القوات التركية تسيطر على كامل عفرين السورية

سيطرت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها، اليوم (الأحد)، على مدينة عفرين شمال سوريا، إثر عملية عسكرية استمرت نحو شهرين، وأسفرت عن مقتل أكثر من 1500 مقاتل كردي.
وحققت تلك القوات تقدماً سريعاً داخل المدينة التي تعرضت لقصف عنيف خلال الأيام الماضية دفع بأكثر من 250 ألف مدني للفرار منها.
وقالت وكالة الصحافة الفرنسية، إن مقاتلين من الفصائل الموالية لأنقرة وجنوداً أتراكاً ينتشرون في أحياء المدينة. ووقفت دبابتان للقوات التركية أمام مبنى رسمي، فيما أطلق مقاتلون النار في الهواء ابتهاجاً.
وتحدث أحد السكان عن غياب الاشتباكات، مشيراً إلى «انسحاب» المقاتلين الأكراد من المدينة. وسمع آخر خلال ساعات الصباح الأولى أصوات إطلاق رصاص، حسب الوكالة.
وعمد بعض المقاتلين الموالين لأنقرة، وفق مراسل للوكالة، إلى إحراق أحد متاجر المشروبات الكحولية والاحتفال حوله.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في وقت سابق، اليوم الأحد، أن «وحدات من (الجيش السوري الحر) مدعومة من القوات المسلحة التركية سيطرت على مركز مدينة عفرين بالكامل»، مشيراً إلى عمليات نزع ألغام تجري حالياً في المدينة.
وقال المتحدث باسم الحكومة التركية بكر بوزداغ على حسابه على «تويتر» «عملنا لم ينته (....) لكن الإرهاب والإرهابيين انتهوا من عفرين».
من جانبه، أكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أن بلاده لا تطمع باقتطاع أجزاء من أراضي أي دولة، وذلك بعد السيطرة على مركز مدينة عفرين. موضحا في تصريحات نقلتها وكالة «الأناضول» للأنباء، أن «تركيا تهدف إلى نشر السلام والأمن داخل حدودها وفي العالم بأسره».
وتوفي جندي تركي، اليوم (الأحد)، متأثراً بجروح أصيب بها قبل أيام خلال العملية العسكرية في عفرين، بحسب بيان لرئاسة الأركان التركية.
واعتبر مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن التقدم السريع للقوات التركية يعود للقصف العنيف الذي تعرضت له المدينة خلال الأيام الماضية، وطال الجمعة مستشفى رئيسياً في المدينة.
وبدأت تركيا وفصائل سورية موالية في 20 يناير (كانون الثاني)، حملة عسكرية تحت تسمية «غصن الزيتون» ضد منطقة عفرين، قالت أنقرة إنها تستهدف «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تصنفها «إرهابية»، وتعتبرها امتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمرداً ضدها منذ عقود.
وتخشى أنقرة إقامة حكم ذاتي كردي على حدودها على غرار كردستان العراق، وطالما أكدت طوال النزاع السوري على عدائها لأكراد سوريا الذين أقاموا إدارة ذاتية في شمال وشمال شرقي البلاد التي قسموها إلى ثلاثة أقاليم، بينها إقليم عفرين.
وتُعد منطقة عفرين المعروفة ببساتين الزيتون المنتشرة فيها على مد النظر، أول منطقة اختبر فيها الأكراد الحكم الذاتي بعد اندلاع النزاع، ثم انسحاب قوات النظام منها في العام 2012.
وخلال نحو شهرين من العملية العسكرية، سيطرت القوات التركية على مساحات واسعة في منطقة عفرين بينها الشريط الحدودي، قبل أن تتمكن اليوم من دخول المدينة.
وأسفر الهجوم التركي عن مقتل أكثر من 1500 مقاتل كردي، وفق ما قال عبد الرحمن الذي أوضح أن «غالبيتهم قتلوا في غارات وقصف مدفعي للقوات التركية».
ووثق «المرصد» في المقابل مقتل أكثر من 400 مقاتل من الفصائل السورية الموالية لأنقرة. كما أعلن الجيش التركي حتى الآن عن مقتل 46 من جنوده.
وأمام الهجوم التركي، طالب الأكراد النظام السوري بالتدخل، وبعد مفاوضات دخلت قوات محدودة تابعة للنظام انتشرت على جبهات عدة، لكن سرعان ما استهدفها الأتراك بالقصف.
وأراد الأكراد بشكل أساسي من قوات النظام نشر دفاعات جوية تتصدى للطائرات التركية، وهو ما لم يحصل.
وحمل الأكراد، «التحالف الدولي»، حليفهم الرئيسي ضد تنظيم داعش، جزءاً من المسؤولية. واعتبروا أن «التحالف الدولي» تخلى عنهم لعدم تمكنه من منع تركيا من شن هجومها على عفرين.
وأسفر الهجوم التركي أيضاً، وفق «المرصد»، عن مقتل 289 مدنياً، بينهم 43 طفلاً. وتنفي أنقرة قصف المدنيين، مؤكدة أنها تستهدف مواقع القوات الكردية فقط.
ودفع اقتراب المعركة من مدينة عفرين بـ250 ألف شخص للفرار منها منذ يوم الأربعاء، وفق «المرصد». وتوجه معظمهم إلى مناطق تسيطر عليها قوات النظام السوري في شمال حلب.
وقال عبد الرحمن إن عفرين اليوم «عبارة عن مدينة شبه خالية من السكان بحيث لم يبق فيها سوى بضعة آلاف مدني فقط».
وتشهد سوريا منذ العام 2011 نزاعاً دخل الخميس عامه الثامن مع حصيلة قتلى تخطت 350 ألف شخص.
وزاد الهجوم التركي في عفرين من تعقيدات النزاع السوري الذي تشعب، ولا سيما مع تدخل قوى كبرى فيه.