاميمها وعرفتها بأصحاب إريكسون بيمون بلندن، لتجد نفسها بعد ذلك تعرض في خمسة محلات رئيسية، منها إريكسون بيمون، وهارفي نيكولز وأليغرا هيكس، وبعد لندن تلقت عروضا من نيويورك ولوس أنجليس. تنحدر ديما رشيد من أصول فلسطينية، لكن تنقلها في بلدان كثيرة منها تورونتو وهي في الـ14 من عمرها ثم استقرارها في مصر لسنوات طويلة أثر عليها بشكل واضح. فالكثير من تصاميمها اتسمت بلمحات فرعونية تتسلل بشكل أو بآخر إلى أسلوبها الذي يمزج سحر الشرق بتقنيات ومرونة الغرب.
ولا شك ان هذا هو ما فتح لها الأبواب للتعاون مع المصمم البريطاني جايلز ديكون منذ بضع سنوات، من خلال مجموعة مستوحاة من حقبة الأربعينات، شملت «التشوكر» الذهبي، وأقراط أذن تتدلى وكأنها عناقيد أو تتفرع على شكل أعشاش.
منذ بداية رحلتها في عالم تصميم الجواهر وضعت ديما رشيد نصب أعينها أن لا تقتصر علاقاتها بزبائنها على بيعها قطعة جواهر على أن ينتهي الأمر بعد ذلك، بل العكس تحرص دائما أن تبقى العلاقة مستمرة مبنية على الثقة والود. وبالفعل كان لهذه العلاقات أثر واضح في تطورها وتصدرها مكانة مهمة من بين مصممي الجواهر العرب. فقائمة زبوناتها تضم حاليا مشاهير ونجمات، تفخر بأن الملكة رانيا العبد الله عقيلة ملك الأردن، على رأسهم إلى جانب شهيرات من مثيلات يسرا، وهند صبري، وعارضات الأزياء ناعومي كامبل، وجيزيل باندشين، وهايدي كلوم، وجيجي حديد، بالإضافة إلى ممثلات هوليوود، مثل فانيسا ويليامز، وسوزان ساراندون، وإيفا مانديز، وأخريات. وتقول ديما: «في كثير من الأحيان أصمم قطعا خصيصاً لكلٍ منهن، فكل شخصية تلهمني لأجد نفسي أقدم لها قطعة لا يمكن أن أقدمها لسواها، لأنها تعكس شخصيتها».
قدمت ديما مجموعة خاصة للملكة الأردنية رانيا العبد الله، وتقول عنها إنها من المحطات التي تعتز بها «فأنا معجبة بأناقتها وجمالها، بالإضافة إلى قوتها كامرأة. فهي أم لها عدة مسؤوليات ومع ذلك تجتهد لتمكين نساء أخريات من مختلف العالم. لهذا كان لا بد أن تأتي المجموعة التي خصصتها لها تشبه ملامحها الناعمة وأناقتها اللافتة».
كغيرها من المصممين، تحلم ديما أن تكون لها بصمة مختلفة عن غيرها، ووجدتها في الأحجار الكريمة التي تستعملها بسخاء. فهي لا تخضع لمعايير الموضة من جهة، وتبقى مع المرأة إلى الأبد من جهة ثانية.
ولحد الآن لا تزال هذه الأحجار الكريمة مكمن قوته، وهو ما تؤكده مجموعتها الأخيرة. تشرح لـ«الشرق الأوسط»: «في هذه المجموعة، نجحنا في مزج ملامح ثقافية شرقية مع اتجاهات عالمية الرئيسية للموضة. فجزء مهم من أبحاثنا يتركز على ما يجري في ساحة الموضة. طبعا لا نتقيد به لكننا نأخذه بعين الاعتبار حتى نبقى في الواجهة ومواكبين للتطور»، وكانت النتيجة قطعا مميزة مصنوعة من الذهب عيار 18، والأحجار الكريمة بكل أنواعها في تصاميم تخاطب الشابات كما الأمهات.

