11 عضواً في مجلس الأمن يطالبون بـ«عمل حاسم» لحماية لشعب السوري

{الشرق الأوسط} تنشر نص رسالة أعدتها المندوبة الأميركية

TT

11 عضواً في مجلس الأمن يطالبون بـ«عمل حاسم» لحماية لشعب السوري

يستعد تحالف من 11 عضواً في مجلس الأمن بقيادة الولايات المتحدة لتوجيه اتهام مباشر، اليوم (الاثنين)، أو غداً (الثلاثاء)، إلى روسيا، بأنها تنتهك تنفيذ القرار «2401» الذي اتخذه مجلس الأمن بالإجماع في 24 فبراير (شباط) الماضي، وبالتالي تعرض النظام الدولي للخطر، داعياً إلى «عمل حاسم» لتحقيق «الوقف التام للعمليات العدائية في كل أنحاء سوريا، من أجل تيسير الوصول الإنساني، وحماية الشعب السوري».
وعلمت «الشرق الأوسط» أن المندوبة الأميركية الدائمة، نيكي هيلي، استضافت اجتماعات لنظرائها من الدول الـ11 «المتماثلة التفكير» في مجلس الأمن، بدءاً من منتصف الأسبوع الماضي من أجل «مناقشة إصدار قرار جديد يركز على وقف النار في الغوطة الشرقية، بناء على مشروع قرار أعدته الولايات المتحدة». بيد أن بعض المندوبين أشاروا إلى «معطيات تفيد بأن روسيا ستستخدم ضده حق النقض، الفيتو، لتعطيله»، محذرين من أن «ذلك سيعني أيضاً تقويض القرار 2401 وأي إمكانية لتنفيذه مستقبلاً».
والدول الـ11 المتماثلة التفكير في مجلس الأمن هي: «الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والسويد وهولندا وإثيوبيا وبولونيا والبيرو والكويت وغينيا الاستوائية وساحل العاج».
ولم يدع إلى هذه الاجتماعات المندوبون الدائمون لكل من روسيا والصين وبوليفيا وكازاخستان.
وعلى الأثر، لجأت الدبلوماسية الأميركية إلى صوغ رسالة باسم المجتمعين نصَّت صيغتها الأولى على إلقاء تبعات عدم تنفيذ القرار 2401 على كل من السلطات السورية وداعمها الروسي، وعلى مطالَبَة مجلس الأمن بأن «يتخذ فوراً كل الإجراءات الضرورية الممكنة لتنفيذ الوقف التام للأعمال العدائية». وكشف دبلوماسيون أن التأخر في إصدار الرسالة مرده إلى «تباينات» في نقطتين رئيسيتين، الأولى مرتبطة بـ«درجة التنديد بروسيا»، والثانية متعلقة بـ«إيلاء العناية التامة للوضع في عفرين، وعدم التركيز حصراً على الغوطة الشرقية»، علماً بأن ذلك «يمكن أن يثير غضب تركيا».
وحصلت «الشرق الأوسط» على الرسالة التي أعدتها المندوبة الأميركية باسمها وبأسماء زملائها، ومن المقرر أن توجهها إلى رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي المندوب الهولندي الدائم كاريل أوستروم، صباح اليوم (الاثنين)، أو غداً (الثلاثاء). وهي تنص على أنهم يكتبون من أجل «التعبير عن قلقنا العميق حيال الافتقار إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 2401، من كل من الجمهورية العربية السورية والاتحاد الروسي، علماً بأنه صدر بالإجماع في 24 فبراير 2018»، طالبين أن توزع هذه الرسالة كوثيقة رسمية لمجلس الأمن.
وذكروا بأن القرار «يطالب كل الأطراف بوقف الأعمال العدائية في كل أنحاء سوريا من دون تأخير، والامتناع عن الهجمات ضد المدنيين، والسماح بالوصول المستدام وغير المعرقل والأمن للمعونة والخدمات الإنسانية وبالإجلاء الطبي غير المشروط والأمن»، ملاحظين أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أحاط مجلس الأمن في 12 مارس (آذار) بأنه على رغم دعم المجلس بالإجماع للقرار 2401 «نرى انتهاكات فاضحة، وهجمات عشوائية، وإخفاقاً في حماية المدنيين والبنى التحتية المدنية»، فضلاً عن أن «توفير المعونة والخدمات الإنسانية ليس آمناً ومعرقل وغير مستدام»، وأنه «يستحيل إيصال معونة كهذه خلال فترة الساعات الخمس التي أعلنتها روسيا»، كما أن «الحصار لم يُرفع، ولم يجر إجلاء أي شخص من الحالات الحرجة للمرضى والجرحى حتى مضي 15 يوماً على القرار. باختصار، ليس هناك وقف للعمليات العدائية».
ونقلوا عن الأمين العام ملاحظته أيضاً أنه «بالتحديد في الغوطة الشرقية، فإن الغارات الجوية والقصف والهجمات البرية اشتدت بعد إصدار القرار 2401 مزهقة أرواح مئات عدة من المدنيين»، مضيفاً أن «السلطات السورية وحلفاءها صعدوا الغارات الجويّة وشنوا هجوماً برياً بعد إصدار القرار 2401»، وأن «هناك تقارير مزعجة عن استمرار استخدام الأسلحة الكيماوية». وبالإضافة إلى «مواصلة حملتها العنيفة»، أفاد الأمين العام بأن «السلطات السورية عرقلت عمداً إيصال المعونة الإنسانية من خلال إزالة نحو 70 في المائة من المواد الطبية من القافلة الوحيدة التي أوصلت إلى الغوطة الشرقية منذ إصدار القرار»، مضيفاً أن «الأمم المتحدة لا تزال تنتظر الإذن بإتمام إيصال المساعدة إلى دوما لجميع الناس البالغ عددهم 70 ألفاً علماً أن السلطات السورية وافقت عليها مبدئياً»، مشدداً على أن «إيصال كل المؤن الإنسانية الضرورية، بما في ذلك اللوازم الطبية والصحية التي أزيلت سابقاً، لا يزال ضرورياً بإلحاح ويجب ضمانه من دون تأخير».
وتؤكد رسالة المندوبين الدائمين لهذه الدول أنه «كدول أعضاء في الأمم المتحدة، يجب أن نتفانى جميعاً لتنفيذ قرارات مجلس الأمن» الذي «يجب أن يقف خلف قراراته ويضمن أن لها معنى» لئلا «نخاطر بتقويض صدقية النظام الدولي».
وحضوا «كل أعضاء الأمم المتحدة، وبخاصة الجمهورية العربية السورية والاتحاد الروسي، كعضو دائم في مجلس الأمن، على الوفاء التام بمطالب القرار 2401، الذي يمكن، في حال تنفيذه، أن ينقذ مئات إذا لم يكن الآلاف من الأطفال والنساء والرجال الذين عانوا بحدة خلال السنوات الثماني الماضية من الحرب الوحشية في سوريا».
وحذروا من أنه «إذا لم تنفذ الدول الأعضاء هذا القرار، لا مناص من أن يسعى هذا المجلس إلى عمل حاسم لتحقيق الوقف التام للعمليات العدائية في كل أنحاء سوريا، من أجل تيسير الوصول الإنساني، وحماية الشعب السوري».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.