نصر الله يتهم خصومه الانتخابيين بدعم «داعش» و«النصرة»

في وجه اعتراضات شيعية واسعة على أداء مرشحيه في بعلبك ـ الهرمل

TT

نصر الله يتهم خصومه الانتخابيين بدعم «داعش» و«النصرة»

تدخل أمين عام «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله، من أجل حشد الأصوات الانتخابية للائحة «الأمل والوفاء» التي يدعمها الحزب في دائرة بعلبك - الهرمل، وهو ما اعتبره خصومه «استخداماً لخط الدفاع الأخير عن مرشحيه»، في ظل موجة اعتراض متنامية ضدهم من داخل البيئة الشيعية، على خلفية ما يسميه المنافسون «فشل نواب الحزب في تنمية المنطقة وتقديم الخدمات».
ويواجه الحزب في هذه الدائرة، أكثر من أي دائرة انتخابية أخرى، موجة اعتراض شيعية من ضمن بيئته، تتمثل في عدد كبير من المرشحين الشيعة، ما زالوا يواجهون معضلة عدم التوحد في لائحة واحدة. ويقول الخبراء الانتخابيون إنه إذا توحد هؤلاء في لائحة وازنة، فإن خسائر الحزب الانتخابية لن تقتصر على المرشحين السنّة الاثنين، أو المرشح المسيحي الذي لم تتم تسميته بعد بانتظار اتفاق مع «التيار الوطني الحر» لتسميته، بل ستطول النواب الشيعة بخروق تصل إلى 3 في حال توحد الخصوم.
وتمثل هذه المنطقة خزاناً شيعياً موالياً للحزب، وتعاني من الحرمان الإنمائي، وحاول الحزب احتواء موجة الاعتراضات المتنامية بالإعلان على لسان مسؤوليه عن حجم الخدمات وقيمتها التي قدمت للمنطقة، وكان آخرها من وزير الصناعة حسين الحاج حسن في الأسبوع الماضي، حيث قال إن أداء نواب ووزراء كتلة الوفاء للمقاومة وتكتل بعلبك - الهرمل في المجلس النيابي واللجان النيابية والحكومة، يشيد به الخصوم قبل الحلفاء، وإن «قيمة ما تم تنفيذه في مشاريع البنى التحتية في بعلبك - الهرمل، بلغت خلال 8 سنوات 780 مليون دولار».
ولم تسهم تلك التطمينات في احتواء موجة الاعتراض التي شارك فيها مقربون من الحزب وترشحوا ضده، وهو ما استدعى تصريحاً من نصر الله خلال لقاء داخلي تحدث فيه مع محازبي منطقة بعلبك - الهرمل عبر الشاشة، هاجم فيه «من يشنون الهجمات على لائحة (الأمل والوفاء) في دائرة بعلبك - الهرمل مطلقاً عليهم تسمية (حلفاء داعش والنصرة)»، بحسب ما ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية. ونقلت الوكالة عنه قوله: «لن أسمح ولن نسمح أن يمثل حلفاء النصرة وداعش أهالي بعلبك - الهرمل، وأهالي بعلبك - الهرمل لن يسمحوا لمن سلّحوا النصرة وداعش أن يمثلوا المنطقة».
وقال: «السؤال الصحيح ليس ماذا قدم حزب الله للمنطقة، السؤال الصحيح هو ماذا قدم هؤلاء المرشحون في اللوائح الأخرى من الذين يقتاتون على مائدة السفارات للمنطقة؟»، وحث نصر الله على «المشاركة بكثافة في الاستحقاق الانتخابي»، وقال: «في حال رأينا أن هناك وهناً في الإقبال على الانتخابات في بعلبك - الهرمل، فسأذهب بنفسي شخصياً لأتجول في قراها ومدنها وأحيائها للسعي إلى إنجاح هذه اللائحة مهما كانت الأثمان ولو تعرضت للخطر».
ورأى خصوم الحزب أن تنامي موجة الاعتراض «دفعته لاستخدام خط الدفاع الأخير عن اللائحة، عبر الاستعانة بنصر الله لمخاطبة الناس»، كما قال الناشط السياسي الدكتور حارث سليمان، لـ«الشرق الأوسط»: «هناك مشكلة كبيرة تواجه الحزب في بعلبك - الهرمل، حيث يستعملون كل الأسلحة لمواجهتها»، وقال: «سقطت مصداقية النواب والمسؤولين فيها، وباتت المعركة عند الشيعة، وليس عند الحلفاء السنة والمسيحيين فحسب»، مؤكداً أن «الاعتراض الشيعي يوازي بفعاليته حجم المقترعين السنة والمسيحيين، وإذا تم توحيد الاعتراض الشيعي في لائحة واحدة، فإننا سنشاهد معركة كسر عظم انتخابية وإذا نجحت ستكشف أن الحزب لا يمثل الشيعة، وستكشف حسابات قوى 14 آذار الخاطئة التي أهملت الصوت المعترض في الطائفة الشيعية في وقت سابق، وستثبت أن هناك خيارات شيعية أخرى لم تتم الاستفادة منها نتيجة كسل أو جهل بها».
وقال سليمان إن «حجم الاعتراض أكبر من الجنوب»، ذلك أن الناس في البقاع «أكثر تفلتاً من السلطة ولا يخافونها»، مضيفاً: «يستخدم الحزب ملف المقاومة والحماية من التنظيمات المتطرفة في معركته الانتخابية، ويتناسى أن الناس هي من قدمت الشهداء للحماية عن لبنان في وجه التنظيمات الإرهابية»، معتبراً أن «الرعب الذي يعيشه الحزب من الخروقات، يعود بأسبابه إلى الاعتراض الشيعي على ترشيحاته».
وتعرضت منطقة بعلبك - الهرمل لسلسلة تفجيرات واستهدفت بالصواريخ من قبل تنظيمي «النصرة» و«داعش» اللذين كانا يسيطران على القلمون الغربي والجرود الحدودية مع سوريا، وقاد الحزب عمليات عسكرية، ولاحقاً الجيش اللبناني في معركة «فجر الجرود»، أفضت إلى إقصاء التنظيمات من المنطقة.
ويمثل الشيعة في هذه المنطقة أغلبية، حيث تقدر أصواتهم الانتخابية بنحو 224 ألف ناخب، بينما تقدر أصوات السنّة بنحو 44 ألفاً، وأصوات المسيحيين بنحو 42 ألف ناخب.
وتفيد التقديرات بأن خرق لائحة الثنائي الشيعي بالصوت المسيحي «من السهل أن يتحقق» بالنظر إلى أن حزب «القوات اللبنانية» يمثل قسماً كبيراً من المسيحيين في المنطقة، كما تشير التقديرات إلى أن الكتلة السنية الناخبة من مناصري «تيار المستقبل» تستطيع الخرق بمرشح سني على الأقل، وهناك تقديرات بتحقيق الخرق بمرشحين، بحسب ما ترى ماكينة «المستقبل» الانتخابية. ويبقى التحدي بالنسبة لمعارضي الحزب من الشيعة أن يتوحدوا في لائحة واحدة، ما يسهل خرق اللائحة بـ3 مقاعد شيعية كما يقولون.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.