«حي السماوات السبع»... الوجع بنبرة هادئة

قصيدة عراقية طويلة عن نيويورك

«حي السماوات السبع»... الوجع بنبرة هادئة
TT

«حي السماوات السبع»... الوجع بنبرة هادئة

«حي السماوات السبع»... الوجع بنبرة هادئة

قصيدة العراقي حسام السراي، الصادرة حديثاً، جاءت في كُتيب بحجم جرح طازج، يحدق شاعرها بمدينة نيويورك، زائراً، بعينين عراقيتين تكتنزان الدم والدمع، بينما تشع منهما دهشة طفل مثقل بإرث من اللامعنى واللاتفاهم والحيرة.
لم ير السراي إلى تلك المدينة الأميركية الشهيرة بنظرة البدوي السائح، إنما رآها ببصيرة جرحه الشخصي، رغم علّامات وشواخص من البرجين التوأم ونجوم سينما ومسرح وإشارات مرور، تدخل في نصه كإشارات لمكان عابر، فالمكان الأصلي وزمنه جاء عبر إحالات مختلفة وتسميات واضحة أكثرها حضوراً هو الموت الفولكلوري في بلده كخلفية للنص تشي بديكور الدراما الماثلة في البيوت والشوارع ومدارس الأطفال والمساجد وأسواق الخضار:
«الأسهل أن تذمر دماغك-وأن لا تنشغل بصوت شهقة جثة مررت بها-مثل صورة تذكارية لرب أسرة كنيته(حيرة العيش هناك)».
زمان القصيدة ومكانها يتناوبان الشرح الضروري للعثمة المشهد: مشهد العراقي الحائر بماضيه الملغوم في المكان المعلوم وحاضره المضطرب في مدينة معلومة، هي أيضاً، لكنها عصية على التفاهم لتصبح الغربة، غربة الشاعر، حالة مركبة غير قابلة للتبسيط.
قصيدة واحدة عن نيويورك، وليست عنها، هي قصيدة بندولية وإن مضت باتجاهات عدة، تختصر صرخة مكتومة وإن لم ترد في متن أو هامش تدعو: اسمعني أيها العالم وتشمم قميصي المنقوع بالدخان والشظايا والخرس.
هكذا، يعبر الطفل العراقي قارات الدهشة من بغداد إلى نيويورك، من «الجهة المقابلة الغيتار يعبر-على كتف بنت تتورد وجنتاها. من البعيد الأبعد، أصوات خشب النعوش- وهي تحج إليك من (المستوطنة العظيمة) -تطفئ كل هذه المشاهد- وبياض حروف القماشة المستطيلة - يحتل الجمجمة بمفتتحٍ بليغ: (ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل…».
حسام السراي لا يكتب بل يتفرس. لا ينتقي الكلمات كشاعر محترف بل يحفر في الحدث الأقدم كأثري شاب لا يملك أمام مكتشفاته العجيبة غير الذهول، وهو في لحظة مقارنات مكتوبة أو مسلوبة، بين مكانين وزمنين:بغداد ونيويورك، ولا يرى ضيراً في هذا حتى لو تصدع جراء تلك المقارنات:
«تصدعني المقارنات في العناوين ونقاط العبور وتعاليم الحظوة بين أن تكون هنا ولا تكون هناك، فما من خطأ لفظي أو هفوة تعبير في استقدام خبث السؤال عن بانوراما أجناس تكرز ترف العيش وسيارات Chevrolet وقطط وكلاب زينة تلتزم بإشارات المرور. البانوراما النظيرة: السيارات تنفجر أينما كانت مركونة، القطط تتعود - منذ فبراير (شباط) 2006 - عطن أشلاء علي وعمر ومن تلاهما من العراقيين، الكلاب تهرّ معتذرة عن سوءات جلبة الشركاء في (المنطقة الخضراء)».
