محكمة في غوانتانامو توجه الاتهام لعراقي بارتكاب جرائم حرب

تخفيف القيود على اتصالات عضو بـ«القاعدة» يمضي عقوبة بالسجن في أميركا

محكمة في غوانتانامو توجه الاتهام لعراقي بارتكاب جرائم حرب
TT

محكمة في غوانتانامو توجه الاتهام لعراقي بارتكاب جرائم حرب

محكمة في غوانتانامو توجه الاتهام لعراقي بارتكاب جرائم حرب

وجهت محكمة جرائم حرب أميركية في خليج غوانتانامو، أول من أمس، اتهامات رسمية لعراقي بأنه عضو كبير في تنظيم القاعدة، وبأنه تآمر لتنفيذ هجمات بقنابل ضد قوات غربية في أفغانستان، وقتل مدنيين وجنودا أميركيين. ولم يدفع عبد الهادي العراقي بأنه مذنب أو غير مذنب أثناء تلاوة الاتهامات أمس، التي شملت أيضا مهاجمة طائرة هليكوبتر عسكرية أميركية. ووصفت مستندات المحكمة التي قدمها مدعون عبد الهادي بأنه أحد أهم قادة تنظيم القاعدة العسكريين. ويقول مدعون عسكريون إن عبد الهادي خدم في مجلس شورى القاعدة، وحاول الحصول على أسلحة كيماوية، وأصدر أوامر بقتل أميركيين وحلفائهم. ووفقا للمدعين فقد تضمنت أوامره أيضا تفويض مقاتلي «القاعدة»: «باعتبار المدنيين والمسعفين أهدافا مشروعة».
واتهم عبد الهادي بتدبير هجوم في 25 أبريل (نيسان) 2003 على قافلة عسكرية أميركية في منطقة شكين بأفغانستان أدى إلى مقتل جنديين أميركيين وإصابة آخرين. وقال مدعون إنه نفذ هجوما آخر في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2003 قتل فيه جنديين آخرين، وأطلق مقاتلوه النار على جنود مصابين من قوات التحالف.
من جهة أخرى، أصدرت قاضية اتحادية أميركية حكما بتخفيف القيود على اتصالات عضو في تنظيم القاعدة يمضي عقوبة بالسجن مدى الحياة لضلوعه في تفجير السفارة الأميركية في تنزانيا عام 1998 مما أدى حينها إلى مقتل 11 شخصا. وأقام خلفان خميس محمد (40 عاما) دعوى ضد مكتب التحقيقات الاتحادي ومكتب السجون الاتحادي، قائلا إنه ممنوع دون وجه حق من الاتصال بأصدقاء وأقارب بعينهم - بينهم أحد أشقائه - مما ينتهك حقوقه بشأن حرية التعبير التي يكفلها الدستور الأميركي.ويحتجز محمد، وهو تنزاني الجنسية، في منشأة تحيط بها حراسة قصوى في مدينة فلورانس بولاية كولورادو التي تضم أخطر المجرمين في النظام الجنائي الاتحادي. ويسمح له بالتواصل مع أشخاص محددين تمت الموافقة مسبقا عليهم. وبررت الحكومة الاتحادية قرارها بأن محمد - وهو مسلح اعترف بما نسب إليه - لا يزال يشكل خطرا على الولايات المتحدة.
وحولت القضية إلى القضاء الشهر الماضي في المحكمة الاتحادية في مدينة دنفر. ويوم الثلاثاء، قالت القاضية مارشا كريغر إن القيود المفروضة على اتصالات محمد اعتباطية «وغير مدعومة بدليل مادي» تم تقديمه أثناء المحاكمة. وكان محمد أحد المتآمرين الذين أدينوا في قضية تفجير السفارة الأميركية في تنزانيا عام 1998 وقد اعترف لضابط في مكتب التحقيقات الاتحادي بدوره في العملية. وأضافت كريغر أنها لم تقتنع بشهادة ضابط في مكتب التحقيقات خلال المحاكمة قال فيها إن محمد شارك في إضراب عن الطعام وأدلى بتصريحات مهينة بحق الولايات المتحدة واتهم زورا أفرادا من طاقم السجن.
وقالت كريغر في قرارها - الذي جاء في 45 صفحة - إن النماذج السلوكية لمحمد التي قدمها المسؤولون الاتحاديون «عادية تماما ولا تختلف عن نوع السلوك» الذي يظهره غيره من المساجين. وأمرت كريغر مكتب التحقيقات الاتحادي ومسؤولي السجن بمراجعة لائحة الأشخاص الذين يسمح لمحمد بالاتصال بهم سعيا لتوسيعها. ودعا جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي الذي يزور كولومبيا، دول أميركا اللاتينية إلى استقبال معتقلين من غوانتانامو بغية «تسريع» إقفال هذا السجن المثير للجدل، وذلك في حديث نشرته الصحف المحلية أول من أمس الأربعاء. وقال بايدن لصحيفة «ال اسبيكتادور»: «إن إحدى أسرع الطرق لتسريع إقفال غوانتانامو هي أن توافق دول أخرى بشكل مسؤول على استقبال المعتقلين».
وتسارعت عمليات نقل السجناء من غوانتانامو في الأشهر الأخيرة، لكن لا يزال 149 معتقلا في هذا السجن الخاص الذي أنشأه الرئيس جورج دبليو بوش بعد اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في الولايات المتحدة.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.