المرافق العامة منصات لحملات المسؤولين والأحزاب

من مقرات الرئاسات الثلاث إلى البلديات وقلعة بعلبك

إعلان لائحة الثنائي الشيعي من قلعة بعلبك («الشرق الأوسط»)
إعلان لائحة الثنائي الشيعي من قلعة بعلبك («الشرق الأوسط»)
TT

المرافق العامة منصات لحملات المسؤولين والأحزاب

إعلان لائحة الثنائي الشيعي من قلعة بعلبك («الشرق الأوسط»)
إعلان لائحة الثنائي الشيعي من قلعة بعلبك («الشرق الأوسط»)

تحوّلت المرافق العامة والحكومية في لبنان إلى منصات ومقرات لإطلاق حملات الأحزاب والمسؤولين الانتخابية الذين يخوض معظمهم هذه المعركة، مستغلين موقعهم والمنصب الذي يشغلونه، ضاربين بعرض الحائط القانون الذي يمنع صراحة هذا الموضوع.
وكان إطلاق كل من «حزب الله» وحركة أمل لائحة «بعلبك – الهرمل» يوم أول من أمس من قلعة بعلبك الأثرية قد أثار حفيظة معارضيهما والجمعيات المعنية بمراقبة الانتخابات والأطراف السياسية التي طالبت بقيام هيئة الإشراف على الانتخابات بدورها الرقابي، وأدى إلى إصدار وزارة الثقافة بيانا تطلب فيه تحييد المرافق العامة عن النشاطات السياسية، فإن هذه المخالفة لا تقتصر على فريق دون آخر في لبنان، إذ أن الجميع من دون استثناء يمعن في خرق القانون بما فيهم رئاسات الجمهورية والبرلمان والحكومة، بحسب ما تؤكد الجمعيات المعنية بمراقبة هذا الاستحقاق.
وأمس، شن النائب سيرج طورسركيسيان هجوما على هيئة الإشراف على الانتخابات، وقال «يُمنع استخدام الأماكن العامة لإقامة النشاطات الانتخابية ولكن ماذا عن قلعة بعلبك؟ أم أن الهيئة ترى فقط الأشرفية في بيروت؟ مضيفا «هناك مرشحون يستخدمون المال الانتخابي علنا في الشارع ونعرفهم بالأسماء وأين يوزعون الأموال وفي أي شوارع»، سائلا «أين هيئة الإشراف؟ هل هم أشباح؟».
وتنص أحكام المادة 77 من قانون الانتخابات النيابية على أنه «لا يجوز استخدام المرافق العامة والدوائر الحكومية والمؤسسات العامة والجامعات والكليات والمعاهد والمدارس الرسمية والخاصة ودور العبادة، لأجل إقامة المهرجانات واللقاءات الانتخابية أو القيام بإلصاق الصور وبالدعاية الانتخابية». كذلك يمنع القانون على موظفي الدولة والمؤسسات العامة وموظفي البلديات واتحادات البلديات استخدام النفوذ لمصلحة أي مرشح أو لائحة.
وأبرز خروقات هذا القانون تتمثل بشكل دوري في مقرات الرئاسات التي تعتبر مرافق عامة ويقيم فيها كل من رئيس الجمهورية والبرلمان والحكومة خلال ولاياتهم. وقد تحوّلت منذ بدء الموسم الانتخابي إلى منصات لهم ولمرشحيهم والأحزاب التي يمثلونها، حتى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري أعلن عن مرشحي «حركة أمل» وهو منهم، من «قصر عين التينة» الذي يعتمد مقرا لرئيس البرلمان إضافة إلى عقد لقاءات انتخابية يومية، وهو الأمر الذي لا يختلف عن «السراي الحكومي» مقر رئيس الحكومة سعد الحريري المرشح أيضا على الانتخابات الذي يعقد فيه أيضا لقاءات واجتماعات للغرض نفسه. ولم يكن القصر الرئاسي بعيدا عن هذه الأجواء، إذ أنه إضافة إلى اللقاءات الانتخابية التي تعقد مع مرشحين وغيرها، كان لافتا دعم رئيس الجمهورية ميشال عون الصريح والواضح خلال لقائه وفدا من هيئة كسروان - الفتوح في التيار الوطني الحر صهره المرشح في هذه الدائرة العميد المتقاعد شامل روكز، بقوله من القصر الرئاسي: «شامل هو أنا»، داعيا إياهم لانتخابه على المقعد الذي كان الرئيس يشغله.
ولا تستثنى كذلك المراجع الدينية من هذه الحملات إذ يسجّل يوميا لقاءات بينها وبين مرشحين كما استخدام دور العبادة للغرض نفسه، وهي مخالفات ليست جديدة في لبنان وسبق أو أوردتها الجمعيات المراقبة ضمن تقاريرها في استحقاقات سابقة.
هذه الخروقات وغيرها التي كان آخرها إعلان الثنائي الشيعي لائحتهما من قلعة بعلبك، يؤكد عليها الباحث في «الجمعية اللبنانية لديمقراطية الانتخابات»، علي سليم، لافتا إلى أن الجمعية في صدد إعداد تقرير يوثق كل هذه المخالفات التي تثبت من دون شك استغلال معظم المسؤولين للمناصب والمرافق العامة التي صارت جزءا لا يتجزأ من حملاتهم الانتخابية. ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أن عدم قيام البلديات بتحديد أماكن معينة يمكن استخدامها في المهرجانات الانتخابية يفتح الباب واسعا أمام المخالفات، حتى أن بعض البلديات تقوم هي نفسها باستغلال موقعها على غرار مثلا ما تقوم به بلدية الغبيري في الضاحية الجنوبية لبيروت حيث ترفع شعار لائحة حزب الله وحركة أمل وتعتمد كمقر لماكينتهما الانتخابية.
وفي هذا الإطار، كان وزير الداخلية نهاد المشنوق قد أصدر بيانا قبل أيام قليلة طلب فيه «التعميم على جميع الموظفين التابعين لوزارة الداخلية والبلديات، التقيد بمضمون الفقرتين الأولى والثانية من المادة 77 من قانون الانتخاب، وطلب عدم استعمال المقار التابعة للبلديات أو اتحادات البلديات التي تعتبر من المرافق العامة، من أجل إقامة المهرجانات والاجتماعات واللقاءات والدعاية الانتخابية، تحت طائلة المساءلة وتطبيق الأحكام القانونية ذات الصلة».
وحول استخدام الثنائي الشيعي قلعة بعلبك لاحتفاله الانتخابي والبيان فقد صدر عن وزارة الثقافة في هذا الصدد تصريحا تقول فيه بأن الوزارة لم تعط أي إذن لاستعمال القلعة، يوضح سليم: «القانون لا يسمح أساسا لوزارة الثقافة أو غيرها من الوزارة الرفض أو القبول بهذا الأمر، بل على العكس هو يمنع منعا باتا استخدام المرافق».
وفي بيانها أكدت وزارة الثقافة أنها لم تتلق أي طلب من أي طرف لاستعمال قلعة بعلبك للإعلان عن لائحة انتخابية، ولم يصدر عنها أي إذن في هذا الشأن، متمنية على جميع القوى السياسية عدم استعمال أي من المعالم التاريخية أو الأثرية، وتحييدها عن النشاطات السياسية والحزبية.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.