ثمة مباشرة أو تقريرية، هنا (أو هناك)؟ لا بأس، أيها الشاعر، لأن الولد الجريح فيك غير قابل للجناس والتورية والكناية، حيث صرخة «آخ» في مكانها المناسب: أنت في حال من يرى إلى العالم وهو في وضع يأس لا يحتمل البلاغة، حيث «قدرك المحتم، صياد كراهة يتتبعها تلمع بين من يتجاورون في المساجد ركوعاً وينبذون بعضهم بعضاً في البيوت».
الغريب في مداراته... يدور الألم بلا صراخ بل بلغة هامسة وهو يبوح لنفسه كمن يناجيها في المرآة، على مقربة من قاتل وقتيل يتبادلان الأدوار عندما تعم «الانتماءات العمياء» ويستفرد الحديد الحار باللحم البشري الحي وهو يسير أعزل بلا راية إلا من مصادفة نادرة الوقوع أبقته على قيد الحياة: «لمَ تسافر وحدك، ولا ترفع راية بين الرايات؟».
قصيدة السراي، التي ضمها كتاب واحد، وزعها على خمسة مقاطع لا فاصل بينها، حتى إن كان بصرياً أو تنقيطياً، لتجيء على هيئة تداعٍ متصل يختتم كل مقطع باستدراك، والحصيلة خمسة استدراكات هي استئنافات ما قيل، لكأن الشاعر يتدبر فجوة هنا أو هناك لم يدركها كما ينبغي أو هو يحيل قارئه إلى غياب طارئ بفعل ضغوط التقنية وربما امتدادات الكلام. لم يدخل الشاعر نيويورك بمشاعر مسبقة، والمقارنات التي ترد في النص تؤكد هذا: بعض المسرّات وفجاءة الدهشة في المدينة الكبيرة حيث لا حواجز مسلحة ولا أسوار كونكريتية تفصل بين أحيائها، بل ثمة شقة روبرت دي نيرو وإعلان «كوداك» الشهير ونيونات برودواي، مقابل القتل على الهوية والتفجيرات والصراع الطائفي المسلح هناك، في عاصمة الوطن الأم، عدا وقوف الشاعر الزائر على مشهد البرجين التوأم ولكن من وجهة نظر نقدية غاضبة ضد فكرة العنف المتطرف القادم من الشرق المسلح:
«في نيويورك 11 سبتمبر (أيلول) 2001: طائرتان متقدتان بين السحب - أعلى فأعلى تصاعد تحليقهما -على المقاعد - تلاقت ذئاب كانت منا ذات يوم – نحن طرائدها في الجنة والنار-التلاوة والتسبيح مهارات يسكنها احتراق الكيروسين».
حسام السراي شاعر شاب، نشط، حسب سيرته الذاتية، بعد عام 2003 أي أنه مواطن عراقي «مخضرم» بين حقبتين: الديكتاتورية وما خلفها من الطائفية، الأمر الذي أهله ليكون شاهداً على مرحلتين سياسيتين قاسيتين، لكنه من الشعراء الشبان القلة الذين وصلتنا أصواتهم بنبرة خفيضة مهما علا صراخ الألم وهم ينظرون إلى حولهم بعيون مذبوحة.
كريم رسن، الفنان التشكيلي الذي صمم غلاف المجموعة ووضع التخطيطات الداخلية، كان بمستوى النص وأدرك فجيعة صاحبه وهو يسير معه، جنباً إلى جنب، نحو الارتقاء بالأداء البصري والروحي وإغناء التجربة الشعورية والشعرية، عبر أشكاله البشرية المشوشة والغريبة في حركتها المضطربة، بالأسود والأبيض في فضاء متوتر وحساس.



احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)
تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)
TT

احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)
تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)

توصّلت دراسة أجراها باحثون من جامعة توركو الفنلندية، إلى أنّ الوقوف لفترات طويلة في العمل له تأثير سلبي في قياسات ضغط الدم على مدى 24 ساعة.

وتكشف النتائج عن أنّ الوقوف لفترات طويلة يمكن أن يرفع ضغط الدم، إذ يعزّز الجسم مسارات الدورة الدموية إلى الأطراف السفلية عن طريق تضييق الأوعية الدموية وزيادة قوة ضخّ القلب. وعلى النقيض من ذلك، ارتبط قضاء مزيد من الوقت في وضعية الجلوس في العمل بتحسُّن ضغط الدم.

وتشير الدراسة، التي نُشرت في مجلة «ميديسين آند ساينس إن سبورتس آند إكسيرسيس»، إلى أنّ السلوكيات التي يغلب عليها النشاط في أثناء ساعات العمل قد تكون أكثر صلة بقياسات ضغط الدم على مدار 24 ساعة، مقارنةً بالنشاط البدني الترفيهي.

تقول الباحثة في الدراسة، الدكتورة جووا نورها، من جامعة «توركو» الفنلندية: «بدلاً من القياس الواحد، فإن قياس ضغط الدم على مدار 24 ساعة هو مؤشر أفضل لكيفية معرفة تأثير ضغط الدم في القلب والأوعية الدموية طوال اليوم والليل».

وتوضِّح في بيان منشور، الجمعة، على موقع الجامعة: «إذا كان ضغط الدم مرتفعاً قليلاً طوال اليوم ولم ينخفض ​​بشكل كافٍ حتى في الليل، فتبدأ الأوعية الدموية في التصلُّب؛ وعلى القلب أن يبذل جهداً أكبر للتعامل مع هذا الضغط المتزايد. وعلى مرّ السنوات، يمكن أن يؤدّي هذا إلى تطوّر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية».

وأظهرت دراسات سابقة أنّ ممارسة الرياضة في وقت الفراغ أكثر فائدة للجهاز القلبي الوعائي من النشاط البدني الناتج عن العمل، الذي ربما يكون ضاراً بالصحّة، مشدّدة على أنّ التمارين الرياضية المنتظمة مهمة للسيطرة على ضغط الدم.

وعلى وجه الخصوص، تعدّ التمارين الهوائية الأكثر قوة فعالةً في خفض ضغط الدم، ولكن وفق نتائج الدراسة الجديدة، فإنّ النشاط البدني اليومي يمكن أن يكون له أيضاً تأثير مفيد.

في الدراسة الفنلندية، تم قياس النشاط البدني لموظفي البلدية الذين يقتربون من سنّ التقاعد باستخدام أجهزة قياس التسارع التي يجري ارتداؤها على الفخذ خلال ساعات العمل، وأوقات الفراغ، وأيام الإجازة. بالإضافة إلى ذلك، استخدم المشاركون في البحث جهاز مراقبة ضغط الدم المحمول الذي يقيس ضغط الدم تلقائياً كل 30 دقيقة لمدّة 24 ساعة.

وتؤكد النتائج أنّ طبيعة النشاط البدني الذي نمارسه في العمل يمكن أن يكون ضاراً بالقلب والجهاز الدوري. وبشكل خاص، يمكن للوقوف لفترات طويلة أن يرفع ضغط الدم.

وتوصي نورها بأنه «يمكن أن يوفر الوقوف أحياناً تغييراً لطيفاً عن وضعية الجلوس المستمر على المكتب، ولكن الوقوف كثيراً يمكن أن يكون ضاراً. من الجيد أن تأخذ استراحة من الوقوف خلال العمل، إما بالمشي كل نصف ساعة أو الجلوس لبعض أجزاء من اليوم».

ويؤكد الباحثون أهمية النشاط البدني الترفيهي لكل من العاملين في المكاتب وفي أعمال البناء، وتشدّد نورها على أنه «جيد أن نتذكّر أنّ النشاط البدني في العمل ليس كافياً بذاته. وأنّ الانخراط في تمارين بدنية متنوّعة خلال وقت الفراغ يساعد على الحفاظ على اللياقة البدنية، مما يجعل الإجهاد المرتبط بالعمل أكثر قابلية للإدارة».