لم تنجح كل الجهود التي بذلت على خط المباحثات بين حزب «القوات اللبنانية» و«تيار المستقبل» لاجتماع الحليفين السابقين في لوائح مشتركة في معظم الدوائر الانتخابية، وهو ما سينعكس سلباً بشكل أساسي على عدد مقاعد الحزب المسيحي في البرلمان.
وفي وقت تقول فيه مصادر «تيار المستقبل» لـ«الشرق الأوسط» إن المباحثات لم تحسم حتى الآن، مع إقرارها بأن صعوبة التحالف يفرضه القانون الانتخابي الذي يضع الأفرقاء والحلفاء أمام خيارات صعبة، بحيث يكون الافتراق في أحيان كثيرة أفضل من التحالف، بينما يرى «القوات» أن هذه الأسباب ليست إلا حججاً وتذرعاً بالقانون، في غياب أي إرادة سياسية من «المستقبل» لإيجاد حلول لهذا الأمر.
وكان «القوات» يعول على إنجاز تحالفه مع «المستقبل» في معظم الدوائر، لكن لم تفضِ كل الاجتماعات والمباحثات التي عقدت بين الطرفين، عبر ممثليهما: وزير الثقافة غطاس خوري من «المستقبل» ووزير الإعلام ملحم رياشي من «القوات»، إلا إلى الاتفاق في لائحتي بعلبك الهرمل في البقاع، وعكار في الشمال، بينما يعود اجتماعهما في لائحة واحدة في الشوف - عاليه إلى «الحزب الاشتراكي» الذي يملك الحصة الأكبر من الأصوات في هذه الدائرة.
وفيما يؤكد المرشح في دائرة عكار مستشار رئيس حزب القوات، وهبة قاطيشا، أن المباحثات مع «المستقبل» توقفت، ووصلت إلى طريق مسدود، باستثناء تحالفهما في عكار وبعلبك الهرمل، يعتبر مسؤول الإعلام والتواصل في «القوات»، شارل جبور، أنه «لو كانت هناك إرادة سياسية، لكان قد تم التحالف، وبالتالي فإن ما يقال ليس إلا حججاً وتذرعاً بالقانون الانتخابي، والدليل على ذلك أنه في وقت قرر فيه (المستقبل) عدم التحالف مع (القوات)، اتخذ قراره بالتحالف مع (التيار الوطني الحر)، أي الحزب المسيحي الذي ينافسه، وهو ما حصل في بيروت الأولى وزحلة والكورة وغيرها من الدوائر».
ويضيف: «لا شكّ في أن التحالف في ما بيننا كان سيعزّز وضع القوات أكثر في المناطق المختلطة، لكن يبدو واضحاً أن (المستقبل) أخذ قراره بخوض المعركة إلى جانب (التيار الوطني الحر)، وهو ما يجعلنا نطرح أسئلة عدة، أهمها: هل هناك هدف لتحجيم (القوات اللبنانية)؟ وما هو الهدف من ذلك؟».
وفي المقابل، نقلت «وكالة الأنباء المركزية» عن مصادر مطلعة على المباحثات بين الطرفين قولها: «إذا كان الاتفاق الشامل صعباً مع (المستقبل) بفعل طبيعة القانون، فإن الاتفاق الجزئي مرغوب به، ويدل على أنه لا تباعد في الجوهر أو الاستراتيجية».
ومع اعتبار الخبير الانتخابي محمد شمس الدين أن الحليفين السابقين محكومون بالتوافق، مرجحاً التوصل إلى اتفاق قبل انتهاء مهلة تشكيل اللوائح الأسبوع المقبل، يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن وصول المباحثات إلى طريق مسدود سينعكس سلباً على «القوات»، وتحديداً في دوائر زحلة والبقاع الغربي والشمال الثالثة (بشري والبترون والكورة وزغرتا)، حيث البلوك السني الذين يقدر عدد أصواتهم بنحو 22 ألف صوت، يحسبون في معظمهم على «تيار المستقبل»، موضحاً: «في حين أن التحالف قد يرفع عدد مقاعد القوات في البرلمان إلى 12، سيؤدي الافتراق إلى خسارته بما لا يقل عن 3 أو 4 مقاعد».
وكان تعثّر المباحثات بين الطرفين الذي بدأ يظهر منذ أيام قد انعكس في صورة مواجهات كلامية بينهما، خصوصاً بعدما أجاب الحريري عند سؤاله عن الموضوع بالقول: «(القوات) يحتاج إلى منجّم مغربي»، ليأتي بعد ذلك الرد على لسان نائب رئيس الحكومة وزير الصحة غسان حاصباني، الذي انتقد بدوره شعار حملة «المستقبل» الانتخابية «الخرزة الزرقاء»، قائلاً: «لسنا بحاجة إلى منجم مغربي لنعرف إلى أين البلد ذاهب، ولا نريد أن نلتجئ إلى أساليب تحمينا من العين، وصيبة العين، لأننا فشلنا في كل شيء، فعلينا بجهدنا أن ننهض بهذا البلد».
والانتقاد نفسه تجسّد عبر ردّ إعلاني من «القوات»، تداوله مناصروه على وسائل التواصل، عبر صورة لمقاتلين من الحزب يرفعون علمهم وعلم لبنان، مذيّلة بعبارة «الخرزة ما بتحمي أرزة.. عنا رجال تحميها»، وهو ما استدعى ردوداً كذلك من مناصري «المستقبل».
افتراق انتخابي بين «المستقبل» و«القوات»
افتراق انتخابي بين «المستقبل» و«القوات»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة