بروكسل ولندن تتوصلان إلى اتفاق حول المرحلة الانتقالية

بريطانيا وافقت على خطة «مؤقتة» بشأن وضع الحدود مع آيرلندا

بارنييه (يمين) وديفيس لدى عقدهما مؤتمراً صحافياً مشتركاً في بروكسل أمس (أ.ف.ب)
بارنييه (يمين) وديفيس لدى عقدهما مؤتمراً صحافياً مشتركاً في بروكسل أمس (أ.ف.ب)
TT

بروكسل ولندن تتوصلان إلى اتفاق حول المرحلة الانتقالية

بارنييه (يمين) وديفيس لدى عقدهما مؤتمراً صحافياً مشتركاً في بروكسل أمس (أ.ف.ب)
بارنييه (يمين) وديفيس لدى عقدهما مؤتمراً صحافياً مشتركاً في بروكسل أمس (أ.ف.ب)

توصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق مهم، أمس، مع بريطانيا بشأن ترتيبات الفترة الانتقالية، التي ستخضع لندن خلالها لقواعد التكتل لنحو عامين بعد «بريكست».
واعتبر كبير مفاوضي التكتل في هذا الملف، ميشال بارنييه، ونظيره البريطاني ديفيد ديفيس، أن الاتفاق الذي سيوقع عليه القادة الأوروبيون خلال قمة هذا الأسبوع يشكل «خطوة حاسمة». واتفق الطرفان كذلك على حل «مؤقت» لمسألة الحدود مع آيرلندا كانت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي اعتبرته غير مقبول قبل عدة أسابيع فقط، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
ويمهد الاتفاق الذي تم التوصل إليه بعد محادثات «مكثفة» على حد تعبير بارنييه في بروكسل، الطريق لإجراء محادثات بشأن اتفاق تجاري مستقبلي يبدأ الشهر المقبل، فيما ارتفعت قيمة الجنيه الإسترليني. وقال بارنييه خلال مؤتمر صحافي مشترك مع ديفيس: «تمكنا هذا الصباح من الاتفاق، بعد أيام وليالٍ من العمل الشاق، على جزء كبير مما سيتحول إلى اتفاق دولي على انسحاب المملكة المتحدة المنظم».
وستستمر الفترة الانتقالية من لحظة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس (آذار) 2019 حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2020. وقال بارنييه إنه «خلال هذه الفترة، ستتوقف المملكة المتحدة عن المشاركة في عملية صناعة القرار بالاتحاد الأوروبي، كونها لن تعود عضواً في التكتل بعد هذا التاريخ». وأضاف: «لكنها مع ذلك، ستحتفظ بمنافع ومزايا السوق الموحدة والاتحاد الجمركي (...) وسيتعين عليها لهذا السبب احترام جميع القواعد الأوروبية كما تفعل جميع الدول الأعضاء».
بدوره، قال ديفيس لصحافيين، إن الفترة الانتقالية التي ستستمر 21 شهراً «توفر الطمأنينة التي تطالب بها أوساط المال والأعمال والمواطنون في أنحاء بريطانيا والاتحاد الأوروبي». وضغطت الشركات في أنحاء أوروبا التي تحتاج إلى التخطيط لمستقبلها التجاري على الطرفين للتوصل إلى اتفاق يجنّب انسحاباً مفاجئاً.
وأكد ديفيس أن بلاده ستتمكن من إبرام اتفاقات تجارية مع دول أخرى خلال الفترة الانتقالية، رغم أنظمة الاتحاد الأوروبي التي تمنع القيام بذلك في إطار قواعد اتحاد التكتل الجمركي. وأضاف كذلك أن بريطانيا ستسمح الآن لمواطني الاتحاد الأوروبي بالانتقال إليها خلال المرحلة الانتقالية، ليتمتعوا بالحقوق ذاتها في العمل والإقامة التي يحظى بها أقرانهم الذين وصلوا في الماضي، وهي سياسة كانت لندن رفضتها في وقت سابق.
وعلقت ماي التي توصلت إلى اتفاق إطاري بشأن «بريكست» مع الاتحاد الأوروبي في ديسمبر، بالقول إن اتفاق أمس يظهر أنه «بإمكاننا التوصل إلى ترتيب بشأن المستقبل يصب في مصلحة» الطرفين.
وسعى الطرفان إلى التوصل إلى اتفاق بشأن الفترة الانتقالية ليتم توقيعه من قبل قادة الاتحاد الأوروبي في قمة بروكسل الجمعة، وهو ما سيسمح بإطلاق المحادثات بشأن العلاقة المستقبلية بين بريطانيا والتكتل في أبريل (نيسان) المقبل.
في السياق ذاته، وافقت بريطانيا من حيث المبدأ على خطة «مؤقتة» بشأن وضع الحدود مع آيرلندا، التي ستبقى آيرلندا الشمالية، الخاضعة لسلطة لندن، بموجبها ضمن الاتحاد الجمركي الأوروبي في حال لم يتم التوصل إلى حل أفضل. وأفاد الطرفان بأن المسألة الشائكة ستحتاج إلى محادثات إضافية ليتم حلها.
ويصر الاتحاد الأوروبي على أن أي اتفاق يجب أن يضمن عدم وجود «حدود فعلية» بين آيرلندا، العضو في التكتل، وآيرلندا الشمالية، مشيراً إلى أن ذلك قد يشكل خطراً على اتفاق سلام تم التوصل إليه عام 1998، وأنهى عقوداً من العنف الطائفي في المنطقة.
وكانت ماي قالت قبل عدة أسابيع إنه «لا يمكن لأي رئيس وزراء القبول إطلاقاً» بالخطة التي اعتبرت آنذاك أنها ستقوض وحدة بريطانيا الدستورية وتؤدي إلى خلق حدود بين آيرلندا الشمالية وبقية أراضي المملكة المتحدة.
ووصف كذلك الحزب المؤيد لبريطانيا في آيرلندا الشمالية، الذي يدعم حكومة ماي، الفكرة في وقت سابق بأنها «غير مقبولة». لكن ديفيس نفى أن تكون بريطانيا تراجعت عن موقفها السابق في هذا الشأن، مشيراً إلى أنها لا تزال تضغط من أجل التوصل إلى حل كجزء من اتفاق تجاري، ما سيعني أنه لن تعود هناك ضرورة لبقاء الحل المؤقت.
من جهته، قال وزير الخارجية الآيرلندي سايمون كوفيني الذي التقى بارنييه في بروكسل أمس، إن «مفاوضات بريكست تحرز تقدماً». ولدى ورود المعلومات بشأن الاتفاق، بلغت قيمة الجنيه الإسترليني مقابل الدولار 1.41 دولار و87 بنساً مقابل اليورو.
وشهدت العلاقات بين لندن وبروكسل تقارباً خلال الأيام الأخيرة على خلفية تسميم عميل مزدوج روسي سابق في بريطانيا، حيث أعرب وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الاثنين، عن «تضامنهم المطلق» مع المملكة المتحدة إثر محاولة قتل سيرغي سكريبال.



كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

TT

كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)

يؤدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الاثنين)، اليمين الدستورية بصفته الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة. أما التأثير العالمي لولايته الثانية فقد بدأ يُشعر به بالفعل قبل انطلاق العهد الجديد. فمن القدس إلى كييف إلى لندن إلى أوتاوا، غيّر فوز ترمب الانتخابي وتوقع أجندة ترمب الجديدة حسابات زعماء العالم، حسبما أفادت شبكة «بي بي سي» البريطانية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال إلقائهما كلمة مشتركة بالبيت الأبيض في واشنطن بالولايات المتحدة يوم 28 يناير 2020 (رويترز)

اتفاق وقف النار في غزة

لقد أحدث دونالد ترمب تأثيراً على الشرق الأوسط حتى قبل أن يجلس في المكتب البيضاوي لبدء ولايته الثانية بصفته رئيساً. قطع الطريق على تكتيكات المماطلة التي استخدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالتحالف مع شركائه في الائتلاف القومي المتطرف، لتجنب قبول اتفاق وقف إطلاق النار الذي وضعه سلف ترمب جو بايدن على طاولة المفاوضات في مايو (أيار) الماضي. ويبدأ ترمب ولايته الثانية مدعياً الفضل، مع مبرر معقول، في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وفق «بي بي سي».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال لقاء في الأمم المتحدة في نيويورك يوم 25 سبتمبر 2024 (رويترز)

قلق الحكومة البريطانية

ترمب وفريقه مختلفان هذه المرة، وأكثر استعداداً، وربما بأجندة أكثر عدوانية، لكن سعادة ترمب بإبقاء العالم في حيرة واضحة. فهذا الغموض المصاحب لترمب هو ما تجده المؤسسة السياسية البريطانية صادماً للغاية.