طالع صور لأعمال المصممة



هل تنقذ محررة أزياء سابقة صناعة الموضة؟

من عرض المصمم التركي الأصل إيرديم (تصوير: جايسون لويد إيفانس)
من عرض المصمم التركي الأصل إيرديم (تصوير: جايسون لويد إيفانس)
TT

هل تنقذ محررة أزياء سابقة صناعة الموضة؟

من عرض المصمم التركي الأصل إيرديم (تصوير: جايسون لويد إيفانس)
من عرض المصمم التركي الأصل إيرديم (تصوير: جايسون لويد إيفانس)

إذا اتفقنا على أن مجلس الموضة البريطاني هو الربان الذي يقود دفة هذا القطاع بتقديم وسائل الدعم والأمان لصناعها والمبدعين فيها، فإن تعيين لورا وير رئيساً له، ذو أهمية قصوى. ربما الآن قبل أي وقت مضى. فهذا القطاع يعاني منذ عدة مواسم. محلات كبيرة أغلقت أبوابها واكتفت بتوفير منتجاتها عبر التسوق الإلكتروني، ومصممون شباب اختفوا من الساحة، أو على الأصح من الواجهة بسبب شح الموارد والإمكانات وغيرها من المشكلات التي لا تزال تبحث عن حلول.

شح الموارد والتغيرات الخارجية

حتى دار «بيربري» التي كانت أكبر قوة جذب لأسبوع لندن تعرضت لمشكلات كثيرة (بيربري)

لهذه الأسباب، كان من البدهي أن يفقد أسبوع لندن وهجه، إلى حد أنه بات يمر مرور الكرام من دون تهليل أو حماس في الآونة الأخيرة. المقياس هنا لا يقتصر على تراجع حجم التغطيات الإعلامية فحسب، بل أيضاً على عدد الحضور العالمي، الذي تقلص بشكل ملحوظ، بسبب الحجر أيام جائحة كورونا ومنع السفر بدايةً، ثم بسبب خفض الميزانيات المخصصة لمجلات الموضة، التي لم تسلم هي الأخرى من تبعات الأزمة الاقتصادية.

في ظل هذا التخبط، بين شح الإمكانات ومتطلبات الأسواق العالمية الجديدة وتغير سلوكيات تسوق جيل شاب من الزبائن، يأتي تعيين لورا مثيراً للحماس والفضول. فالمطلوب منها هو تحريك المياه الراكدة وقيادة الدفة بالاتجاه الذي تحتاج إليه الموضة البريطانية لتتجاوز العاصفة إلى بر الأمان.

مَن لورا وير؟

لورا وير الرئيس الجديد لمجلس الموضة البريطانية (مجلس الموضة)

السؤال الذي يمكن أن يطرحه البعض :هو كيف وصلت وير إلى هذا المنصب المؤثر؟ وما سيرتها الذاتية؟ والجواب أنها حتى عهد قريب عملت في محلات «سيلفردجز» اللندنية رئيساً في قسم الإبداع والتواصل. قبل ذلك ولعقدين من الزمن، عملت محررة أزياء متخصصة في عدة مجلات، نذكر منها «درايبرز» و«فوغ» النسخة البريطانية، وصحيفة «ذي صانداي تايمز». في عام 2015، عُيِنت رئيسة تحرير للملحق الأسبوعي ES لجريدة «إيفنينغ ستاندرد» الذي أعادت تصميمه بالكامل. بعد أن تركت المجلة ES أنشأت وكالة استراتيجية متخصصة في الاتصالات والتوجيه الإبداعي، وفي عام 2023، انضمت إلى محلات «سيلفردجز» للإشراف على فريق الإبداع والتسويق والاتصالات. هذا فضلاً عن مناصب أخرى شغلتها وكانت لها ذات الأهمية. كانت مثلاً عضواً في مجلس الموضة البريطاني قبل أن تكون رئيساً له. كما كانت مستشارة للأكاديمية البريطانية لفنون الأفلام والتلفزيون (بافتا).

هذه المناصب وغيرها فتحت أمامها أبواب التعامل المباشر مع صناع الموضة الكبار والصغار وأيضاً مع المواهب الصاعدة من شتى الفنون. تعرفت على طموحاتهم ومشكلاتهم. على خبايا الأمور وظاهرها. وهذا ما يجعلها خير خلف لكارولاين راش التي تبوأت هذه الوظيفة لـ16 عاماً، وأعلنت مغادرتها له في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

التحديات

كادت «روكساندا» تُعلن إفلاسها لولا تدخل مستثمرين (روكساندا)

رغم أهمية المنصب الذي ستبدأه بشكل فعلي في شهر أبريل (نيسان) المقبل، فإن التوقيت شائك ويحتاج إلى دراية عالية ونَفَس طويل. فصناعة الموضة البريطانية تعاني من تباطؤ وركود منذ سنوات، وأسبوعها الذي يعد الأوكسجين الذي يتنفس منه مبدعوها ويطلون من خلاله على العالم أصابه الوهن بشكل لم يشهده منذ انطلاقه في عام 1984. صحيح أنه مرَّ بعدة أزمات في السابق، لكنها كانت ماليّة في الغالب، إذ كان يشكو من شح التمويل والإمكانات، فيما هي الآن نفسية أيضاً بسبب التراكمات الاقتصادية والسياسية وما نتج عنها من ضغوط وقلق.

