مفاوضات اللحظة الأخيرة بين أوروبا والولايات المتحدة على رسوم الصلب والألمنيوم

قبيل أيام من بدء تطبيق الولايات المتحدة للرسوم الحمائية المثيرة للجدل على واردات الصلب والألمنيوم تتسارع الجهود الأوروبية للحاق بركب البلدان التي يتم إعفاؤها من هذه الرسوم، بينما تصاعدت الانتقادات ضد الولايات المتحدة من اجتماع وزراء مالية قمة العشرين بالعاصمة الأرجنتينية هذا الأسبوع.
وأجرت مفوضة الاتحاد الأوروبي للتجارة، سيسيليا مالمستروم، محادثات أول من أمس في واشنطن مع وزير التجارة الأميركي، ويلبور روس، حول الرسوم التي تعتزم الولايات المتحدة فرضها على وارداتها من الصلب بنسبة 25 في المائة والألمنيوم بنسبة 10 في المائة.
وقال متحدث باسم الممثلية الأوروبية في واشنطن، إن المحادثات شملت أيضا الفائض في الإنتاج الصيني من هذين المنتجين، وإنه من المقرر أن تلتقي مالمستروم أيضا الممثل الأميركي للتجارة روبرت لايتهايزر.
وكان وزير الاقتصاد الألماني، بيتر التماير، أشار الاثنين الماضي خلال زيارة لواشنطن إلى تسوية ممكنة بين الأميركيين والأوروبيين حول مسألة الرسوم.
وأشار لايتهايزر، في جلسة استماع بمجلس النواب، أمس، إلى أن بلاده تجري محادثات مع الاتحاد الأوروبي والأرجنتين وأستراليا لمنح إعفاءات محتملة من رسوم الصلب والألمنيوم، مضيفاً أن محادثات ستبدأ قريباً مع البرازيل. وأوضح، أن أي محادثات مع كوريا الجنوبية بشأن أي إعفاء محتمل ستجري في إطار محادثات التجارة القائمة مع سيول.
إلا أن وزير المالية الفرنسي، برونو لومير، صرح الثلاثاء الماضي بأن فرنسا تطالب بإعفاء «دون شروط» من الرسوم الأميركية. وأعد الاتحاد الأوروبي لائحة بمنتجات أميركية يمكن أن يتم فرض ضرائب عليها في حال طبقت الولايات المتحدة رسومها، مما ينذر بحرب تجارية.
وفتح الرئيس الأميركي دونالد ترمب الباب للاستثناء من تلك الرسوم عبر إعفاء الجارتين كندا والمكسيك من هذا القرار الذي يُنتظر أن يدخل حيز التنفيذ يوم الجمعة المقبل. وأطلق ثاني أكبر اقتصاد في العالم، أمس، تحذيراته للولايات المتحدة قبيل تطبيق رسوم جديدة تستهدفه على وجه التحديد، حيث قال نائب وزير التجارة الصيني، وانغ شو وين، إن بلاده ستتخذ خطوات للحفاظ على مصالحها، وكذلك صناعاتها في ضوء ما وصفها بأنها تحركات حماية تجارية من جانب أميركا.
وقالت وزارة التجارة الصينية، في بيان أمس، نقلا عن كلمة ألقاها وانغ في نيودلهي، إن القرار الأميركي ببدء تحقيقات تجارية هو عمل حماية تجارية أحادي الجانب.
ومن المتوقع أن يعلن الرئيس الأميركي الجمعة الماضي، عن فرض رسوم تصل إلى 60 مليار دولار على منتجات التكنولوجيا والاتصالات الصينية.
وستفرض الرسوم بموجب الفقرة «301» من قانون التجارة الأميركي الصادر عام 1974 بعد تحقيق بشأن ملكية فكرية بدأ في أغسطس (آب) العام الماضي.
وقال وانغ، خلال اجتماع وزاري لمنظمة التجارة العالمية، استمر يومين واختتم أول من أمس، إن «تطبيق إجراءات تجارية مقيدة لن يعرقل فقط نظام التجارة العالمية المعتاد، وإنما سيلحق ضررا بالغا بالنظام التجاري المتعدد الأطراف».
وبين الانتقادات الموجهة لسياسات ترمب الذي يرفع شعار «أميركا أولا» والهواجس من نشوب حرب تجارية عالمية، بدت لهجة الممثل الأميركي في اجتماع قمة العشرين ببيونس آيرس محملة بروح التحدي للبلدان المصدرة.
وبينما قال وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، إن التعريفات الجديدة ليست «بهدف الحمائية»، وإنما «بهدف التجارة العادلة والمتبادلة»، لكنه أضاف أن ترمب ليس «خائفا» من حرب تجارية، رغم أن إدارته لم تكن تبحث عنها. وتابع: «علينا أن نكون مستعدين للعمل لمصلحة الولايات المتحدة مجددا، للدفاع عن التجارة الحرة والنزيهة والمتبادلة».
لكن وزير المالية البرازيلي، هنريك ميريليس، قال إن وزير الخزانة الأميركي استمع إلى هواجس البرازيل بشأن الرسوم الجمركية المزمعة على واردات الصلب وسينقلها إلى وزارة التجارة الأميركية.
ومتحدثا في مؤتمر صحافي بعد اجتماع مجموعة العشرين، قال ميريليس إنه أبلغ منوتشين أن الرسوم الجمركية ستكون «لها نتيجة عكسية»، لأنها ستُلحق ضررا بالشركات الأميركية التي تستورد منتجات الصلب البرازيلية نصف المصنعة، وأن البرازيل ستسعى للحصول على إعفاء من تلك الرسوم.
وقال وزراء مالية مجموعة العشرين في بيان في بوينس آيرس، إن «التجارة والاستثمار الدوليان محركان مهمان للنمو والإنتاجية والابتكار وخلق فرص العمل والتنمية». وأضافت المجموعة في البيان: «يجب أن يظل النظام المالي العالمي منفتحا ومرنا، ويدعم النمو ويرتكز على المعايير الدولية المتفق عليها».
وأشار البيان الصادر أول من أمس إلى بيان 2017 لمجموعة العشرين الذي شدد على الحاجة إلى مكافحة الحمائية، لكنه أقر أيضا بشرعية استخدام أدوات الدفاع التجاري المشروعة.
واعتبر وزير المالية الفرنسي، برونو لومير، بعد انتهاء اجتماع مجموعة العشرين، أن أوضاع التجارة غير العادلة ووفرة إنتاج الصلب هما السبب الأساسي للتوترات الدولية بشأن التجارة.
وقال لومير: «هذا الاجتماع لمجموعة العشرين كان مفيدا فعلا، لأنه ساعدنا في فهم الصعوبات التي تواجهها كل دولة، وساعدنا في اتخاذ مسار... خطوة في الاتجاه الصحيح»، مضيفا أن مجموعة العشرين اعترفت بمشكلة الطاقة الإنتاجية الفائضة في الصلب. ومضى قائلا: «أوضاع التجارة غير العادلة هي أيضا سبب أساسي لما نواجهه من صعوبات».
وقال الوزير الفرنسي إن من المهم للغاية تفادي أي خيار أحادي قد يعرض النمو للخطر، مثل إجراءات الحماية التجارية.