حصلت سلسلة من الاجتماعات السرية «للحكومة المصغرة» البريطانية، حيث حاول رئيس الوزراء كير ستارمر، والمستشارة راشيل ريفز، ووزير الخارجية ديفيد لامي، ووزير الأعمال جوناثان رينولدز «التخطيط لما قد يحدث»، وفقاً لأحد المصادر.

قال أحد المطلعين إنه لم يكن هناك الكثير من التحضير لسيناريوهات محددة متعددة للتعامل مع ترمب؛ لأن «محاولة تخمين الخطوات التالية لترمب ستجعلك مجنوناً». لكن مصدراً آخر يقول إنه تم إعداد أوراق مختلفة لتقديمها إلى مجلس الوزراء الموسع.

قال المصدر إن التركيز كان على «البحث عن الفرص» بدلاً من الذعر بشأن ما إذا كان ترمب سيتابع العمل المرتبط ببعض تصريحاته الأكثر غرابة، مثل ضم كندا.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعقدان اجتماعاً ثنائياً في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 28 يونيو 2019 (رويترز)

صفقة محتملة

في الميدان الأوكراني، يواصل الروس التقدم ببطء، وستمارس رئاسة ترمب الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق بين روسيا وأوكرانيا. وهناك حقيقة صعبة أخرى هنا: إذا حدث ذلك، فمن غير المرجح أن يكون بشروط أوكرانيا، حسب «بي بي سي».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (حينها مرشحاً رئاسياً) يصعد إلى المنصة لإلقاء كلمة حول التعليم أثناء عقده تجمعاً انتخابياً مع أنصاره في دافنبورت بولاية أيوا بالولايات المتحدة يوم 13 مارس 2023 (رويترز)

سقوط ترودو في كندا

يأتي عدم الاستقرار السياسي في أوتاوا في الوقت الذي تواجه فيه كندا عدداً من التحديات، وليس أقلها تعهد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع الكندية.

حتى وقت قريب، بدا جاستن ترودو عازماً على التمسك برئاسته للوزراء، مشيراً إلى رغبته في مواجهة بيير بواليفير - نقيضه الآيديولوجي - في استطلاعات الرأي. لكن الاستقالة المفاجئة لنائبة ترودو الرئيسية، وزيرة المالية السابقة كريستيا فريلاند، في منتصف ديسمبر (كانون الأول) - عندما استشهدت بفشل ترودو الملحوظ في عدم أخذ تهديدات ترمب على محمل الجد - أثبتت أنها القشة الأخيرة التي دفعت ترودو للاستقالة. فقد بدأ أعضاء حزب ترودو أنفسهم في التوضيح علناً بأنهم لم يعودوا يدعمون زعامته. وبهذا، سقطت آخر قطعة دومينو. أعلن ترودو استقالته من منصب رئيس الوزراء في وقت سابق من هذا الشهر.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقائه الرئيس الصيني شي جينبينغ في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 29 يونيو 2019 (رويترز)

تهديد الصين بالرسوم الجمركية

أعلنت بكين، الجمعة، أن اقتصاد الصين انتعش في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، مما سمح للحكومة بتحقيق هدفها للنمو بنسبة 5 في المائة في عام 2024.

لكن العام الماضي هو واحد من السنوات التي سجلت أبطأ معدلات النمو منذ عقود، حيث يكافح ثاني أكبر اقتصاد في العالم للتخلص من أزمة العقارات المطولة والديون الحكومية المحلية المرتفعة والبطالة بين الشباب.

قال رئيس مكتب الإحصاء في البلاد إن الإنجازات الاقتصادية التي حققتها الصين في عام 2024 كانت «صعبة المنال»، بعد أن أطلقت الحكومة سلسلة من تدابير التحفيز في أواخر العام الماضي.

وفي حين أنه نادراً ما فشلت بكين في تحقيق أهدافها المتعلقة بالنمو في الماضي، يلوح في الأفق تهديد جديد على الاقتصاد الصيني، وهو تهديد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على سلع صينية بقيمة 500 مليار دولار.