من تشكيلة إيرديم الأخيرة (تصوير: جايسون لويد إيفانس)

ما لا يختلف عليه اثنان أن أسبوع لندن لا يزال يتمتع بروح الابتكار، وأنه لا يزال أكثر واحد من بين العواصم العالمية الأخرى، نيويورك وميلانو وباريس، احتضاناً للآخر. يفتح الأبواب على مصراعيها لكل الجنسيات، ويمنح فرصاً لكل من توسّم فيه الإبداع، إلا أنه يتعثَّر منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. فنسبة عالية من العاملين في صناعة الموضة من جنسيات مختلفة. كأن هذا لا يكفي، جاءت جائحة كورونا ثم حرب أوكرانيا وغيرها من الأحداث التي كان لها أثر مباشر على كثير من المصممين وبيوت الأزياء. روكساندا إلينشيك، مثلاً، وهي مصممة صربية الأصل ومن أهم المشاركين في أسبوع لندن، كادت تتعرض للإفلاس العام الماضي، لولا تدخل أحد المستثمرين. وإذا كانت «روكساندا» محظوظة في هذا الجانب، فإن غيرها تواروا عن الأنظار بصمتٍ لأنه لا أحد أمدَّهم بطوق نجاة.

دار «بيربري» لم تنجُ من تبعات الأزمة الاقتصادية وتغيرات السوق (بيربري)

بل حتى دار «بيربري» التي كانت تتمتع بأكبر قوة إعلانية في بريطانيا، الأمر الذي يجعلها عنصر جذب مهماً لوسائل إعلام وشخصيات عالمية تحرص على حضور الأسبوع من أجلها، تشهد تراجعاً كبيراً في المبيعات والإيرادات. بدأت مؤخراً تراجع استراتيجياتها وتُعيد النظر في حساباتها.

استثمار في المواهب

ومع ذلك فإن قوة الموضة البريطانية تكمن في شبابها. هم الورقة الرابحة التي تُعوِّل عليها للإبقاء على شعلة الإبداع من جهة، وعلى سمعة أسبوعها العالمي منبعاً للابتكار وتفريخ المصممين من جهة ثانية. قد يجنحون إلى الغرابة أو حتى إلى الجنون أحياناً لكنه جنون يغذّي الخيال ويحرِّك الأفكار الراكدة، وهذا ما تعرفه لورا جيداً بحكم تعاملها الطويل معهم.

من عرض «روكساندا» لربيع وصيف 2025 (روكساندا)

والدليل أن لورا لا تقبل التحدي فحسب، بل تعده مثيراً. في بيان صحفي وزَّعه مجلس الموضة البريطاني قالت: «يشرفني أن أقود الفصل الجديد في وقت مثير ومحوري لصناعة الأزياء البريطانية... إني أتطلع إلى العمل مع فريق المجلس لدعم الثقافة والإبداع، وتحفيز نمو الأزياء البريطانية، محلياً وعالمياً، وكذلك دعم المصممين الناشئين والمخضرمين على حد سواء».

ما مهمات الرئيس؟

رغم موهبة «روكساندا» وبراعتها الفنية تعثّرت مؤخراً وتدخُّل مستثمرين أعاد لها قوتها (روكساندا)

ما خفيَ من مسؤوليات منصب رئيس مجلس الموضة البريطانية أكبر من مجرد دعم الشباب وتحريك السوق. من بين ما على لورا وير فعله، عقد شراكات مجدية مع صناع الموضة، من رجال أعمال وأصحاب مصانع وحرفيين من شتى المجالات، إلى جانب التواصل مع جهات حكومية. فقطاع الموضة من أهم القطاعات الصناعية في بريطانيا، ويعد الثاني بعد صناعة السيارات، وهو ما يجعله من أعمدة الاقتصاد الأساسية.

في دورها الجديد أيضاً، ستشرف لورا على المعاهد الدراسية والأكاديميات المتخصصة، بتوفير منح للمتفوقين أو من ليست لديهم الإمكانات لدفع رسوم الدراسات العليا من خلال برامج عدة جرى إنشاؤها منذ سنوات، وكل ما عليها الآن هو إمدادها بطاقة جديدة تُعيد لها حيويتها وديناميكيتها.