السلطة تطالب «حماس» بتسليم قطاع غزة «دفعة واحدة»

الأحمد لـ {الشرق الأوسط} : نحن أمام مرحلة جديدة... ولو اغتيل الحمد الله لكانت كارثة

فلسطينيون يزرعون شتلات زيتون قرب حدود قطاع غزة مع إسرائيل استعداداً للاحتفالات بـ«يوم الأرض» (أ.ف.ب)
فلسطينيون يزرعون شتلات زيتون قرب حدود قطاع غزة مع إسرائيل استعداداً للاحتفالات بـ«يوم الأرض» (أ.ف.ب)
TT

السلطة تطالب «حماس» بتسليم قطاع غزة «دفعة واحدة»

فلسطينيون يزرعون شتلات زيتون قرب حدود قطاع غزة مع إسرائيل استعداداً للاحتفالات بـ«يوم الأرض» (أ.ف.ب)
فلسطينيون يزرعون شتلات زيتون قرب حدود قطاع غزة مع إسرائيل استعداداً للاحتفالات بـ«يوم الأرض» (أ.ف.ب)

طالبت الحكومة الفلسطينية حركة «حماس»، أمس، بتسليم قطاع غزة «دفعة واحدة»، فيما قال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» مسؤول العلاقات الوطنية عزام الأحمد إن خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي اتهم فيه «حماس» بالتورط في محاولة اغتيال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، في قطاع غزة، الأسبوع الماضي، يمثل بداية مرحلة جديدة مختلفة.
كان عباس قد اتهم «حماس» بالتورط في محاولة اغتيال الحمد الله، ومدير المخابرات ماجد فرج، واصفاً ذلك بأنه «آثم وحقير»، كما أعلن «اتخاذ الإجراءات الوطنية والقانونية والمالية كافة من أجل المحافظة على المشروع الوطني».
وقال الأحمد، وهو مسؤول ملف المصالحة في «فتح»، لـ«الشرق الأوسط»: «ما قبل محاولة الاغتيال شيء، وما بعدها شيء آخر تماماً»، وتابع: «لو نجحت المحاولة، لكانت كارثة كبرى»، ونفى أن تكون الإجراءات التي تعهد عباس باتخاذها قد تبلورت بعد، لكنه قال إنها ستكون قانونية واقتصادية ومالية، و«هدفها وطني للغاية، وهو إنهاء الانقسام إلى الأبد»، وأضاف: «لم يعد ممكناً استمرار الانقسام في هذا المرحلة التاريخية والهامة من الصراع».
ورفض الأحمد اتهامات «حماس» للرئيس بحرق الجسور، وقال: «(حماس) لا تعترف بالسلطة، ولا بالحكومة التي يفترض أنها مسؤولة في الضفة وغزة. خلال تحقيقاتهم، لم يخاطبوا النائب العام. رفضوا ذلك. إنهم لا يعترفون بالنائب العام. لديهم نائب خاص بهم؛ هذا دليل على أنهم يسيطرون على كل شيء في غزة، ولا يعترفون بالشرعية، ولا يريدون تسليم قطاع غزة للحكومة. سجّل عليّ: فلتسلم (حماس) قطاع غزة للحكومة، وأنا أول شخص سيتصدى لأي إجراء ضد غزة، وسيقول: لا للقرارات المتخذة»، وتابع: «المطلوب تسليم قطاع غزة، وإنهاء الانقسام مرة واحدة وللأبد، وليس المساعدة في تصفية القضية الفلسطينية».
ورفضت «حماس» حتى الآن تسليم قطاع غزة بشكل كامل للحكومة الفلسطينية، محتفظة بالأمن والقضاء والجباية المالية وبموظفيها في الوزارات.
وطالما طالب الحمد الله حركة «حماس» بتسليم الأمن والجباية والقضاء في قطاع غزة للحكومة، حتى تتمكن من أداء عملها بشكل كامل، قبل أن ينجو من محاولة اغتياله في القطاع. وجدد الحمد الله، أمس، مطالبته للحركة بتسليم غزة، لكنه طالب بتسليمها «دفعة واحدة»، وأكد بعد اجتماع حكومي في رام الله استعداد الحكومة لتسلم مسؤولياتها كافة في غزة «كاستحقاق وطني، ومتطلب أساسي لنجدة غزة من المخاطر التي تحدق بها، وتفويت الفرصة على إسرائيل للاستمرار في الانقسام».
ويعني حديث الأحمد والحمد الله أنه ما زالت أمام «حماس» فرصة لتجاوز آثار محاولة الاغتيال، على الرغم من خطاب عباس. وقال مصدر كبير لـ«الشرق الأوسط» إن الخطاب الذي كان بمثابة إعلان سياسي حرّك الكثير من المياه الراكدة، وأضاف: «يوجد تدخلات كبيرة وكثيرة الآن لتجاوز الأزمة الحالية؛ من المحيط والإقليم ودولية كذلك»، وتابع: «علينا أن ننتظر ونرى إذا ما كانت (حماس) ستستجيب».
وبحسب المصادر، ثمة تدخلات من أجل أن تسلّم «حماس» القطاع، ونزع فتيل الأزمة.
وردت «حماس»، أول من أمس، على عباس باتهامه بأنه يحرق الجسور، ويعزز الانقسام، وقالت في بيان: «إن ما يفعله ليس استهدافاً لحركة (حماس)، وإنما محاولة لتقويض فرص النهوض بالمشروع الوطني، وتحقيق الوحدة، وتعزيز فصل الضفة عن غزة».
أما حركة «الجهاد الإسلامي»، فرفضت أي إجراءات يمكن أن تتخذها السلطة ضد قطاع غزة، وقالت إن «على الجميع أن يدرك أن وحدة الشعب الفلسطيني في مواجهة العدو الصهيوني هو الموقف الوطني الذي يجب أن يقود كل جهودنا في هذه المرحلة التي تستهدف وجودنا كشعب وقضية». كما شددت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» على «أن المصلحة الوطنية تقتضي وقف التراشق الإعلامي، وعدم الإقدام على أي إجراءات أو مواقف من شأنها أن تُعمّق من حالة الانقسام، وتجنيب شعبنا في القطاع مزيداً من المعاناة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم